حمس تعلن فوزها وتحذر تبون من عواقب 'التزوير'

في استحضار لسيناريو العشرية السوداء، حركة مجتمع السلم أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، تقول إنها تتصدر نتائج الانتخابات التشريعية محذرة من "عواقب سيئة لتغيير النتائج على البلاد ومستقبل العملية السياسية".
إخوان الجزائر يستبقون نتائج الانتخابات بإعلان استعدادهم للحكم
هيئة الانتخابات تنفي اتهامات 'حمس'
حركة مجتمع السلم تقدم نفسها حزبا إسلاميا ديمقراطيا
العزوف الانتخابي يعيد إنتاج سلطة تبحث عن شرعية شعبية مفقودة   

الجزائر - أعلنت حركة مجتمع السلم أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر والمحسوبة على تيار الإخوان المسلمين، الأحد أنها تصدرت نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي شهدتها البلاد السبت مع نسبة مشاركة ضعيفة.

وقالت الحركة المعروفة اختصارا باسم 'حمس' وهي أكبر حزب إسلامي خاض الانتخابات التشريعية في الجزائر، في بيان "تؤكد حركة مجتمع السلم أنها تصدرت النتائج في أغلب الولايات"، منبهة إلى "أن ثمة محاولات واسعة لتغيير النتائج"، محذرة من أنه "سيكون لذلك عواقب سيئة على البلاد وعلى مستقبل العملية السياسية والانتخابية".

لكن السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر قالت إن اتهامات حركة مجتمع السلم (حمس) ، بوجود محاولات لسرقة فوزها في الاقتراع النيابي "لا مصداقية لها".

وحسب سلطة الانتخابات، فإن اتهامات حمس "لا صدق ولا مصداقية لها وتمس بالتزام السلطة المستقلة للانتخابات ونزاهتها التي يشهد بها الجميع".

وتابعت "نحن أهل أمانة (حماية الأصوات) وقادرون على صونها وسنعرضها أمام الشعب بكل شفافية ليتبين الصادق من المفتري".

ودعت حركة مجتمع السلم الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى "حماية الإرادة الشعبية المعبر عنها فعليا وفق ما وعد به"، فيما تعيد تحذيراتها إلى الأذهان سيناريو التسعينات أو ما بات يعرف إعلاميا باسم 'العشرية السوداء' وهي الفترة التي شهدت فيها الجزائر حربا أهلية قتل فيها أكثر من 200 ألف جزائري بعد أن ألغى الجيش نتائج الانتخابات التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ (والمعروفة باسم الفيس والمحظورة حاليا).

وشكلت تلك الفترة منعرجا خطيرا في تاريخ الجزائري بعد صدام بين الجيش والإسلاميين الذين تحصنوا بالجبال ونفذوا اعتداءات دموية قبل أن يطرح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي استقال في ابريل 2019 ميثاق المصالحة الوطنية الذي يقضي بالعفو عن الإسلاميين مقابل إلقاء السلاح والعودة للانخراط في الحياة العامة.

وحركة مجتمع السلم تطرح نفسها حزبا إسلاميا ديمقراطية وكانت قبل الاحتجاجات التي دفعت بوتفليقة للتراجع عن الترشح لولاية رئاسية خامسة ثم الاستقالة من منصبه، في ركب السلطة.

وبيان الحركة الإسلامية، يشكل في حدّ ذاته رسالة تهديد للسلم الأهلي في ظرف يعتبر بالغ الحساسية بالنسبة للجزائر التي تواجه بالفعل أزمة حكم تعمل فيها السلطة القائمة حاليا على تحصين شرعية ضعيفة وتكابد في مواجهة حراك شعبي يأبى التنازل عن مطلب رحيلها.

وفتح تبون مؤخرا الباب لمشاركة جماعات الإسلام السياسي في الحياة السياسية ما التزمت بالأطر والضوابط القانونية. وقال إن هذا الأمر لا يزعجه، مشيرا إلى تجربة تونس وتركيا حيث تشارك حركة النهضة الإسلامية في السلطة ويقود حزب العدالة والتنمية التركي الحكومة منذ العام 2002.   

 ومساء أمس السبت، قال محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، إن معدل المشاركة في الانتخابات التشريعية بلغ 30.2 بالمئة داخل البلاد، فيما لم تتعد 5 بالمئة في الخارج.

