خاتمي يحذر من الغليان الشعبي في ايران

الشارع الإيراني قد يرغب في العنف من أجل التعبير عن عدم الرضا والتخلص من اليأس، ما سيخلف حتما موجة من العنف بين النظام والشعب متسببا في زيادة الكراهية بين الطرفين.
النظام الإيراني في عين العاصفة في ظل معاناة الشارع من الأزمة الاقتصادية
إيران تقبل على فوضى عارمة إذا لم يمتثل النظام لطلبات الشعب

طهران - حذر الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي في خطاب نشر على مواقع التواصل الاجتماعي السبت، من انتفاضة شعبية تعبيرا عن اليأس الناجم عن تردي الأوضاع المعيشية في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، مشيرا إلى أن رغبة الشارع الإيراني في العنف سيقابلها النظام على عادته بموجة من القمع، ما يخلق حلقة من العنف المتبادل بين الشعب والنظام.

ويعيش الشارع الإيراني أوضاعا معيشية قاسية في ظل أزمة اقتصادية حادة تفاقمت بعد فرض الولايات المتحدة الأميركية منذ نحو سنتين عقوبات اقتصادية على طهران بشأن الأنشطة النووية.

وبينما يئن الاقتصاد الإيراني تحت وطأة العقوبات الأميركية، تشير الأرقام الرسمية الإيرانية بأن "مؤشر البؤس" سجل ارتفاعا كبيرا في إيران، فيما تجاوز معدل البطالة عام 2019 12 بالمئة، وبلغ معدل التضخم 19.5 بالمئة بالربع الأخير من العام الماضي.

ويواجه الإيرانيون مصاعب كبيرة في إدارة حياتهم في ظل انعدام مواطن الشغل، فيما تعمقت أوضاعهم المزرية مؤخرا بعد تفشي فيروس كورونا وإجراءات الغلق التي سببت شللا شبه كلي للأنشطة الاقتصادية.

وقال خاتمي عبر الانترنت وفق ما نقله موقع 'إيران انترناشيونال عربي'، إن المجتمع الإيراني "قد يرغب في العنف من أجل التعبير عن عدم الرضا والتخلص من اليأس، وبالطبع قد يلجأ النظام إلى المواجهة بالمثل وخلق دائرة من العنف"، مضيفا إن "هذه الحلقة تتسبب في مزيد من الكراهية والعنف بين كلا الجانبين، بما يخلف كثيرا من المشاكل".

وتستحضر تصريحات خاتمي "العنف المتبادل" بين النظام والمتظاهرين في وقت شهدت فيه معظم حركات الاحتجاج في السنوات الأخيرة أعمال عنف كبيرة  بسبب تدخل القوات الأمنية.

ويرى الرئيس الإصلاحي الأسبق الممنوع من الحديث لوسائل الإعلام والسفر إلى الخارج، أن الأوضاع المزرية ستدفع الإيرانيين للخروج والمطالبة بإصلاحات كبيرة.

وقد تشمل طلبات الإيرانيين تغيير النظام والمناداة بطرد الطبقة السياسية التي تحملونها مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية على غرار ما حدث في مسيرات سابقة، اُخمدت بقمع من السلطة.

واندلعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي احتجاجات شعبية امتدت رقعتها إلى كامل البلاد، ردا على رفع أسعار الوقود لتغدو مناهضة للسلطة في طهران، حيث يحمل الإيرانيون النظام مسؤولية تدهور الاقتصاد والعجز عن تجاوز الأزمة.

وتطور مسار الاحتجاجات آنذاك وكسر الإيرانيون حاجز الخوف بأن أحرقوا صورا لخامنئي وصورا للنظام القائم، فإلى وقت قريب كان يعتبر الخوض في مسائل تتعلق بالمرشد الأعلى في إيران وقراراته محظورا، لكن الاحتجاجات التي بدأت عفوية انتقلت شرارتها إلى مناهضة النظام الإيراني واتهامه بالفساد.

في المقابل قابل النظام الإيراني على عادته تلك الاحتجاجات بحملات قمع مكثفة، ما تسبب بحسب تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية في مقتل مئات المحتجين وتم اعتقال الآلاف منهم.

ونددت منظمات حقوقية ودولا مرارا بحملات القمع التي يمارسها النظام الإيراني تجاه المتظاهرين، حيث وقعت أواخر العام الماضي واحدة من أكثر الاحتجاجات دموية، فيما لا يزال عدد القتلى موضع تساؤل.

وبينما يمتنع النظام الإيراني عن الإدلاء بعدد القتلى، تحدثت تقارير إعلامية عن مقتل ما يزيد عن 1500 متظاهر، فيما اعترف النظام بمقتل 10 من عناصر الأمن خلال اشتباكات مع المحتجين.

إلى ذلك يحذر مراقبون في إيران وسياسيين إصلاحيين إلى تفاقم الكراهية وموجات العنف بين الشعب والنظام في ظل انعدام الحرية والتعبير عن الرأي.

وفي هذا السياق ينذر المفكر عبدالكريم سروش، بعد تقييمه للاحتجاجات الأخيرة، من زيادة العنف من قبل المتظاهرين، مشيرًا إلى إمكانية حمل السلاح من قبل المواطنين إذا لم يمتثل النظام لمطالبهم.

من جانبه قال الرئيس الأسبق إنه "كان بالإمكان أن تكون إيران في وضع أفضل لو قبل النظام  خطتي الإصلاحية".

ويذكر أن خاتمي اقترح على النظام الإيراني عام 2016 خطة للمصالحة الوطنية، قوبلت بالرفض من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي.