داود أغلو يلوح بثورة إذا عرقل أردوغان دخول حزبه للبرلمان

تهديدات رئيس الوزراء السابق تأتي في وقت يتحرك فيه الرئيس التركي للدفع مع حلفائه القوميين بإجراءات قانونية من شأنها أن تقف حجر عثرة أمام مشاركة أحزاب المعارضة الجديدة في الانتخابات القادمة.
الاستقالات تعصف بحزب أردوغان والمستفيد داود أوغلو
أردوغان يتجه نحو خسارة شعبيته شيئا فشيئا نتيجه سياساته القمعية
نهج أردوغان الفاشل يثير استياء الشارع التركي الباحث عن قائد أفضل لبلاده
أردوغان يخوض معركة شاقة ضد الأحزاب الجديدة المهددة لبقائه في الحكم

أنقرة - وجه زعيم حزب المستقبل في تركيا أحمد داود أوغلو تهديدا مباشرا إلى رفيقه السابق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ملوحا بقيادة ثورة شعبية ضده في حال استمر في اتخاذ إجراءات تعرقل وصول حزبه الجديد إلى البرلمان، وفق ما أفادت به مصادر إعلامية تركية الثلاثاء.

ونقلت 'صحيفة زمان' التركية عن داود أوغلو قوله، "إذا ما أقدمت الحكومة التركية على عرقلة دخول حزب المستقبل إلى الانتخابات القادمة، فإنني سأنطلق برحلة في الأناضول وسأدعو كافة المدن للانتفاضة ضد تلك الممارسات ولن يكون حينها بمقدور أحد الحيلولة دون ذلك".

وتأتي تهديدات داوود أوغلو الذي كان قبل عام أحد أبرز أذرع أردوغان السياسية، في وقت يتحرك فيه الرئيس التركي للدفع مع حلفائه القوميين، بإجراءات قانونية من شأنها أن تؤثر على طريقة خوض المجموعات السياسية للانتخابات، ويمكن أن تقف حجر عثرة أمام مشاركة الأحزاب الجديدة التي أسسها أبرز الأعضاء المنشقون عن العدالة التنمية، في انتخابات مبكرة.

وقال مسؤول في حزب العدالة والتنمية إن الإجراءات الجديدة ستمنع الأحزاب الحديثة من تشكيل مجموعات برلمانية.

ومن شأن هذه الإجراءات أن تخفض الحد الأدنى من الأصوات اللازم لدخول الأحزاب الجديدة البرلمان إلى خمسة بالمئة بدلا من عشرة بالمئة. لكن الأهم بالنسبة للأحزاب الجديدة أنها ستمنع عمليات النقل التكتيكية بين الأحزاب كتلك التي حدثت عام 2018.

وللمشاركة في الانتخابات، يتحتم على الحزب أن يكون قد عقد مؤتمرا وشكل هيكلا حزبيا في نصف الأقاليم التركية، أو أن يكون لديه بالفعل مجموعة من 20 نائبا على الأقل في البرلمان، وهي معايير لا يستوفيها الحزبان الجديدان بعد، فيما يسعى حزب أردوغان الحاكم إلى تنظيم انتخابات مبكرة ليحول دون تكمن الأحزاب الجديدة من استوفاء تلك الشروط.

ويسعى أردوغان في ظل تراجع الدعم للحزب الحاكم وفق استطلاعات الرأي الأخيرة، لإنقاذ شعبيته المتآكلة عبر تحجيم أصوات المعارضة عن طريق قانون يقلص مشاركتهم بالانتخابات فضلا عن ممارسات القمع ضد كل من يشكلون خطرا على هيمنة حزبه في الانتخابات القادمة.

وتأتي مخططات حزب العدالة والتنمية التركي المنافية للعملية الديمقراطية، في ظل تقلص مناصريه وتراجع حظوظه السياسية في البلاد خصوصا بعد فشله المتكرر في إدارة الأزمات التي فاقمت المشاكل الاقتصادية المتراكمة نتيجة السياسات الخاطئة التي تنتهجها الحكومة التركية.

ويشهد حزب العدالة والتنمية تآكلا في شعبيته في ظل استمرار نزيف الاستقالات التي تستفيد منها أحزاب المعارضة الجديدة، فيما يواجه الحزب الحاكم الذي يعيش منذ نحو سنتين على وقع انشقاقات في صفوف أبرز مؤسسيه وقياداته رفضا لسياسات الحزب التي لا تتماشى مع احتياجات تركيا اقتصاديا وأمنيا وسياسيا، على شبح الخسارة والانتكاسة في الانتخابات القادمة.

