ختاوي ينقل شعر المرأة الجزائرية إلى الفرنسية

الشاعرات الجزائريات يخضن غمار القضايا المفصلية في الوطن العربي، والعالم الإنساني بشكل عام.
أصوات يتوزع بوحها بين عدة روافد ومسارب في نسج متباين 
القصائد المترجمة تتماشى مع تضاريس المبنى العام للهندسة الشعرية بلغة الضاد 
ترجمات وتوثيق لأزيد من 25 شاعرة جزائرية يكتبن بلغة الضاد 

باريس ـ صدر للروائي والكاتب والمترجم الجزائري: أحمد ختاوي عن دار الأمير للنشر   والتوزيع بفرنسا عمل شعري جديد باللغة الفرنسية، وهو عبارة عن ترجمات وتوثيق لأزيد من 25 شاعرة جزائرية يكتبن بلغة الضاد، وهي أصوات تصدح، وترافع للقضايا الإنسانية، للحب للسلام، وللتعايش بين الأديان وكذا القضايا المفصلية في الوطن العربي، والعالم الإنساني بشكل عام.
ترفل القصائد المترجمة تماشيا مع تضاريس المبنى العام للهندسة الشعرية بلغة الضاد من الخليل بن أحمد الفراهيدي، مرورا بأحداثيات نازك الملائكة، وأغوار التحرير البنائي في القصيدة  عند الشاعر محمد الماغوط مجددا في المعمار.
أصوات يتوزع بوحها أيضا بين عدة روافد ومسارب في نسج متباين لكنها كلها تصب في ذات المسرب .
الكاتب والمترجم: أحمد ختاوي إقتنى عينات من كل المشارب والتوجهات الفكرية في ذات الإصدار ليعمم العملة الإيحائية على أسوار الشعر ما قبل الحداثة والغموض الفني والنثري وشعر التفعيلة مرورا بما دبجته هذه الأصوات من بوح وصرخات وغمزات وحتى رومانسيات.
توطيدا لبلاغة اللغة العربية عبر معارجها: حمامات للسلام بلغة عبقر والمتنبي، لتقول للغة مولير ها نحن هنا ندا للند ولو بلغة العجم، وأن النبض العربي مشاتل للبيان والجناس والطباق ولِعرف لغة الضاد.
يذكر أن هذا العمل سيسوق ويوزع بفرنسا وبقية دول أوروبا، ويحمل بين طياته نفس البعد العربي الأمازيغي في كل منحنياته ومتتالياته، على صهوة حمامات ليوثق للعالم الغربي أن اللغة العربية من أغنى اللغات، وأن الشعر يظل ديوان العرب دون منازع..
وها هو الارتجاج يصدح، يمتطي صهوة هذه النماذج وهي تغوص في يمّ البيان والقول المبين: تروّض التفعيلة، تسرد المبنى معمارا متأصلا في عمق الأبنية  الشعرية.
الشاعرة الكبيرة الدكتورة: زينب الأعرج، زوجة واسيني الأعرج في هذه البوارج ترحل  عبر هذه الآهات والزفرات، تقول، أقتصر على بعض  المقاطع من رائعتها مرثية. مقاطع من مجموعتها "مرثية لقارئ بغداد":
اتكل عليك وعرّج قليلا
على قلاع المسخ
قبل أن يميد بها الوهم
عرّج قليلا على كفني
برّجني واخطف أرواحي
لمن هن خلف السور في انتظار
لا الخباء حماني ولا مضارب العشيرة
ولا بيوت الهزائم
ما زلت مرمية عند العتبات
أنا.. رهينة المحال رهينة الخضوع
رهينة الذل رهينة الاحتمالات
هنا أنكمش دودة في مهب الارتجاجات
أخرق طقوس التبرج بفاقع الألوان
بحلة الفرح وحلة الجرح وحلة العري
وحلة الفضيحة وحلة الخواء
وحلة الرحيل وحلة الفقدان
وحلة الذعر وحلة الحداد وحلة العدم
وما نسج على عجل من كفن

لا زلت هنا أزن قناطير الفجائع
التي هي مهري من البحر إلى البحر
من الشط إلى الشط
من الرماد إلى الرماد
وها هي سوانح القول في هذه الملحمة، أنموذجا للشاعرة  الكبيرة فاكية صباحي وهي الأخرى تمتطي صهوة الإعجاز في متانة القول والبوح معا لديها عبر هذه التراتيل وهذه الارتداديات، من قصيدتها العصماء "الوداعُ الأخيرُ":
وتباغِتينَ مواجِعِي بينَ التّجَلّدِ والأنينْ
أماهُ هلْ حانَ الوداعُ لتصمُتِي دمعًا غَفَا بمَحَاجِري
صوتا يهيمُ بخَاطرِي
وغمامةً كمْ ظللتْ قلبي السّجينْ
أنا لم أزلْ أرْنُو إلى صفوِ المَدى لأراكِ نجمًا بالدّياجِي يتّقدْ
لا تحزني أماهُ إن غنَّى الربيعُ.. ولمْ أعُدْ
أنا لم أزلْ كالأمسِ يُؤنسُني الرَّجاءْ
صمتا أقومُ إلى الصّلاةِ لأستجيرَ من التَّذكُّر والعَناءْ
فأراكِ طيفا ينثرُ البشرَى بأطرافِ السّماءْ
أنا عائدٌ.. صمتًا ترددُها حُروفي الباكِياتْ
أنا عائدٌ.. توقًا أزاورُ موطني رغم الصقيعِ.. ورغم طوفانِ الطغاةْ
فأمدُّ كفّيَ مثلَ طفلٍ بعثَرتْ أحلامَهُ الوَجْلى تباريحُ الشّقاءْ
لأراكِ خلفَ الغيمِ مثلَ يمامةٍ تطوي الدروبَ معِي وتسخُو بالدّعاءْ
فتضمُّني بين الفجائع والنّوَى تلكَ اليدُ
أغفُو بقيدي خاشعا أتنهدُ
ليردَّ صوتُك صارمًا لا يُغْمَدُ
لا لا تزِدْ جُرحي العنيدَ فإنني ملّتْ هنا روحِي البقاءْ.
وتجيبُ من فرطِ التّوجّعِ مهجتي :..
أنا راحلٌ أطوي دروبَ المستحيلْ
ذبُلتْ يَدِي رهَـقًا تُرتِّقُ فُتقَ أوطاني
وقد رَفَّ الشّراعُ موقّعا بنْدَ الرّحيلْ
أمي.. وصوتُ الناي ينحَرُه الغيابْ
وفتيلُ عمريَ أذبلتهُ مُدى العَذابْ
ما عدتُ أهفو للربى فأنا الغـريقْ
طيَّ الدفاترِ لم يزلْ جُرحي العَتيقْ
صمتا يناصفُ نزفُه كأسَ الحنينْ
وقلاعتي قد رفرفتْ بين المنافي تستحِثُّ المُدْلجينْ
كوني ابتساماتِ الروابي كلمَا غنَّى الهجيرْ
كوني مرافئَ مركبي إن عجّتْ الذكْرى وأضناكِ المسيرْ
أنا راحلٌ .. ماعادَ يجديني الرُّجوعْ
فالخطوُ مزقهُ الجناةُ عـلى اللظى
والروح أعياها التـذللُ والخُنُوعْ