دعوات في الجزائر لتعليق الحراك خشية تفشي كورونا

الشارع الجزائري يختار وقف الاحتجاجات بشكل مؤقت بسبب المخاطر الصحية المنجرة عن انتشار إصابات بالفيروس وانتقال العدوى من المواطنين.

الجزائر - تزايدت الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتعليق مسيرات الحراك الأسبوعية في الجزائر، ما يدفع المتظاهرين للبحث عن وسائل أخرى للاحتجاج تمكنّهم من تفادي خطر الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد.

ويوم الجمعة الماضي الموافق للأسبوع الـ56 على التوالي، خرج آلاف الجزائريين للتظاهر متحدين خطر الفيروس. وفي اليوم التالي فرقت الشرطة بضع مئات من المتظاهرين المتعنتين.

ومع ذلك فإن العديد من الشخصيات في هذه الحركة الاحتجاجية السلمية غير المسبوقة، دعت بشكل علني إلى تعليق المسيرات التي جمعت مئات الآلاف من الجزائريين في ذروة الحراك - طالما أن خطر انتشار الوباء موجود.

وكتب المحامي مصطفى بوشاشي أحد أبرز وجوه الحراك على صفحته على فيسبوك "الحكمة تستوجب تعليق المسيرات حفاظا على الصحة العامة بانتظار المستجدات. إنها الطريقة المثلى للمحافظة على حضارية الحراك مع التفكير جماعيا في بدائل".

كما قال رئيس التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية محسن بلعباس أحد أبرز المعارضين السياسيين في الجزائر، "ندعو أيضا إلى مسؤولية الجميع في جعل صحة الجزائريين هي الأولوية".

الحكمة تستوجب تعليق المسيرات حفاظا على الصحة العامة بانتظار المستجدات

أما سعيد سعدي الشخصية المعارضة المعروفة فقال صراحة "في الثورة يجب تغليب العقل على الشغف. لكي تعيش بحرية، يجب أن تكون على قيد الحياة".

وهو رأي تقاسمه الوزير والدبلوماسي السابق وإحدى شخصيات المعارضة عبدالعزيز رحابي، كاتبا على تويتر "التعليق المؤقت للمسيرات بسبب المخاطر الصحية واجب وطني ويحفظ حقنا في التظاهر بحرية من أجل جزائر قوية وأكثر عدلا".

والنتيجة أن العديد من المنظمات الطلابية أعلنت في بيان مشترك إنها علقت مشاركتها في مسيرات الثلاثاء والجمعة حتى لا "نتحمل مسؤولية انتشار المرض".

واختارت وسائل الإعلام الداعمة للحراك نهجا مماثلا، وهكذا أوقف موقع 'أنترلين' الإخباري تغطيته للحراك لأسباب أمنية، وكذلك الصحافي المستقل خالد درارني الذي اعتقل في عدة مناسبات.

وكتب الصحافي على تويتر "أعلق تغطيتي لما فيه خير الجميع. سنعود أقوى من ذي قبل".

وكشف أحدث بيان رسمي وفاة خمسة أشخاص وإصابة 60 آخرين في الجزائر بفيروس كورونا المستجد.

وحتى وزير الصحة عبدالرحمان بن بوزيد لم يتوان عن الدعوة إلى وقف الحراك "فبغض النظر عن المطالب الشعبية التي أحترمها، يبقى الحراك قبل كل شيء تجمعا لأشخاص قد يتواجد في أوساطهم من يحمل فيروس كورونا، ما قد ينقل العدوى للبقية، فالاستمرار في الحراك الشعبي يشكل خطرا من الناحية العلمية".

حالة وعي بالشارع الجزائري على وقع انتشار كورونا
حالة وعي بالشارع الجزائري على وقع انتشار كورونا

وتأقلم بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مع الواقع الجديد، بالسخرية من خلال تغيير شعارات الاحتجاج فتحول الشعار الأكثر تردادا في التظاهرات "دولة مدنية وليس عسكرية" إلى "دولة مدنية وليس فيروسية".

وتحول شعار "ترحلوا جميعا!" الموجه إلى الحكام إلى "نتربى جميعا!" الموجه إلى جميع الجزائريين بهدف دفعهم لاحترام قواعد النظافة والحد من تحركاتهم وحماية الأكثر ضعفاً.

وانتشر على تويتر وسم "إبق في دارك" باللغات الثلاث العربية والفرنسية والانكليزية، لدعوة الجزائريين إلى عدم مغادرة بيوتهم.

وكتب ناشط على فيسبوك "توقفوا عن الحديث عن مؤامرة تستهدف الحراك عند الحديث عن وقف المسيرات الأسبوعية! لا ينحصر الحراك في التجمعات أو المسيرات. الحراك هو ضمير مواطني قيد البناء وسيدوم في الزمن".

وطرحت مجموعة 'ابتكار' على موقع فيسبوك للنقاش بين الأعضاء، إطلاق فكرة التفكير في أشكال أخرى من النشاط الجماعي.

والسؤال المطروح "في مواجهة أزمة صحية خطيرة ونظام فاسد عاجز عن حماية المواطنين، ما هي الاحتياطات وأشكال التعبئة التي يمكن أن يتخذها الحراك الشعبي؟".

وقال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي عبر مواقع التواصل الاجتماعي "سيتعين علينا أن نذهب إلى أشكال أخرى خارج المسيرات. وسيتعين على الحراك أن يظل فاعلًا في توعية المواطنين والتضامن وإذا لزم الأمر التعبئة الوطنية ضد فيروس كورونا"، مضيفا "نعم ، يمكننا إنشاء مجموعات تضامن وإغاثة ومساعدة وتوعية".

وعلى هذه المواقع ابتكر الجزائريون العديد من الأفكار للمشاركة الفعلية في الحراك على الإنترنت، قائلين "احتجوا من شرفات المباني أو أظهروا ببساطة سلوكا حضاريا".

ويأمل خالد قائلا "يجب أن يعيد الحراك تجديد نفسه. إنها فرصة للخروج من فولكلور المسيرات" كما كتب على تويتر.