دعوها فإنها مأمورة

سباق الإسلاميين في اليمن، حوثيون أو أخوان، هو لنتيجة واحدة لا علاقة للوطنية بها من قريب أو بعيد.

يستغرب الكثيرون من الدور القطري المنتشر في بلاد العرب ومن القوة التي تمتلكها وقدرتها على نشر الخراب، ورغم تكرار النمط، لا يزال الجدل محتدما، فالنمط لم يتغير مطلقا، فالشعوب تثور وتناضل وتضحي، ثم يأتي الإخوان المسلمون بعد انتهاء الحراك ويفرضوا أنفسهم على الواقع بوصفهم أولياء الله في الأرض، دون أن يخاطروا بأنفسهم ودون أن يتكلفوا عناء المقاومة والعصيان المدني.

تكرر المشهد في تونس وسوريا ومصر وها هو اليوم يتكرر في اليمن، فهل يتصرفون تلقائيا؟ لو لم يكن لهم دور مرسوم من قبل الولايات المتحدة، لما تجرأوا على التقدم خطوة واحدة، ولما تجرأت قطر على هذا الإنفاق السخي ذات اليمين وذات الشمال. فمنذ بداية القرن العشرين والإخوان أداة طيعة بيد الولايات المتحدة، فهم يخدمون أغراضها ويساعدونها على تحقيق أهدافها، وأية حركة وطنية صادقة تظهر واضعة نصب عينيها الإخلاص للأوطان والعمل على رفعتها، يخرج الإخوان لها بغتة جاهزين لتخريب مسيرتها وإفشال أهدافها.

الأخوان  كنز أميركا الذي لا يفنى، فهم يحولون دون ازدهار دول العالم الثالث، ويحولون دون فقدان أميركا لموطئ قدمها في المنطقة وقد رأيناهم كيف تصدوا لجمال عبدالناصر خدمة لأميركا وإجهاضا للمشروع القومي الناصري. وحتى في ايران، فلو لم يستلم الخميني السلطة، فإن القوى الوطنية الصادقة كانت ستستلمها وتكف يد أميركا وتهدد مصالحها، خاصة إذا أقامت ايران علاقات طيبة مع دول الجوار العرب.

إن أكثر ما تخشاه أميركا هو نهوض الدول العربية، وهذا يوجب عليها أن تنعش الحركات الإسلامية، فهي تنفذ بدقة ما تريده من خلال أنهار الدم التي تفيض في كل ركن في بلاد العرب، وما كانت قطر لتمضي في هذا الطريق لولا أنها عينت بالأصل للقيام بهذا الدور. فالإسلاميون بشقيهم السني والشيعي يأخذون على عاتقهم إفشال كل حركة وطنية وقتل مفهوم المواطنة التي لا تعرف التمييز الديني أو العرقي ولا تعرف الولاء لخارج الوطن، فلو تسلمت هذه القوى حكم البلاد، فسوف تصبح أميركا والقوى الاستعمارية في خطر، لأنها سوف تعمل لمصلحة بلادها وشعوبها، وتنشغل بالتنمية والتعليم والإنتاج، ولا سبيل الى صد مثل هذه التيارات الوطنية إلا من خلال ضرب فئات الشعوب ببعضها ولا أحد يبرع في ذلك كالإسلاميين. فإخوان اليمن مهدوا للحوثيين الطريق للسيطرة والانتشار، وها هم اليوم يدفعون بالانتحاريين لينفذوا تفجيرات في المناطق السكنية وبين الأهالي، أي أن حرب اليمن سببها الاسلاميون من سنة وشيعة.

إلى متى يظل الإسلاميون أداة للتدمير والتخريب أينما حلوا؟ إن كل ما يفكرون فيه هو إقامة حكم إسلامي، ولكنهم لا يسألون أنفسهم، ماذا بعد ذلك وكأن التاريخ مادة دراسية وجدت للحفظ فقط وعدم استخراج العبرة منها، وهي أن الحكم الاسلامي يعني تسليم أمر البلاد للدول الاسلامية القوية كايران لقيادة الشيعة وتركيا لقيادة السنة، ثم يتقهقر العرب الى جحورهم تاركين للفرس والأتراك التحكم بمصائرهم.