وتنتظر الجزائر صدور نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت السبت، في ظل نسبة مشاركة ضعيفة ما يؤشر إلى عدم اهتمام الجزائريين بها، بعد أن قاطعها الحراك وجزء من أحزاب المعارضة.

وعلى سبيل المقارنة، فقد بلغت نسبة المشاركة 35.70 بالمئة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2017 و42.90 بالمئة في انتخابات عام 2012. أما بالنسبة لتصويت الجزائريين في الخارج فكانت "ضعيفة جدا، بأقل من 5 بالمئة" كما أوضح شرفي.

وتراجعت المشاركة مقارنة بالانتخابات الرئاسية لعام 2019 والتي شهدت انتخاب عبدالمجيد تبون بنسبة 40 بالمئة فقط من الأصوات.

وكما كان الحال في المواعيد الانتخابية السابقة، فإن الامتناع عن التصويت يكاد يكون كليا في ولايات منطقة القبائل (شمال شرق)، في بجاية والبويرة وتيزي وزو، حيث لم تصل نسبة المشاركة إلى مستوى 1 بالمئة.

وكتبت صحيفة "ليبرتي" الناطقة بالفرنسية على صدر صفحتها الأولى "موجة مقاطعة واسعة"، معتبرة أنه "كما كان متوقعا قاطع غالبية الجزائريين صناديق الاقتراع. وأكدت نسبة المشاركة الضعيفة التوجه العام لرفض الانتخابات".

ومهما يكن فان النظام سيتأقلم مع الوضع، فقد اعتبر تبون بعد اقتراعه أنّ هذه النسبة "لا تهمّ"، موضحا "سبق أن قلتُ إنّه بالنسبة لي، فإنّ نسبة المشاركة لا تهمّ. ما يهمّني أنّ من يصوّت عليهم الشعب لديهم الشرعيّة الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعيّة".

ويمكن التعرف على الكتل التي ستشكل المجلس الشعبي الوطني المقبل بصفة عامة خلال يوم الأحد، لكن بسبب العملية الحسابية "المعقدة"، لا يمكن إعلان النتائج الرسمية قبل 96 ساعة، كما أوضح رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.

وجرت عمليات الاقتراع بشكل عام في هدوء كما في الجزائر العاصمة، حيث شارك عدد قليل من الناخبين في التصويت، وفي الولايات البعيدة، باستثناء منطقة القبائل الأمازيغية.

وفي هذه المنطقة المتمردة تقليديا، لم تفتح معظم مراكز الاقتراع واندلعت اشتباكات في عدة بلديات، مع تكسير صناديق الاقتراع، وفقا للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان واللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، اللتين تحدثتا عن اعتقال العشرات.

وقبل الانتخابات، ندد الحراك الذي طالب بتغيير جذري في "نظام" الحكم القائم منذ الاستقلال (1962)، بـ"مهزلة انتخابية" و"اندفاع متهور" للنظام، علما أن المعارضة العلمانية واليسارية دعت إلى مقاطعة الاقتراع.

ومهما يكن من أمر، تبدو الحكومة عازمة على فرض "خارطة الطريق" الانتخابية، متجاهلة مطالب الحراك: سيادة القانون والانتقال الديمقراطي والسيادة الشعبية والعدالة المستقلة.

ودعي نحو 24 مليون ناخب لاختيار 407 نوّاب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب في البرلمان) لمدّة خمس سنوات. وكان عليهم الاختيار بين 2288 قائمة أكثر من نصفها "مستقلّة"، أي أكثر من 22 ألف مرشّح.

وهي أوّل مرّة يتقدّم فيها هذا العدد الكبير من المستقلّين ضدّ مرشّحين تؤيّدهم أحزاب سياسيّة فقدت صدقيّتها إلى حدّ كبير وحُمّلت مسؤوليّة الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تمرّ بها الجزائر. وقد يستفيدون من الانتخابات، إلى جانب الأحزاب الإسلامية التي اختارت المشاركة وتقول إنها "جاهزة للحكم".

أما الفائزون في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2017 أي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، الشريكين في التحالف الرئاسي الذي دعم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، فقد فقدوا مصداقيتهم اليوم.

وقبل بداية العملية الانتخابية حذر رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة من "أي خطة أو عمل يهدف إلى تعطيل سير" الاقتراع.

وبذلت الحكومة جهودا في الأشهر الأخيرة لقمع الاحتجاجات وحظر التظاهرات وزيادة الاعتقالات والملاحقات القضائية التي تستهدف المعارضين ونشطاء الحراك والصحافيين والمحامين.