خطة لتوريث منصب المرشد تُشعل جدلا في إيران

قائد احتجاجات 2009 مير حسين موسوي يحذر من مساعي تيار المحافظين لتوريث منصب المرشد لمجتبى خامنئي نجل علي خامنئي الذي يتولى المنصب منذ 1989 ويحكم قبضته على السلطة في إيران.  
مهدي كروبي يطالب خامنئي بالرد على القلق الذي أثاره موسوي
معركة محتدمة بين الإصلاحيين والمحافظين عنوانه منصب المرشد
القضاء الإيراني يحاكم أبرز وجوه الإصلاحيين بتهمة التآمر على النظام

طهران - أشعلت رسالة لمير حسين موسوي المعارض الإيراني المحتجز قيد الإقامة الجبرية منذ احتجاجات 'الحركة الخضراء' في 2009 رفضا لنتائج الانتخابات الرئاسية حينها التي فاز فيها المحافظ محمود أحمدي نجاد، جدلا واسعا في إيران وأججت حملة ضده يقودها غلاة تيار المحافظين وصلت حد اتهامه بالماسونية والعمالة لإسرائيل وذلك بسبب تحذيره من توريث منصب المرشد الذي يتولاه بالتزكية علي خامنئي منذ وفاة الخميني.

وكان موسوي قد وجه انتقادات حادة للحرس الثوري الإيراني ولدوره القمعي في كل من إيران وسوريا، محذرا في الوقت ذاته من مؤامرة لتوريث مجتبى خامنئي منصب المرشد خلفا لوالده.

وتثير خلافة خامنئي منذ تعرضه لوعكة صحية ألزمته المستشفى لفترة، معركة بين التيار الاصلاحي والمحافظين وفجرت حتى سجالات داخل معسكر المحافظين، بينما يسود اعتقاد قوي بأن ثمة مسعى لتوريث المنصب لمجتبى نجل خامنئي.

وتولى خامني منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية منذ 4 يونيو/حزيران 1989 بعد وفاة الخميني، أوّل مرشد أعلى إيراني. وأعلنته جمعية مدرسي حوزة قم العلمية مرجعية للشيعة الإثنا عشرية الأصولية في 1994، وهي موضع خلاف.

وحمل مير حسين موسوي بشدة على تيار المحافظين وقال منددا بما اعتبرها خطوات لتوريث منصب المرشد "خبر هذه المؤامرة يسمع منذ 13 عاما، إذا كنتم لا تبحثون عن ذلك حقا، فلماذا لا تنكرون مثل هذه النية مرة واحدة؟".

وردا على ذلك هاجمت صحيفة 'كيهان' المتشددة التي يعين المرشد رئيس تحريرا ويوجه خط التحرير فيها، موسوي ووصفته بـالماسوني" و"عميل إسرائيل"، لكنها (الصحيفة) لم تقدم أي ردّ أو تفسيرات لقضية الخلافة التي تثير جدلا في البلاد وأعاد المعارض الإيراني (موسوي) إثارتها.

وجاء في افتتاحية 'كيهان' في مقال لحسين شريعتمداري ممثل خامنئي في الصحيفة المتشددة "الخطوة الأخيرة للمهندس موسوي كانت مهمة وقام بها كعضو في منظمة الماسونية الخطيرة.. تاريخ صلاحية موسوي قد انتهى للماسونيين ولهذا السبب، يستخدمونه في أدنى القضايا، أي الدفاع عن إسرائيل ودعم داعش".

وطالب ممثل خامنئي شخصيات إصلاحية بينها الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي ووزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، بإعلان موقف صريح من موسوي. وطالب نائب محافظ في رسالة وجهها لشخصيات أخرى، بأن يردوا على رسالة موسوي.

وأعلن مهدي كروبي أحد قادة احتجاجات الحركة الخضراء في 2009 وقد خضع بدوره للإقامة الجبرية ولقيود شديد على كتاباته وبياناته وواجه اتهامات بالخيانة، تضامنه مع موسوي.

واعتبر كروبي أن بواعث القلق التي أثارها موسوي  تمثل بالفعل جذور الأزمة، مطالبا المرشد الأعلى بالرد على التساؤلات حول توريث المنصب لنجله مجتبى.  

وبحسب معلومات أوردتها مواقع إخبارية تابعة للمعارضة الإيرانية، قال مهدي كروبي في اتصال هاتفي مع نجله محمد تقي كروبي إنه "بدلا من إهانة موسوي، يجب على السادة الرد على القضايا التي أثيرت في رسالته"، موضحا أن مير حسين موسوي "تحدث عن مخاوف تعد أساس جزء مهم من مشاكل البلاد اليوم".

