خلاف أم تبادل أدوار بين العدالة والتنمية وذراعه الدعوي

حركة التوحيد والإصلاح تنظم مهرجانا خطابيا تضامنا مع غزة يشارك فيه القيادي في حماس خالد مشعل بالتزامن مع تنظيم حزب العدالة والتنمية مهرجانا مماثلا وجه فيه الدعوة لسفير فلسطين لدى الرباط.

الرباط - ينظم حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي (البيجيدي) مهرجانا خطابيا مساء اليوم الأحد بمسرح محمد الخامس بالرباط للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بينما ينظم ذراعه الدعوي حركة التوحيد والإصلاح أيضا مهرجانا آخر في اليوم ذاته وفي توقيت متقارب دون أن يتضح ما إذا كان الأمر منسقا أو أنه يعكس خلافا بين قيادتيهما.

وبحسب موقع زنقة 20 المغربي، وجه حزب العدالة والتنمية دعوة للسفير الفلسطيني للمشاركة في المهرجان الخطابي بينما يشارك خالد مشعل عضو المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس مكتبها السياسي في الخارج سابقا، في المهجران الخطابي الذي تنظمه حركة التوحيد والإصلاح.

ويبدو أن الخلاف القائم بين القيادتين يتعلق باستضافة حركة التوحيد لخالد مشعل، حيث اكتفى عبدالاله بنكيران الأمين العام لـ"البيجيدي" وهي التسمية الفرنسية المختصرة للحزب الإسلامي، بتوجيه الدعوة لأصدقائه من اليسار وللسفير الفلسطيني لدى الرباط جمال الشوبكي.

ويُفترض كذلك أن يكون هناك تنسيق بين الجانبين حول تنظيم مهرجان واحد للتضامن مع الشعب الفلسطيني لا أن يتم تنظيم مهرجانين وفي نفس اليوم بشكل يفضي إلى تشويش مهرجان على آخر ويظهر أيضا تشتتا بين الحزب وذراعه الدعوي.

ويحسب حزب العدالة والتنمية المغربي الإسلامي على التيار الاخواني وكذلك حركة حماس الفلسطينية التي تعتبر امتدادا لجماعة الإخوان وتتبنى الفكر والايديولوجيا ذاته.

وتشير توجيه قيادة الأمانة العامة للحزب الإسلامي الدعوة للسفير الفلسطيني واستثناء قادة في حماس في الخارج وتحديدا في الدوحة التي فيها مكتب الحركة السياسي، إلى محاولة البيجيدي تسويق نفسه كحزب مدني بمرجعية إسلامية يتناغم مع توجهات الدولة المغربية التي تدعم السلطة الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني.

ويمر حزب العدالة والتنمية المغربي منذ هزيمته المدوية في الانتخابات التشريعية وخروجه من الحكم من الباب الصغير، بأزمة داخلية وفقد شعبيته حتى في وسط قواعده ويحاول من خلال عدة مبادرات العودة للمشهد السياسي.

ويعتقد متابعون لشؤون الحزب أن دعوة حركة التوحيد والإصلاح لخالد مشعل لا تخرج عن عملية تلاعب أدوار مع العدالة والتنمية الذي يبحث من خلال ذراعه الدعوي عن استعادة ثقة قواعده وهي مهمة موكولة للجناح الدعوي بحكم القرب أكثر من الأنصار وبحكم دوره في جهود استقطاب أنصار جدد.

وتدعم حركة التوحيد والإصلاح حركة حماس وتعترف بها كحكومة منتخبة في قطاع غزة وهو ما يفسر اختياره للرجل الثاني في حركة حماس كضيف على مهرجانها الخطابي بالتوازي مع مهرجان العدالة والتنمية.

وعقب أعوام من الشراكة بين حركة التوحيد والإصلاح (الدعوية) وحزب العدالة والتنمية لا يبدو أن العلاقة بين التنظيمين المغربيين تمر اليوم بأحسن أحوالها. وشهدت في العامين الماضيين حالة من الجفاء لكن الشراكة لا تزال قائمة بينهما بشكل أو بآخر رغم الخلافات.

وهذه الفرضية عززتها تصريحات لعبدالإله بنكيران خلال لقاء حزبي في العام الماضي عبّر فيه عن ضمنا عن استيائه من مستوى الشراكة مع حركة التوحيد. وقال حينها خلال اللقاء، "لن أذهب عند الحركة من أجل أي شراكة ونتمنى أن يعينهم الله ليقوموا بمهمتهم".

وأثارت تصريحاته وقتها الجدل حول سبب رفضه تجديد الشراكة مع الحركة، التي تعتبر الذراع الدعوي للعدالة والتنمية، والخزان البشري الانتخابي الذي طالما أمد الحزب بالكوادر والقيادات.

ولا يخفى على المتتبع للشأن المغربي العلاقة الوثيقة التي تجمع بين العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح والتي توصف بأنها أقرب إلى مشروع واحد، يعمل الحزب والحركة على تجسيده، كلٌ من خلال وظيفته المعينة (السياسة والدعوة).

غير أن قوة هذه العلاقة لم تمنع من حدوث حالات مد وجزر، أبرزها تراجع الحركة عن دعم الحزب في انتخابات 2021 التي خسرها، بعد أن كانت تدعمه في انتخابات 2011 و2016، التي تصدرها الحزب.

وهو تراجع سبقه سلسلة من القرارات التي أظهرت رغبة لدى التنظيمين في وضع مسافة بينهما، كان أبرزها مصادقة حركة التوحيد في أغسطس/آب 2018، خلال مؤتمرها العام، على تعديلات في ميثاقها التأسيسي دعت فيه إلى "تطليق" السياسة وتعميق طابعها الدعوي. كما تم لأول مرة إبعاد قيادات ووزراء الحزب من المكتب التنفيذي للحركة. وعكست تصريحات بنكيران كذلك رغبة الحزب في تعزيز الفصل بين التنظيمين.

وخلال السنوات الأخيرة من حكم حزب العدالة والتنمية (الذي قاد ائتلافا حكوميا لولايتين بقيادة عبدالاله بنكيران وسعدالدين العثماني) طفا على السطح خلاف بين الحركة والحزب تعود أبرز مواطنه إلى الموقف من القانون الذي أقرته الحكومة والذي بموجبه تم فرض تدريس المواد العلمية في المدارس باللغة الفرنسية. وكذلك القانون المتعلق بالترخيص لزراعة القنب الهندي (الحشيش) للاستعمالات الطبية، قبل أن يتعزز هذا الخلاف بعد اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل والذي وقعه سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب، رئيس الحكومة حينها.