خطوة دبلوماسية أخرى على طريق تعزيز المصالحة الخليجية

تعيين الإمارات سفيرا فوق العادة ومفوضا للدولة لدى الدوحة وتعيين الأخيرة سفيرا لها لدى مصر، يأتي في سياق خطوات دبلوماسية ملحة لتعزيز مسار المصالحة بعد سنوات من القطيعة ووسط تقلبات جيوسياسية إقليمية ودولية.

الدوحة - تستكمل قطر خطوات التبادل الدبلوماسي مع الإمارات ومصر في إطار إتمام المصالحة الخليجية في قمة العُلا، حيث خطت الدول الثلاث شوطا طويلا في سبيل استعادة العلاقات الدبلوماسية بعد سنوات من القطيعة والخلافات.

وقدم الشيخ زايد بن خليفة بن سلطان آل نهيان أوراق اعتماده إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، سفيرا فوق العادة ومفوضا لدولة الإمارات لدى الدوحة وذلك خلال مراسم عقدت في قصر لوسيل.  بالتوازي مع إصدار الشيخ تميم قرارا بتعيين طارق علي فرج هاشم الأنصاري، سفيرا فوق العادة مفوضا لدى مصر.

وأعرب الشيخ زايد بن خليفة عن اعتزازه بتمثيل دولة الإمارات لدى دولة قطر. كما أكد حرصه على توطيد العلاقات الثنائية بما يحقق المصالح المشتركة. وتم استعراض العلاقات الاخوية التي تجمع البلدين والشعبين.

ويشترك البلدان بروابط سياسية جغرافية في الحدود البحرية، لكن السياسة القطرية ودعمها للمتشددين والأزمات التي جرتها على المنطقة على مر السنوات الماضية، تسببت بخلاف بين قطر والدول الخليجية ومصر لتعلن هذه الدول مقاطعة الدوحة، عام 2017.

وأعلنت قطر والإمارات في شهر يونيو 2023 إعادة التمثيل الدبلوماسي بينهما، وذلك باستئناف سفارة دولة قطر في أبوظبي وقنصليتها في دبي، وسفارة دولة الإمارات في الدوحة مزاولة أعمالها.
وفي يوليو الماضي عين أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، سلطان بن سالمين المنصوري، سفيرا فوق العادة مفوضا لدى دولة الإمارات وذلك لأول مرة منذ قطع العلاقات الدبلوماسية عام 2017.
كما تشهد العلاقات بين القاهرة والدوحة تطورا ملحوظا منذ إتمام المصالحة الخليجية في قمة العُلا في 5 يناير 2021، وجاء تعيين سفير قطر الجديد في مصر تتويجا لها.
وفي وقت سابق أعلن، رئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي، أن العلاقات المصرية القطرية قديمة وراسخة، وهناك مجالات كثيرة لتعزيز تلك العلاقات بالفترة المقبلة.

وشدد على حرص بلاده على زيادة حجم استثمارات الشركات القطرية في مصر، وزيادة معدلات التبادل التجاري بين البلدين، خاصةً أن حجم التجارة الحالي لا يرتقي لإمكانات البلدين وطموحات شعبيهما.

ويأتي استعادة التمثيل الدبلوماسي وسط مساع إقليمية أوسع لتحقيق المصالحة، حيث أنهت السعودية ومصر عزلة استمرت نحو 10 سنوات لسوريا، وفي اليمن، أجرت جماعة الحوثي والسعودية محادثات سلام، واتفقت إيران والسعودية على استئناف العلاقات بعد سنوات من العداء الذي هدد استقرار منطقة الخليج، وأدى إلى تأجيج الحرب في اليمن.

وفي الخامس من يناير/كانون الثاني 2021، أكد بيان القمة الـ41 لمجلس التعاون لدول الخليج العربي في العلا، على طي صفحة الماضي بما يحفظ أمن واستقرار الخليج، وقد تم الاتفاق على عدم المساس بسيادة وأمن أي دولة أو استهداف أمنها، وعلى تنسيق المواقف السياسية لتعزيز دور مجلس التعاون، ومكافحة الجهات التي تهدد أمن دول الخليج، وتعزيز التعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية والتطلع إلى مستقبل يسوده التعاون والاحترام بما يحفظ أمن الدول واستقرارها.

ونص الاتفاق على "عودة العمل المشترك إلى مساره الطبيعي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين شعوب المنطقة"، وفق البيان.

وكلف المجلس "الهيئات والمجالس واللجان الوزارية والفنية، والأمانة العامة وكافة أجهزة المجلس، بمضاعفة الجهود لاستكمال ما تبقى من خطوات، وفق جدول زمني محدد، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية في إطار مجلس التعاون، والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة للمجلس تحفظ مصالحه ومكتسباته وتُجنّبه الصراعات الإقليمية والدولية، وتلبي تطلعات مواطنيه وطموحاتهم".

ومنذ 2021، عادت العلاقات إلى حد كبير بين قطر والسعودية، وبدأت الرياض والقاهرة بإعادة تعيين سفيرين لدى الدوحة، في عام 2021 ، لكن الأمر لم يحدث بالنسبة للإمارات.

لكن منذ ذلك الوقت، تحسنت العلاقات واجتمع قادة البلدين وجها لوجه لأول مرة منذ القطيعة على هامش أولمبياد بكين في فبراير 2022، ثم توالت الاتصالات.

وأرسلت الإمارات مستشار الأمن الوطني، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، إلى قطر في أول زيارة رفيعة المستوى لمسؤول إماراتي منذ قطع العلاقات، حيث القتى أمير قطر لبحث "العلاقات الأخوية وكيفية تعزيز مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك"، وفق وكالة الأنباء الإماراتية "وام".

واستقبل الشيخ محمد بن زايد وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في أبوظبي حيث بحث الجانبان "العلاقات القوية بين البلدين وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح بلديهما".

وفي يناير من عام 2022، أعربت قطر علنا عن إدانتها الشديدة لهجوم بطائرات مسيرة أطلقه الحوثيون على أبوظبي، واصفة إياه بأنه عمل إرهابي.

كما حضر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، حاكم دبي، افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم في الدوحة.

وفي ديسمبر من العام الماضي، استقبل أمير قطر رئيس الإمارات، محمد بن زايد، الذي كان في زيارة رسمية. وكتب الرئيس الإماراتي في تغريدة: "سعدت ببحث العلاقات الأخوية وسبل تعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة".