دعوات دولية تحث بغداد وأربيل على تنفيذ اتفاق سنجار

على الرغم من دحر تنظيم داعش في عام 2015 في سنجار، لا يزال كثير من سكان المدينة وأغلبيتهم إيزيديون موجودين في مخيمات النزوح بسبب غياب الاستقرار في مناطقهم.

بغداد -  يحث المجتمع الدولي بغداد وابريل على تنفيذ اتفاق سنجار الموقع بينهما منذ أكتوبر 2020 من أجل ضمان استقرار تلك المنطقة والانتقال إلى مرحلة مواجهة التدخلات الخارجية التركية التي تتحجج بوجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني والتدخلات الإيراني عبر الحشد الشعبي الذي دخل سنجار تحت غطاء الحرب ضد داعش، وظل هناك حتى بعد انتفاء هذا السبب.

ومؤخرا، كانت سنجار محور تصريحات كل من الرئيس الفرنسي، الذي قدم مبادرة فرنسية لإنهاء خلافات بغداد وأربيل، والقنصل الأميركي في إقليم كردستان العراق والممثلة الأممية في العراق جينين هينيس بلاسخارت.

اتفق المسؤولون الثلاثة في تصريحات منفصلة على ضرورة تنفيذ اتفاق سنجار الذي يقضي بحفظ الأمن في قضاء سنجار من قبل قوات الأمن الاتحادية بالتنسيق مع قوات الإقليم وإخراج كل الجماعات المسلحة غير القانونية إلى خارج القضاء، وأساسا حزب العمال الكردستاني والحشد الشعبي.

أصبحت مدينة سنجار معروفة على نطاق واسع في أغسطس 2014 إثر مجزرة جماعية ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في حق عدد من سكانها الإيزيديين، لكن هذه المنطقة النائية في شمال العراق لديها قيمة كبيرة من الناحية الجيوسياسية، وهي محل منافسة بين إيران وتركيا.

ويلفت متابعون إن التدخلات العسكرية التركية والغارات الجوية التي تشنها أنقرة على سنجار وعلى المناطق الكردية شمال العراق كانت محور اهتمام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وكان ماكرون ردّ على دعوة برئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني فرنسا والمجتمع الدولي التعاون لحل القضايا العالقة بين كردستان والحكومة الاتحادية، ومنها اتفاق سنجار بقوله  "زيارتنا إلى كردستان هي رسالة بأن فرنسا لن تتخلى عن أصدقائها". وهو تصريح اعتبره مراقبون لا يستهدف فقط الحرب ضد داعش بل يستبطن أيضا دورا فرنسيا لمحاصرة التدخل التركي المتصاعد في العراق وخاصة في المنطقة الكردية.

وكشف عضو المكتب السياسي لمنظمة بدر أبوميثاق المسار أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ينوي وقف التدخلات التركية في العراق ومعالجة قضية سنجار. ونقلت شبكة NRT عربية عن المساري قوله إن "فرنسا تريد تطويق أزمة تغلغل القوات التركية في عمق الأراضي العراقية".

فتركيا، وإن كان ظاهر تدخلاتها قصف مواقع حزب العمال الكردستاني وملاحقة قياداته، تتطلع إلى وجود دائم في المنطقة الغنية بالنفط. وسبق لمسؤول تركي أن أعلن أن بلاده تعتزم إقامة عدد من القواعد العسكرية المؤقتة في شمال العراق بعد أن كثفت ضرباتها على المقاتلين الأكراد هناك، معتبرا أن هذه الخطوات تصبّ في ضمان أمن الحدود.

لكن جهات عراقية تركد أنّ الحديث التركي عن “قواعد مؤقتة” هو مجرّد غطاء لوجود عسكري دائم. كما يشكل الوجود الإيراني المتزايد من خلال التحالف المشترك مع الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني تهديدا للمصالح التركية في شمال العراق.

إيران أيضا تسعى لمحاصرة المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان العراق. لكن شأنها شأن تركيا، ملاحقة المعارضين الأكراد ليس سوى ستار لضمان حضور قوي في هذه المنطقة الإستراتيجية. كما تستشعر إيران قلقا من تثبيت تركيا لموطئ قدم لها في البلاد تحت حجة محاربة عناصر حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي دفعها إلى تحريك الميليشيات الموالية لها.

وخلافا لتركيا، ترى أن إيران أهمية كبرى في سيطرتها عبر الحشد الشعبي على هذه المنطقة وهي التي تسيطر على بغداد والحكومة المركزية. واعتبرت واشنطن أن المطامع الإيرانية سبب في تعطيل تنفيذ اتفاق اربيل.

وقال القنصل الأميركي في إقليم كردستان العراق روبرت بالادينو، الإثنين، إن حكومة بلاده تأسف لوجود ميليشيات موالية لإيران في قضاء سنجار، مؤكدا أنها “لا تريد معالجة مشكلة القضاء”.
وأضاف بالادينو، خلال مؤتمر صحافي عقده في أربيل، “نحن نعتقد أن اتفاقية سنجار مناسبة لحل مشكلة القضاء”، مؤكدا أن “تفاهما بين الحكومتين في بغداد وأربيل والسكان المحليين سيحل المشكلة”.

وهذه النقطة أكّدت عليها جينين هينيس بلاسخارت لافتة أن "تطبيق اتفاق سنجار يصب لصالح سكان سنجار ونينوى وكافة العراقيين".

ونقل موقع كوردستان 24 عن الممثلة الأممية الخاصة قولها إن "اتفاق سنجار مهم جدا، لكن للأسف تنفيذه بطيء جدا، أدعو حكومة بغداد وحكومة اقليم كوردستان وكذلك تلك الجهات المتواجدة في سنجار إلى أن تكون المساعي أكثر جدية لتطبيق الاتفاق".

ويفترض بحسب بنود اتفاق أربيل - بغداد تشكيل قوة محلية رسمية من الإيزيديين والعمل على عودة النازحين وإعادة إعمار سنجار. لكن لا يزال آلاف النازحين يخشون من العودة لمناطقهم بسبب المخاوف الأمنية وانتشار الميليشيات في سنجار، التي يطالب سكانها بأن تكون آمنة ومنزوعة السلاح.

ويحذر مراقبون من تطورات الوضع لافتين إلى أنه منذ استعادة القضاء من تنظيم داعش في ديسمبر من العام 2015 تتنازع العديد من الأطراف المسلحة من أجل السيطرة عليه، وقد يتسبب هذا الصراع في زعزعة المنطقة بأسرها. ونظرا لتداخل الكثير من المصالح المحلية والدولية في هذه الرقعة الصغيرة نسبيا، فإنه دون تحقيق الاستقرار في سنجار سيكون من الصعب جدا تحقيق الاستقرار في العراق، ناهيك عن أن الفوضى ستمتد إلى سوريا المجاورة.