خلافات مدفوعة بالمحاصصة الحزبية تؤخر ولادة حكومة دياب

المتظاهرون اللبنانيون يواصلون قطع طرقات في ظل انتكاسة جديدة لجهود تشكيل الحكومة ورفضا للأوضاع المعيشية والسياسية الصعبة، مطالبين بحكومة اختصاصيين بعيدة عن الأحزاب.
حكومة حسان دياب لن تخرج عن سياق المحاصصات الطائفية
اللبنانيون يتوعدون بإسقاط حكومة دياب قبل ولادتها
اللبنانيون يقطعون الطرق مع دخول الحراك الشعبي شهره الرابع

بيروت - تعهد المحتجون في شوارع لبنان بإسقاط حكومة حسان دياب المقرب من حزب الله والتي لم تر النور بعد مع انتهاء مهلة منحها الحراك الشعبي لتشكيل حكومة إنقاذ من كفاءات واختصاصيين بعيدا عن المحاصصات الحزبية.  

وعادت الاحتجاجات إلى شوارع لبنان بزخم أكبر في ظل استمرار الخلافات بين القوى السياسية على المناصب الوزارية في تركيبة يعتقد أنها لن تخرج عن سياق المحاصصات الحزبية والطائفية وإن بدا عنوانها الكبير حكومة تكنوقراط، فيما تغيب خارطة طريق لحل الأزمة المستعصية والتي تضع البلاد بالفعل على حافة الانهيار الشامل.

وقطع متظاهرون صباح الجمعة عدة طرقات احتجاجا على تأخر تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين وتسارع الانهيار الاقتصادي مع دخول الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية شهره الرابع. وفي وسط بيروت أغلق عشرات المتظاهرين طريقا حيويا بالسيارات.

وتأتي هذه التطورات بينما قالت مصادر لبنانية إن رئيس الوزراء المكلف حسان دياب مستمر في إجراء مشاورات كانت بدأت قبل أربعة أسابيع لتشكيل حكومة تواجه من الآن رفضا بين المحتجين.

وكان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية علي حسن خليل قال يوم الخميس إن البلاد على أعتاب تشكيل حكومة جديدة مع تزايد الضغوط لوضع خطة إنقاذ اقتصادية لانتشال البلاد من أزمة مالية عميقة.

وظل لبنان بلا حكومة منذ استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019 بعد موجة احتجاجات واسعة ضد النخبة الحاكمة في البلاد مما عقد الجهود الرامية إلى التعافي من الأزمة الاقتصادية.

جهود متعثرة تطبع مشاورات دياب لتشكيل حكومة تكنوقراط
جهود متعثرة تطبع مشاورات دياب لتشكيل حكومة تكنوقراط

وقال خليل "اليوم اعتقد أننا تقدمنا إلى حد كبير جدا ونستطيع أن نقول إننا أصبحنا على عتبة تأليف حكومة جديدة"، في تصريح يتناقض مع واقع خلافات لم تهدأ بين القوى السياسية على المناصب الوزارية.

وذكرت مصادر سياسية بارزة أنه من المنتظر تعيين الخبير الاقتصادي غازي وزني وزيرا للمالية في الحكومة الجديدة وقد عمل في السابق مستشارا ماليا للجنة المال والموازنة بالبرلمان اللبناني.

ويتوقع أن يتلوى وزني المنصب في ظل أزمة هدمت الثقة في البنوك ومخاوف عميقة بشأن قدرة البلاد على تسديد واحد من أثقل الديون في العالم، في الوقت الذي يحل فيه موعد استحقاق سندات دولية بقيمة 2.5 مليار دولار في 2020.

وقال خليل إن قرارات الحكومة الجديدة التي يجري تشكيلها بشأن مستحقات السندات الدولية يجب أن تكون جزءا من خطة شاملة للحكومة الجديدة.

وعادت ديون لبنان لتتصدر المشهد هذا الأسبوع بعد تقارير عن مساعي حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) إلى تأجيل بعض استحقاقات السندات، في تحرك قد يصل إلى حد التخلف الانتقائي عن السداد.