ويذكر أن أردوغان خسر في الانتخابات البلدية لعام 2019 أبرز معاقله في أنقرة واسطنبول، ما يعكس تراجع شعبية أردوغان في أول اختبار حقيقي يسبق الانتخابات البرلمانية.

وأسس داود أوغلو حزبه الجديد نهاية العام الماضي بعد انشقاقه عن حزب العدالة والتنمية وتبعه والمسؤول السابق عن تنسيق الشؤون الاقتصادية في الحكومة ونائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، الذي أسس مطلع 2020 حزب الديمقراطية والتقدم، ما شكل ضربة قاسية لحزب أردوغان الذي خسر في السنوات الأخيرة أبرز مناصريه.

داود أوغلو يزاحم أردوغان على رئاسة تركيا مستقبلا
داود أوغلو يزاحم أردوغان على رئاسة تركيا مستقبلا

وتشير تحليلات السياسيين إلى أن الحزبين الجديدين بقيادة باباجان وداوود أوغلو، سيمتصان حتما معظم الأصوات من قاعدة حزب العدالة والتنمية الذي يعيش منذ أشهر على وقع استقالات مدوية لأكبر أعضائه وعزوفا كبيرا لمناصريه.

وكان وزير العدل التركي السابق يشار أوكويان قد كشف قبل نحو شهرين استنادا إلى مصادر مقربة من الحكومة التركية، أن 63 نائبا من حزب العدالة والتنمية يستعدون للانتقال إلى حزب علي باباجان.

كما أظهرت استطلاعات رأي خاصة بشعبية الأحزاب السياسية في تركيا تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية 10 بالمئة، حيث بات نحو 25 بالمئة من المصوتين له غير مؤيدين له ولسياسية زعمائه.

وبينما يسعى أردوغان إلى قمع صوت الأحزاب المعارضة الجديدة ومنعهم من المشاركة في الانتخابات القادمة، أعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجيدار أوغلو قبل أسابيع تقديم المساعدة لحزبي داود أوغلو وعلي باباجان في البرلمان لاستكمال النصاب القانوني للمشاركة في انتخابات مبكرة حال تنظيمها.

وأكد كليجيدار أوغلو التحالف مع الحزبين الجديدين لتشكيل كتلة برلمانية منافسة بقوة لتحالفات أردوغان، الأمر الذي أزعج الحزب الحاكم وحلفائه، ودفعهم للمطالبة بتعديل قانون الأحزاب بما يمنع انتقال البرلماني لحزب آخر قبل مرور عام على بدء الدورة التشريعية.

وتشير التقلبات السياسية والأزمات الاقتصادية المتناثرة التي تعيشها تركيا في السنوات القليلة الماضية تحت إدارة أردوغان، إلى تراجع شعبيته بين الأتراك وارتفاع موجه الانتقادات الموجهة إليه بسبب سياساته الفاشلة في إدارة البلاد.

وتتلاشى شعبية الرئيس التركي نتيجة سياساته الخاطئة التي تجاوزت أولويات تركيا وقدراتها، إلى الخوض في مسائل خارجية والإنفاق على تدخلات عسكرية مجانية في أكثر من جبهة قتال استنزفت اقتصاد الدولة، فضلا عن ممارسات القمع المستهدفة للمعارضين والأقليات الكردية وهو ما خلق حتما حالة من الاستياء في صفوف الأتراك ونفور المستثمرين بسبب سياسات أردوغان، ما أدى إلى انكماش الاقتصاد وانهيار الليرة وارتفاع التضخم وتفاقم نسب البطالة.

ومن المنطقي أن يخلق الركود الاقتصادي حالة من الاستياء والغضب بين المجتمع التركي الذي من المرجح أن يحمل مسؤولية ذلك إلى النظام، مما يؤدي إلى تراجع شعبية قياداته.

ويعيد هذا التحليل إلى الأذهان تغير اتجاهات الناخبين أثناء اقتراب مواعيد التصويت طبقا لحاجتهم إلى شخصيات أكثر قدرة على قيادة الدولة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعيشها واللجوء إليهم لتجاوز هذه العقبات، وهو ما يرجح أن يتوجه الناخبون الأتراك نحو أداء تصويت عقابي للحزب الحاكم الطين يحملونه مسؤولية تراكم الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها بلادهم.