داعش يستنفر مقاتليه على خط الجبهة في الباغوز

تنظيم الدولة الإسلامية لم يبد حتى الآن أي مؤشرات على الاستسلام في آخر جيب له بشرق سوريا، فيما تتواصل قوافل النازحين بمن فيهم زوجات وأبناء مقاتلي التنظيم.

قوات سوريا الديمقراطية تبطئ كرها تقدمها في آخر جيب لداعش
جهاديون مصابون بين الفارين من الباغوز
وتيرة إجلاء المدنيين تراجعت خلال اليومين الماضيين

الباغوز (سوريا) - على ثغور آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا، شوهد مقاتلون ملثمون مسلحون ببنادق ضمن المتشددين الأشد بأسا والمستعدين في ما يبدو للقتال حتى الموت.

ومنذ أسابيع، يخرج آلاف الأشخاص وبينهم الكثير من زوجات مقاتلي التنظيم وأطفالهم، من جيب الباغوز المحاصر مما اضطر قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة إلى تأجيل هجوم على آخر ما تبقى من حكم التنظيم المتشدد.

وتظهر لقطات للخط الأمامي الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية متشددين مسلحين، لا يظهر من معظمهم سوى أعينهم، وهم يشرفون على عمليات الإجلاء من أراض زراعية تتناثر فيها سيارات ومبان قليلة.

وتقول قوات سوريا الديمقراطية إن المقاتلين الباقين في مواقعهم وسط موجات الإجلاء هم أشد المقاتلين الأجانب بأسا وتطلب حكومات دول مختلفة تسلمهم وسيقاتلون حتى الموت على الأرجح.

ورأى شاهد يوم السبت عشرات الأشخاص ومعظمهم رجال، يعبرون من أراض تسيطر عليها الدولة الإسلامية إلى الخطوط التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية. وقالت القوات إنهم مقاتلون مصابون من التنظيم.

وشوهدت بضع نساء منتقبات وأطفال يحملون حقائب على الخط الأمامي. وشوهد كذلك رجل يسير على عكازين.

وتفصل منطقة أرض حرام تمتد لنحو 200 متر بين مواقع قوات سوريا الديمقراطية والخط الأمامي للدولة الإسلامية في الباغوز.

وتتولى القوات التي يشكل المسلحون الأكراد عمودها الفقري، فحص الأشخاص المغادرين بمجرد خروجهم ثم ترسلهم شمالا إلى مخيم الهول الذي يواجه صعوبة في استيعابهم في ظل اكتظاظه بالفعل بنازحين سوريين وعراقيين فروا من الحرب المندلعة منذ سنوات.

وبعد أن بسط التنظيم المتشدد سيطرته فجأة على مساحات شاسعة من الأرض على جانبي الحدود العراقية السورية عام 2014 وأعلن فيها دولة الخلافة المزعومة، دحرت قوى محلية وأجنبية عديدة التنظيم المتشدد في البلدين وألحقت به هزائم كبرى في 2017.

لكن المتشددين لا يزالون يمثلون تهديدا، ففي العراق، شرعوا في العمل سرا وشنوا هجمات قتل وخطف. وفي سوريا، يتحصن رفاقهم في مناطق صحراوية نائية وينفذون تفجيرات في مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

وتراجعت خلال اليومين الماضيين وتيرة إجلاء المدنيين من الجيب الأخير لداعش في شرق سوريا، فيما لا يزال هجوم قوات سوريا الديمقراطية الأخير نحو البقعة المحاصرة معلقا، وفق ما أوضح متحدث باسمها.

وأطلقت القوات المؤلفة من فصائل كردية وعربية المدعومة من تحالف دولي بقيادة واشنطن، مطلع الشهر الحالي هجومها ضد مقاتلي التنظيم المحاصرين في بلدة الباغوز بعد عمليات إجلاء استمرت أسبوعين.

إلا أنها علقت هجومها بعد يومين لتفسح المجال أمام الراغبين مجددا بالخروج. وخرج منذ ذلك الحين آلاف الرجال والنساء والأطفال من منطقة سيطرة التنظيم المتطرف.

وقال مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي الأحد إن "نحو مئة شخص خرجوا أمس (السبت)" بعد توقف يوم الجمعة.

ومن بين الخارجين السبت وفق بالي "ثلاثة إيغور صينيين وثلاث نساء مغاربة".

ويمنع التنظيم من تبقى من المحاصرين داخل جيبه الذي بات عبارة عن مخيم عشوائي وأراض زراعية في محيطه، من الخروج وفق بالي، الذي أفاد بأن عددا من الشاحنات بانتظار أن تخرج الأحد محملة بالمزيد من الأشخاص.

ويعد عدد الخارجين السبت ضئيلا جدا مقارنة بآلاف الرجال والنساء والأطفال الذين تدفقوا في شاحنات أقلتهم إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية خلال الأيام الماضية.

ولا تملك تلك القوات تصورا واضحا عن عدد المدنيين والمقاتلين الموجودين في البقعة المحاصرة، بعدما فاق السيل البشري الذي خرج من داخل هذه البلدة النائية توقعاتها.

ويسري منذ أسبوع الهدوء عند خطوط التماس بين الطرفين، يتخلله بين الحين والآخر اشتباكات متقطعة أو غارات جوية وقصف مدفعي محدود يستهدف تحركات مقاتلي التنظيم.

وعند خطوط الجبهة، قال مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية السبت إنهم يلتزمون بعدم إطلاق النار خشية من أن يؤثر ذلك على خروج المدنيين.

وكررت تلك القوات تأكيدها أنها تنتظر اكتمال خروج المدنيين لتشن هجوما جديدا تأمل أن يكون الأخير، من دون أن تحدد مهلة زمنية لذلك.

وقال الخبير في الشأن الكردي موتلو جيفير أوغلو الموجود في شرق سوريا يوم الجمعة الماضي، إن تنظيم الدولة الإسلامية هو الجهة المستفيدة من إطالة أمد العملية.

وأوضح أن التنظيم هو "من يحدد عدد الخارجين أساسا ويستفيد من التغطية الإعلامية حول مدى تشبثه" بآخر البقع تحت سيطرته، معربا عن اعتقاده بأنه "غالبا يحضر لشيء ما، لكن ليس معروفا ما هو".