خامنئي يروج لانتصارات عسكرية حققت مكاسب سياسية لنتانياهو

التوترات مع إيران ساهمت في تحويل بعض الاهتمام الداخلي في اسرائيل بعيدا عن إخفاقات نتانياهو في الحرب ضد حماس كما عززت من نقاط قوته.

طهران – أشاد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بـ”نجاح” الهجوم الذي نفّذته إيران ضد إسرائيل، في استمرار للسياسة الإيرانية بالترويج للانتصارات العسكرية والتقليل من أهمية الضربات التي تتلقاها من اسرائيل رغم أنها ساهمت في انتعاش شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

وفي أول تعليق مباشر له على العملية التي سمتها إيران “الوعد الصادق”، قال خامنئي “أقدّم خالص الشكر والتقدير للقوات المسلحة لما بذلته من جهود وما حققته من نجاحات خلال عملية الوعد الصادق ضد الكيان الصهيوني”، وفق موقعه الرسمي.

وأضاف خلال استقباله وفدا من كبار قادة الجيش والحرس الثوري “عرضت القوات المسلحة صورة جيّدة لقدراتها واقتدارها خلال عملية الوعد الصادق، كما أظهرت صورة جديرة بالثناء للشعب الإيراني، وأثبتت تجلّي قوة الإرادة لدى الشعب الإيراني على الساحة الدولية”.

واستهدفت إيران إسرائيل في هجوم مباشر لأول مرة في 13 أبريل نيسان بأكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة فيما قالت إنه رد على غارة يشتبه أن إسرائيل شنتها على مجمع السفارة الإيرانية بدمشق وأسفرت عن سقوط قتلى في الأول من أبريل/ نيسان.

وأكدت اسرائيل أنها أسقطت بالتعاون مع حلفاء تتقدمهم الولايات المتحدة، الغالبية العظمى من المقذوفات الإيرانية، لكنها أقرت بأن عددا من الصواريخ أصاب إحدى قواعدها العسكرية.

ورأى خامنئي أن “مسألة عدد الصواريخ التي أُطلقت أو الصواريخ التي أصابت الهدف والتي يركز عليها الجانب الآخر، هي مسألة ثانوية وفرعيّة”.

وشدد على أن “القضية الأساس هي تجلّي قوة الإرادة لدى الشعب الإيراني والقوات المسلحة على الساحة الدولية، وهذا هو دليل انزعاج الطرف الآخر”.

ولم يتطرق خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للدولة في إيران، الى مسألة الانفجارات التي سمعت في محافظة أصفهان وسط البلاد فجر الجمعة، ونسبها مسؤولون أميركيون الى ردّ من إسرائيل على هجوم طهران ضدها.

وحث قادة الجيش على “مواصلة النضال والتحرك لمواجهة الأعداء وأعمالهم العدائية بالاعتماد على الابتكار والمبادرة”. وتعلم "أساليب العدو".

وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قلّل من أهمية الهجوم المنسوب لإسرائيل، مقارناً إياه بلعبة أطفال ومؤكداً أنّه لن يكون هناك ردّ ما لم يتمّ استهداف “مصالح” طهران.

وقال خامنئي “كل حدث له تكاليف ومكاسب ومن المهم خفض التكاليف وزيادة المكاسب بحنكة، وهذا ما فعلته القوات المسلحة بشكل جيد في التطورات الأخيرة”.

وأضاف"كم عدد الصواريخ التي تم إطلاقها وعدد الصواريخ التي أصابت هدفها ليس السؤال الأساسي، ما يهم حقا هو أن إيران أظهرت قوتها خلال تلك العملية".

والمفارقة أن الهجمات الإيرانية زادت من شعبية نتناياهو، فمنذ الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدا المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، قاتما، لكن هذا قد تغير بعد التوترات الأخيرة مع إيران، حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وتظهر أحدث استطلاعات الرأي أن الفجوة بين الائتلاف الحاكم برئاسة نتانياهو وكتلة المعارضة الرئيسية تقلصت إلى أكثر من النصف منذ أكتوبر/تشرين الأول.

ووفق "نيويورك تايمز"، ارتفعت معدلات تأييد نتانياهو إلى 37 بالمئة، أي أقل بواقع 5 نقاط فقط من منافسه الرئيسي، عضو مجلس الحرب، بيني غانتس، وهو أحد أقل الفوارق منذ بداية الحرب في غزة.

لكن لا يزال ائتلاف نتانياهو اليميني يتخلف عن كتلة المعارضة الرئيسية في استطلاعات الرأي، ومن المرجح أن يخسر الانتخابات إذا تمت الدعوة إليها غدا.

ويعزو المحللون جزئيا هذا الانتعاش المحدود في شعبية نتانياهو إلى صراع إسرائيل مع إيران، حيث تقول الصحفية الإسرائيلية وكاتبة سيرة نتانياهو، مازال معلم، "كان هذا أفضل أسبوعا له منذ أكتوبر. إننا جميعا خائفون من إيران، مع كل القوى النووية التي قد تمتلكها".

وتضيف معلم "هذا هو السبب الذي يجعلنا نرى بيبي (لقب يشتهر به نتانياهو) يتعافى هذا الأسبوع".

وأدت التوترات مع إيران إلى تحويل بعض الاهتمام الداخلي بعيدا عن إخفاقات نتانياهو في الحرب ضد حماس  كما عززت من نقاط قوته، حسب الصحيفة.

في المقابل، يشكك بعض الإسرائيليين في استراتيجية نتانياهو في غزة، حيث يتهم بإطالة أمد الحرب وتأخير انتقال السلطة إلى قيادة فلسطينية جديدة من أجل منع حكومته من الانهيار.

ولكن الشكوك أقل حول النهج الذي يتبعه نتانياهو تجاه إيران، فعلى الرغم من أن بعض الأجانب يتهمونه بإشعال حرب مع طهران لمصلحته الشخصية، فإنه غالبا ما يُنظر إليه في إسرائيل على أنه يسير بحذر بين إبقاء إيران في مأزق مع تجنب حرب مباشرة.

وقالت معلم "في إسرائيل، ينظر إليه الناس ويقولون: حسنا، نحن نثق به؛ لأنه لا يخوض مخاطر كبيرة".

ومع ذلك، يقول بعض المحللين، وفق الصحيفة الأميركية إنه لا يزال من السابق لأوانه القول ما إذا كان هذا ينذر بنجاح نتانياهو في الانتخابات المقبلة التي يفترض أن تقام عام 2026.

وقال أنشيل فيفر، الصحفي الإسرائيلي والمشارك في كتابة سيرة نتانياهو "ما زلت لا أرى أن هذا أسبوع جيد بالنسبة لبيبي. الأمر فقط هو أن لعبة البندول (النواس) تتأرجح قليلا".