درجات حرارة الحرب الباردة في الشرق الأوسط نحو الارتفاع
صحيح أن استمالة دول الخليج الغنية بالنفط تمثل إحدى أهم أولويات الرئيس الأميركي جو بايدن للشرق الأوسط بسبب تفجر أزمة طاقة عالمية تبعا لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن العديد من المحللين يرجحون أن بايدن يسعى من خلال جولته الشرق أوسطية أيضا إلى رسم معالم جديدة للمنطقة عبر تكوين دفاع جوي مشترك بين إسرائيل والدول العربية لمواجهة التهديدات الإيرانية، وعبر الحث على إنشاء سوق اقتصادية شرق أوسطية مشتركة، وذلك في وقت أشعرت فيه الحرب في أوكرانيا أن العرب وإنْ التزموا الحياد فإنهم لم يبدوا تحمسا للوقوف إلى جانب الغرب ضد موسكو، وهو أمر قد يدعو أميركا إلى محاولة إيقاف التوغل الروسي في سياسات المنطقة.
وبيدأ بايدن انطلاقا من بعد ظهر الأربعاء جولته الشرق أوسطية بزيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية حيث سيمكث حوالي 40 ساعة ليتحول بعدها مباشرة إلى المملكة العربية السعودية في رحلة جوية مباشرة بين تل أبيب وجدة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية الجمعة، أن المؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل تعتزمان الطلب من الرئيس الأميركي "تعزيز تشكيل الدفاع الجوي الإقليمي" ضد إيران.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن "الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان لإرساء أساس لتحالف أمني مع الدول العربية، يربط أنظمة الدفاع الجوي فيما بينها" لمكافحة ما قالت إنه "هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية في الشرق الأوسط".
الدول العربية لا تنكر أن مشروع ناتو شرق أوسطي قيد المناقشة لكنها لا تعتبره قضية آنية عاجلة
وقالت صحيفة هآرتس ان من المفترض أن يزور بايدن وحدة البحث وتطوير الوسائل القتالية والتكنولوجية في وزارة الأمن الإسرائيلية "حوما"، الموجودة في قاعدة بلماحيم، وهي المسؤولة عن "التطوير والإنتاج لمنظومات دفاعية ضد تهديد الصواريخ والقذائف بالتعاون مع الولايات المتحدة".
وعلقت الخارجية الإيرانية السبت، بالقول إن "خطط الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل عقد اتفاق دفاع مشترك مع دول عربية، لن تؤدي إلا إلى زيادة التوتر في المنطقة".
وقال المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني إن "طرح هذا الموضوع مستفز، وإيران تنظر إلى هذه التصريحات كتهديد لأمنها القومي ولأمن المنطقة".
ولا تنكر الدول العربية أن هذا المشروع قيد المناقشة، لكنها لا تعتبره قضية آنية عاجلة وربما تفضل الحديث عن "الناتو الشرق الأوسطي" كمسألة مستقبلية.
وصرح وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال زيارته البحرين في الأول من تموز/يوليو أن "إنشاء تحالف أو تنظيم عسكري جديد يتطلب مشاورات مكثفة، وهذه المسألة ليست قيد البحث في الوقت الراهن".
ووفقا لشكري، لن يُناقش تحالف الدفاع الجوي خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في جدة، التي سيحضرها بايدن، مشددا على أن بلاده تسعى دائما لـ"تفعيل الآليات الأمنية العربية المشتركة".
لكن صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قالت إن "علينا إيلاء اهتمام خاص بالمحادثات الأخيرة في شرم الشيخ"، حيث اجتمع ممثلو قيادات القوات المسلحة الإسرائيلية والمصرية والأردنية والسعودية والقطرية لمناقشة استراتيجية مكافحة التهديدات المشتركة للأمن القومي في هذه الدول.
وأكدت الصحيفة أن المحادثات جرت "بفضل جهود الولايات المتحدة وبرعايتها".
في منتصف يونيو الماضي، كشف أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين عن خطة تهدف إلى دمج أنظمة الدفاع الجوي لدول الشرق الأوسط وإسرائيل، للتعامل مع "تهديدات إيران النووية والصاروخية والطائرات المسيرة".
ويرى متابعون أن ما يسمى بـ"الناتو الشرق أوسطي" سيحقق هدفين رئيسييْن إلى جانب التصدي للتهديدات الإيرانية.
الهدف الأول إسرائيلي بامتياز يتمثل في خفض منسوب عداء بعض الدول العربية لإسرائيل وتمكين الدولة العبرية من إيجاد موقع لها داخل منظومة الدول العربية وخاصة دول الخليج من بوابة الدفاع المشترك والتعاون المشترك، خاصة بعد كشف تل أبيب لنواياها بالسعي لإنشاء سوق شرق أوسطية مشتركة تشمل السعودية، حسب تصريحات وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الاثنين.
وقال ليبرمان ان رؤيته الإقليمية تشمل "نوعا من طريق سريع عابر للشرق الأوسط" وشبكة للسكك الحديدية تربط الدول الشريكة.
وأضاف أن مصر مثلا هي ثالث أكبر مستورد للأسلحة بعد السعودية والهند، مشيرا إلى أن "أكبر دولة في العالم العربي لا ينبغي أن ترتبط بروسيا بهذا الحجم من الاستيراد".
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان الإثنين، إن زيارة بايدن للشرق الأوسط "ستجدد تأكيد دور الولايات المتحدة الحيوي بالمنطقة". وأشار إلى أن هذا الدور "سيكون مختلفا عما كان عليه الوضع إبان الحرب على العراق."