خطوات متثاقلة نحو الإصلاح في الاردن مع إجازة طويلة للملك

بعد شهر على تشكيلها وفي حين يزور العاهل الاردني الولايات المتحدة لثلاثة اسابيع، اللجنة الملكية لم تنجز اي تقدم ملموس في التوافق على المرتكزات الرئيسية للاصلاح السياسي.

عمان – في حين ينشغل الأردنيون حاليا بالنقاش العام حول مبادرة الاصلاح السياسي التي جاءت بتوجيه ملكي بعد اشهر قليلة على الأزمة التي نشبت داخل العائلة المالكة، يزور العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الولايات المتحدة لمدة ثلاثة اسابيع.
ويعول الاردن على الزيارة المبرمجة منذ فترة، في تعزيز العلاقات مع الحليف الأميركي التي شابها بعض الفتور خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. ويتم التركيز رسميا على تقديم الزيارة على انها الأولى لزعيم عربي الى الولايات المتحدة منذ تولي جو بايدن السلطة أوائل العام.
لكن توقيت الإجازة التي بدأت في الأول من يوليو الحالي، مع طول مدتها، لا يزال يطرح تساؤلات حول إمكانية تحقيق تقدم في مخرجات اللجنة التي شكلها الملك لغايات الإصلاح السياسي قبل حوالي شهر وبدأت اجتماعاتها مؤخرا ضمن لجان فرعية تبحث قوانين الأحزاب والانتخاب وحرية التعبير.
وأعلنت "اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية" المؤلفة من 92 عضوا برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي أنها لم تنجز شيئا في مجال التوافق على قانون انتخاب عصري.
ويمثل القانون المنتظر أحد أركان الإصلاح السياسي الذي يفترض أن ينتهي إلى تشكيل حكومات منتخبة تحد من سلطات الملك وتقوم على التمثيل الحزبي في البرلمان. وهذا ما تجنبت اللجنة الخوض فيه. وقال الرفاعي في وقت سابق إن صلاحيات الملك من شأن الملك.
وفي الأردن، الذي باتت فيه مسؤولية الحكومات مقصورة منذ سنوات طويلة على تسيير الحياة اليومية للبلد، تهيمن أجهزة الحكم المرتبطة بالملك على القرارات السياسية المؤثرة.
وتعوّد الأردنيون على الظهور المتكرر للملك في مناسبات وأحداث مهمة خلال الأشهر الأخيرة التي شهدت تداعيات أزمة الأمير حمزة والوضع الاقتصادي العام وأزمة كورونا وطرحت مخاوف حول استقرار الحكم في الدولة التي تأسست قبل مئة عام.

خيار الإصلاح السياسي لم يعد ترفا أبدا وهو مصلحة العرش والجالس على العرش

ونفى الناطق الإعلامي باسم اللجنة الملكية مهند مبيضين مؤخرا ما تم تداوله من آراء وأخبار حول وجود تصور واضح لقانون الانتخاب.
وقال مبيضين لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) إن ما تم نشره من آراء وأخبار حول قانون الانتخاب، وتحديدا ما هو متعلق بعدد مقاعد أعضاء مجلس النواب وآلية توزيعها، لم يتم بحثه أو مناقشته في لجنة الانتخاب.
ونقل المحلل السياسي الأردني مالك العثامنة عن مبيضين تأكيده عدم مناقشة اللجنة أيًّا من الملفات المكلفة بها، وأن فرق اللجنة لا تزال في باكورة عملها رغم ضيق الوقت.
وترى أوساط سياسية أردنية أن هناك بطئا شديدا يسود عمل اللجنة، زاد منه غياب الملك. ويعود ذلك إلى خشية رئيسها، الذي هناك تحفظات عليه، من اعتماد قوانين قد تلقى اعتراضات شديدة من قبل القوى المختلفة.
وقال العثامنة، في تصريح لصحيفة العرب الصادرة في لندن "لا أرى في سمير الرفاعي الرجل المعجزة الذي يمكن أن يجمع في لجنة واحدة التناقضات والمتنافرات التي تصب في مصلحة أجندة قوى الوضع الراهن".
واعتبرت مصادر سياسية أردنية أن الوتيرة التي تسير بها أعمال اللجنة تجعل من الصعب عليها الالتزام بالمهلة المحددة لعملها، أي الخريف المقبل، محذرة من أن مسار الأمور يشي بأن عمل اللجنة قد يستغرق عدة أشهر، وهذا من شأنه أن يعزز مخاوف البعض من أن يكون الأمر متعمدا رغبةً في امتصاص غضب الشارع من خلال الادعاء بوجود مسار إصلاحي هو ليس موجودا في واقع الأمر.
وقالت إن هذه المخاوف لها ما يبررها بالنظر إلى تجارب سابقة مريرة مع الإصلاح؛ فإثر الاحتجاجات التي شهدتها بعض الأقطار العربية، ومن بينها الأردن عام 2011، تعهد الملك عبدالله الثاني بالقيام بإصلاحات سياسية تستهدف الوصول إلى حكومات برلمانية، لكن هذه الوعود ظلت معلقة إلى حين طرح الملك الأوراق النقاشية عام 2017، والتي لم يجْر تفعيلها هي الأخرى.
ويرى مراقبون أن أي حديث عن إصلاح في الأردن عادة ما يكون ناجما عن ردة فعل على هزة في الداخل، وما إن تمر حتى يتمّ التراجع عن تلك الوعود.
واعتبر العثامنة أن ما يتسرب من أخبار من داخل اجتماعات اللجنة لا يسرّ الأردنيين، بحكم الجدل المتصاعد على رئيسها سمير الرفاعي، مشيرا إلى أن وجود الملك في إجازة لا يؤثر كثيرا على استمرار عمل اللجنة.
وعبر عن اعتقاده في أن الملك سيتدخل بعد عودته من إجازته أولا وبعد نهاية عمل اللجنة ثانيا، لأن خيار الإصلاح السياسي لم يعد ترفا أبدا، وهو مصلحة العرش والجالس على العرش.
ويهدف عمل هذه اللجنة، حسب ما هو معلن، إلى وضع إطار تشريعي يؤسس لحياة سياسية نشطة تهيئ المجال لبرلمان قائم على البرامج. وتعهد الملك شخصيا بالوقوف على مخرجات عمل اللجنة.
وليست هذه اللجنة الأولى التي جرى تشكيلها فقد سبقتها نحو تسع لجان منذ تولي الملك عبدالله الثاني العرش عام 1999، من بينها لجنة الأجندة الوطنية ولجنة "الأردن أولا" ولجنة "كلنا الأردن".