حملة تطعيم للفتيات في تونس تصطدم بالرفض والتشويه
تونس – تحولت حملة طبية أطلقتها وزارة الصحة في تونس لتطعيم الفتيات ضد فيروس الورم الحليمي المسبب لسرطان عنق الرحم إلى معركة ضد الدعايات السلبية والتحذيرات المغلوطة حول تأثيره، ما بات يهدد بإفشال هذا الإنجاز الصحي.
وأثارت حملة التطعيم جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي انخرط فيه بعض الأطباء الذين شككوا في سلامة التلقيح، محذرين من جعل الفتيات التونسيات فئران تجارب لشركات الأدوية العالمية ومن تداعياته على الخصوبة والنمو الطبيعي للفتيات، فيما أعلن عدد من الأولياء رفضهم حصول بناتهم على اللقاح، وطالبوا بعدم إجبارهن على ذلك.
وانطلقت الحملة بداية الأسبوع، حيث تستهدف تطعيم نحو 100 ألف فتاة تونسية في سن 12 عاما، سواء بالمدارس العامة أو عبر مراكز الصحة، وذلك في إطار استراتيجية وطنية للقضاء على أحد أكثر أنواع السرطان فتكا بالنساء.
وحسب الاحصائيات الرسمية، يعد سرطان عنق الرحم ثاني الأورام السرطانية التي تسجل لدى التونسيات بعد سرطان الثدي، إذ يسجل ما بين 300 إلى 400 حالة جديدة سنويا، مع 200 حالة وفاة تقريبا.
وأوضحت تنسيقية البرنامج الوطني للتلقيح بوزارة الصحة ن أكثر من 145 دولة أدرجت هذا التلقيح منذ العام 2006، وهو ما مكن عديد الدول من القضاء على هذا المرض، مؤكدة أنه لم يتم تسجيل أي أثر سلبي خطير على الفتيات اللاتي تلقينه حول العالم.
وعارض الطبيب أحمد خميرة هذا التلقيح في منشور عبر صفحته على فيسبوك، معتبرا أن لا فائدة في القيام به بالنسبة للوضع الصحي في تونس.
وقال إنه "ناجع بصفة نسبية وليست كاملة 100 بالمئة ضد سلالات معينة من الفيروس وليس ضد كل السلالات"، متابعا "والأرجح أن تلك السلالات ليست هي الأكثر انتشاراً لدينا… بالإضافة، وهذا الأهم التلقيح لا يخلو من المخاطر الجانبية".
وأضاف "في تونس نسبة حصول هذا السرطان اقل من 6 حالات لكل 100 ألف امرأة.. يعني أرقامنا اقل من الأرقام في السويد، مشككا في سلامة التلقيح الذي سيتم استخدامه".
وتابع "من يستعمل أوصاف وتعابير غير لائقة تجاه من يعارضون هذا التلقيح في تونس يجب أن يراجع نفسه ويفكر قليلا ولا يعتقد انو يمتلك الحقيقة خصوصا انو ما عندو حتى ادنى فكرة على محتوى التلقيح والمواد الموجودة داخله ولمضاعفات المتوقعة منه لا داعي لمقارنته بالتلاقيح القديمة اللي كبرنا معاها وطبقت في زمن كانت عندنا فيه ثقة كاملة في المؤسسات التي كانت تصنع التلاقيح قبل عقود".
وعبرت ناشطة عن رفضها القاطع لهذا التلقيح قائلة "بناتي ممنوع لمسهن لن أمضي على التلقيح ولا يتم تطعيمهن دون استشارتي"، متابعة "إذا لزم الأمر أخرجهن من التعليم العمومي والحقهن بالخاص".
وقال ناشط أخر " لقاح الورم الحليمي البشري يتم تسويقة على انه وسيلة للوقاية من سرطان عنق الرحم، والآن كشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا أن سرطان عنق الرحم في المراحل المتأخرة يتزايد بالفعل منذ إطلاق هذا اللقاح، وهو يسبب أمراض المناعة الذاتية وفشل المبيض الأولي الذي يجعل الفتيات عقيمات".
وأمام حملات التشكيك والاشاعات دعت وزارة الصحة في بيان إلى عدم تصديق هذه المغالطات والأكاذيب، مشددة على أهمية حماية الفتيات من سرطان عنق الرحم، عبر الحصول على اللقاح بصفة مجانية.
كما أكدت أنه "لقاح آمن ومعتمد من منظمة الصحة العالمية، لا يسبب العقم ولا يؤثر على البلوغ"، محذّرة من التأخر في أخذ التلاقيح.
وساند الطبيب الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي ماهر العباسي على اتخاذ الوزارة هذا القرار بدأ عمليات التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي قائلا إنه " أحسن خبر يسمعه منذ سنوات".
وأكد في سياق متصل أن "نسبة تلقيح ضد هذا الفيروس في البلدان الاسكندينافية تتراوح ما بين 80 و90 بالمئة وتصل إلى 60 بالمئة في الولايات المتحدة الأميركية و90 بالمئة في بريطانيا، مشيرا إلى أن "نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم في البلدان التي تعتمد اللقاح تراجعت إلى 87 بالمئة عند النساء الملقحات".
وحول الجدل بشأن اللقاح، دعا العباسي للاستناد إلى الآراء العلمية للأطباء والمختصين"، مؤكدا أن" التلاقيح ضد فيروس كورونا كانت أيضا ناجعة وساعدت على حماية الملايين من البشر من العدوى القاتلة".