حين يلتقي الإخوان مع القاعدة وداعش في خطاب العنف

مركز تريندز للبحوث والاستشارات يحذر من استغلال جماعات الإسلام السياسي للخطاب الديني في الدعاية للتطرف ونشر الإرهاب.
التحريض على العنف نهج جماعات الإسلام السياسي
الجماعات المتطرفة تفاقم الصراع الطائفي في الشرق الاوسط

دبي - حذر مركز 'تريندز للبحوث والاستشارات' في دراسة أصدرها حديثا من تداعيات الصراعات باسم الهوية الدينية في الشرق الأوسط، واستغلال الخطاب الديني من قبل جماعات الإسلام السياسي من بينها جماعة الإخوان المسلمين في نشر أفكار التطرف التي تؤدي إلى العنف والإرهاب.

وقرن المركز في الدراسة ممارسات جماعة الإخوان وخطاباتهم بالأيديولوجيات التي يعتمدها تنظيم القاعدة وداعش اللذان يتخذان من الخطاب الديني وتأويله وسيلة لاستقطاب الجماهير وتعميم أفكار التطرف إقليميا ودوليا.

وتناولت الدراسة بالتحليل تحت عنوان "التطرف وصراع الهوية الدينية في عصر العولمة في منطقة الشرق الأوسط"، مخاطر تسييس دور الدين في العلاقات الدولية، وما يترتب عليه من تصاعد للعنف الطائفي في العديد من المناطق حول العالم خصوصا المنطقة العربية التي تعاني أصلا اضطرابات أمنية وسياسية.

وتطرقت الدراسة المؤلفة من عدة محاور، إلى أسباب تصاعد الصراع حول الهوية الدينية، سواء تلك الخاصة بتنامي التوجهات الدولية نحو تسييس دور الدين وتوظيفه لخدمة مصالح بعض الدول أو الجماعات بما فيها تلك الدينية السياسية، أو اليمينية المتطرفة، أو الشعبوية التي تسعى إلى تقديم تأويلات معينة لمفهوم الدين تخدم مصالحها الضيقة، أو تلك المرتبطة بالأيديولوجيات المتطرفة العابرة للحدود، والتي تعبر عنها الجماعات المتطرفة كالقاعدة وداعش، والجماعات الدينية السياسية كجماعة الإخوان المسلمين التي ترى أن الوطنية تتحدد بالعقيدة لا بالتخوم الجغرافية.

ويذكر خبراء وباحثون سياسيون قد اتفقوا خلال ندوة نظمها مركز 'تريندز للبحوث والاستشارات' بمجلس اللوردات بالبرلمان البريطاني أن جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها تنظيم الإخوان، مسؤولة عن نشر الأفكار المتطرفة التي تؤدي إلى العنف والإرهاب.

وحذر الباحثون والخبراء خلال الندوة التي تزامنت مع تصنيف بريطانيا مؤخرا للإخوان المسلمين جماعة إرهابية، من عواقب تصاعد ظاهرة التطرف الفكري والأيديولوجي الديني خصوصا في المجتمعات الغربية، داعين إلى اتخاذ إجراءات صارمة عبر وضع إستراتيجية شاملة فاعلة لمنع انتشار الفكر الإرهابي.

كما تعرضت الدراسة إلى جدلية العلاقة بين الهوية الدينية والتطرف، إذ أن الأزمات المعقدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط لا يمكن فهمها بمعزل عن الصراع باسم الهوية الدينية التي تتداخل فيها الأبعاد السياسية والطائفية والعقائدية والمذهبية، وباتت بالفعل أهم روافد الفكر المتطرف، وما يرتبط به من عنف تعاني منه بعض دول المنطقة.

ومثال ذلك تعاني أكثر من دول عربية على غرار العراق ولبنان من الصراعات الطائفية التي تأججت مع ظهور الجماعات المتطرفة منذ سنوات كتنظيم الدولة الإسلامية وقبله القاعدة.

وتثبت كثير من الوقائع مدى نفوذ هذه الجماعات المتطرفة في تلك المناطق ومساهمتها في تأجيج العنف والحروب في بلدان تتزعمها أنظمة سياسية هشة وأخرى خاضعة لسيطرة جماعات صنفت إرهابية مثلما ماهو الحال في لبنان، حيث تسطير جماعة حزب الله بنسبة كبيرة على النظام السياسي، وتضع دول غربية حزب الله على لائحة التنظيمات الإرهابية.

وفي هذا السياق أثبتت عدة تقارير أيضا تورط تنظيم الإخوان المسلمين في عمليات إرهابية كتلك التي حصلت في سيناء خلال حكم الرئيس المصري الراحل محمد مرسي عام 2013.

وصنفت دول غربية مؤخرا الإخوان جماعة إرهابية وتم تنفيذ أحكام بالسجن والإعدام في مصر على عناصر من الجماعة تورطوا في هجمات إرهابية عنيفة.

عولمة التطرف في عصر الثورة التكنولوجية
عولمة التطرف في عصر الثورة التكنولوجية

وفي سياق تنامي الفكر الإرهابي الذي اتسع انتشاره حول العالم، تلقي الدراسة أيضا الضوء على ثورة الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة التي أسهمت في عولمة التطرف وتسييس الهوية الدينية، حيث نجحت الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية وقوى اليمين المتطرف في استغلال مخرجات هذه التكنولوجيا بفعالية في الترويج لمبادئها وأفكارها وفي عمليات التجنيد والدعاية والتنسيق والتخطيط للقيام بالعمليات الإرهابية.

كما تشير إلى السمات العامة لعولمة التطرف الذي لم يعد يرتبط بمنطقة أو دين، وإنما تحول إلى ظاهرة "معولمة"، خاصة مع تصاعد قوى اليمين المتطرف وعودة الشعبوية إلى أوروبا في العديد من مناطق العالم في الآونة الأخيرة.

 وهذه الجماعات تشترك في العديد من السمات مع الجماعات الدينية السياسية والتنظيمات المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط، وهي رفض الآخر وعدم القبول به أو التعايش معه والتعصب والاستعلاء والتحريض على الكراهية واللجوء إلى العنف والقتل باسم الهوية الدينية، ولعل ما يؤكد على ذلك العمليات الإرهابية التي حدثت في ألمانيا عام 2019 وأسفرت عن عشرات الضحايا وتبنتها جماعات يمينية متطرفة.

وخلصت الدراسة إلى أن احتواء الصراعات التي تتخذ من الهوية الدينية ستارا لها رهين بالتصدي لمحاولات تسييس الدين، وتجنب الوقوع في فخ المصطلحات التي تشير إلى وجود صراع ديني أو حضاري، والعمل على ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة،أو الاستفادة من التجارب الناجحة في مواجهة التطرف والإرهاب.

كما دعت إلى تفعيل العمل بوثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، التي وقع عليها شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب وبابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس في أبوظبي في فبراير عام 2019 وتوظيف مخرجاتها وتوصياتها ضمن الآليات التي من شأنها الإسهام في التصدي للتطرف والإرهاب.

 وأشارت الدراسة إلى المبادئ والأفكار التي تؤكدها تلك الوثيقة تشكل خريطة طريق متكاملة للتصدي لقوى التطرف والإرهاب، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعايش بين الثقافات والحضارات أساسها احترام الأديان وقدسيتها وعدم الزج بها في أتون الصراعات المذهبية والطائفية.