وقبل أكثر من 10 سنوات حذّر موسوي وكروبي من توريث الحكم في إيران باعتبار أن ذلك لا يقل خطورة عن إعادة الملكية في إشارة إلى حكم الشاه الذي أسقطته الثورة الإسلامية.

وتعرض موسوي أيضا لهجمات حادة من قبل مقربين من خامنئي وذلك ردا على انتقاده بشدة السياسات الإقليمية للنظام الإيراني ووصفه حسين همداني أحد قادة الحرس الثوري الإيراني الذي قتل في سوريا، بـ"القائد الفاشل".

واعتبر هؤلاء موسوي "متخلف عقليا" وقال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، في جلسة لمجلس الشورى (البرلمان) اليوم الأحد "مهاجمة الأبطال الوطنيين الذين قطعوا أقدام المجرمين مثل داعش من أرضنا الحبيبة يعتبر رميا للتراب على الشمس فلن يسفر إلا عن فضيحة وتشويه سمعة المعتدين ومؤيديهم"، فيما قال عنه أمير علي حاجي زاده قائد القوات الجوية للحرس الثوري إنه "مفلس سياسيا وعقائديا".

وتأتي هذه التطورات بينما بدأت محاكمة مصطفى تاج زاده أحد أبرز وجوه التيار الإصلاحي الموقوف منذ يوليو/تموز بتهمة تقويض أمن الدولة، السبت في إيران كما ذكرت وكالة "ميزان أونلاين" التابعة للسلطة القضائية.

وقالت الوكالة في وقت متأخر من السبت إن جلسة محاكمة مصطفى تاج زاده "عقدت في الفرع 15 من محكمة الثورة" في طهران.

وكانت السلطات الإيرانية أوقفت مصطفى تاج زاده الذي سبق له أن شغل منصبا حكوميا، على خلفية اتهامه بـ"العمل ضد الأمن القومي"، وفق الإعلام المحلي.

وأوضحت الوكالة أنه وجهت إلى تاج زاده "ثلاث تهم بما في ذلك التآمر على الأمن القومي"، مشيرة إلى أنه "رفض الرد على أسئلة رئيس المحكمة" الذي أعلن أنه سيصدر الحكم في وقت لاحق.

وتقدّم تاج زاده (65 عاما) الذي أوقف في منزله في الثامن من يوليو/تموز بطلب ترشّح إلى الانتخابات الرئاسية لعام 2021، إلا أن مجلس صيانة الدستور لم يصادق على ترشّحه، ما حال بالتالي دون خوضه السباق الرئاسي الذي انتهى لصالح المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي.

وشغل تاج زاده منصب نائب وزير الداخلية في عهد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (1997-2005)، إلا أنه أدخل السجن في 2009 على هامش الاحتجاجات التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وتمت إدانته بالمسّ بالأمن القومي والدعاية ضد النظام السياسي للجمهورية الإسلامية، وأفرج عنه في 2016.

ومنذ خروجه من السجن، طالب تاج زاده السلطات الإيرانية مرارا بمنح الحرية لقائدَي احتجاجات 2009 مهدي كروبي ومير حسين موسوي الخاضعَين للإقامة الجبرية منذ أكثر من عشرة أعوام.

وخلال الأعوام الماضية، عمل تاج زاده للدفع من أجل إجراء "تغييرات هيكلية" وإجراءات لتعزيز الديمقراطية في الجمهورية الإسلامية.

وعلى هامش ترشحّه لانتخابات 2021، قدّم تاج زاده نفسه على أنه "مواطن وإصلاحي" و"سجين سياسي لسبع سنوات". وأدان "التمييز" و"حجب الإنترنت" و"تدخل العسكريين في السياسة والاقتصاد والانتخابات"

ونقلت صحيفة "اعتماد" المؤيّدة للتيّار الإصلاحي عن هوشانغ بورباباي محامي تاج زاده، قوله "قبل ثلاثة أيام، قصدت سجن إيوين للقاء موكّلي بإذن من المحكمة"، لكن "موكّلي رفض لقائي لأنه لم يكن في وسعه أن يتكلّم معي وجها لوجه"، بحسب ما قال بورباباي مشيرا إلى أن تاج زاده أعلن أنه لن يمثل أمام المحكمة.

وكشفت زوجة تاج زاده في تصريحات لصحيفة "اعتماد" أن زوجها "أجبر على المثول أمام المحكمة". وبحسب الصحيفة عينها، أعلن التيّار الإصلاحي أنه سيعرب عن قلقه لرئيس السلطة القضائية.