والشهر الماضي تم تكليف حسان دياب الوزير السابق بتشكيل حكومة جديدة بعد فشل الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق يقضي بعودة الحريري.

وقال خليل للصحفيين بعد اجتماع بين دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري إن الحكومة الجديدة ستتألف من 18 وزيرا اختصاصيا. ولطالما نادى المحتجون الذين يتهمون النخبة السياسية بالفساد المستشري بتشكيل أي حكومة جديدة من وزراء تكنوقراط.

ويأمل لبنان تشكيل حكومة جديدة يمكنها تنفيذ إصلاحات سريعة وإقناع الدول المانحة بالإفراج عن الدعم المالي الذي سبق التعهد به.

ومع انتهاء المهلة التي منحها الحراك الشعبي لتشكيل حكومة تستجيب لتطلعات الشعب اللبناني وتتفاعل مع شواغله، عاد لبنان إلى مربع ليّ الأذرع بين المتظاهرين وقوات الأمن.

وزير المال اللبناني في حكومة تصريف الأعمال يتحدث عن ملامح حكومة جديدة تضم 18 وزيرا من المختصين بعد اجتماع رئيس الوزراء المكلف برئيس مجلس النواب

ومساء الخميس، انتشرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى عصيان مدني في ظل عدم تشكيل الحكومة.

وقد أقفل محتجون الجمعة تقاطع جسر الرينغ وسط بيروت بشكل كامل بالمستوعبات والإطارات بالتزامن مع قطع السير باتجاه منطقة الحمرا غرب العاصمة.

كما تم قطع الطريق في الجيّة غرب بيروت، إضافة إلى إحراق شبان إطارات في منطقة الزوق شمال العاصمة.

وعمد محتجون في شمالي البلاد إلى إقفال عدد من الطرقات الرئيسية في منطقة حلبا وساحة النور في مدينة طرابلس، وسط هتافات منددة بالطبقة السياسية الحاكمة.

أما ضمن نطاق محافظة البقاع شرقا، فقطع محتجون طريق منطقة تعلبيا ومستديرة زحلة بالإطارات المشتعلة.

ويواصل المتظاهرون قطع طرقات في ظل انتكاسة جديدة بجهود تشكيل الحكومة ورفضا للأوضاع المعيشية والسياسية الصعبة، مطالبين بحكومة اختصاصيين بعيدة عن الأحزاب.

وقال مارون كرم (30 عاما) "قطعنا الطريق بالسيارات لأنهم لا يستطيعون إزالتها"، مضيفا "لا نريد حكومة محاصصة أو حكومة مقنعة للسياسيين. سنسقطها في الشارع".

ولم يتمكن دياب منذ تكليفه في 19 ديسمبر/كانون الأول من تشكيل حكومة إنقاذ يريدها مصغّرة من اختصاصيين، فيما تنقسم القوى السياسية الداعمة لتكليفه حول شكلها وعلى تقاسم الحصص في ما بينها.

ويبدو أن الأحزاب السياسية التقليدية نفسها التي دعمت دياب ستسمي ممثليها "الاختصاصيين" في الحكومة.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية عن إغلاق المدارس والجامعات أبوابها في طرابلس لليوم الرابع على التوالي.

وخلال ثلاثة أشهر، اتخذت الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية أشكالا مختلفة من تظاهرات ضخمة إلى قطع طرق وإغلاق مؤسسات رسمية، قبل أن تتراجع وتيرتها ثم تركزت خلال الأيام الماضية على المصارف التي تفرض منذ أشهر قيودا متشددة على العمليات النقدية وسحب الأموال.

وشهد يوما الثلاثاء والأربعاء مواجهات عنيفة بين متظاهرين أقدموا على تكسير واجهات مصارف ورشق الحجارة باتجاه القوى الأمنية التي استخدمت بكثافة الغاز المسيل للدموع.

وأسفرت المواجهات عن إصابة العشرات من الطرفين. ولم يسلم عدد من المصورين والصحافيين من التعرض للضرب، بعضهم أثناء قيامهم ببث مباشر على القنوات المحلية للمواجهات ليل الأربعاء أمام ثكنة أمنية جرى فيها اعتقال متظاهرين منذ الثلاثاء.