دفعة جديدة لحلم الابحار في الكون بأشرعة الشمس

مركبة بحجم رغيف خبر تفرد أشرعة بمساحة حلبة ملاكمة وتحيي جهود شق الفضاء بلا قطرة وقود اعتمادا على قدرة ضوء على الضغط على أسطح الأقمار الاصطناعية الشراعية وتحريكها.
خاصية فيزيائية تسمى 'ضغط الإشعاع' تفتح أبواب الكون على مصرعيها للبشر
'الشراع الضوئي 2' يهدف لقضاء عام في الدوران حول الارض باستخدام طاقة الفوتونات

واشنطن – يعوّل علماء اميركيون على مركبة فضائية بحجم رغيف خبر لتعزيز فكرة الابحار في الكون عبر الاشرعة الشمسية.

والثلاثاء الماضي فردت مركبة "لايت سيل 2" (الشراع الضوئي 2) أشرعتها الشمسية الكبيرة، لتصبح بذلك من أوائل المهمات الفضائية التي تعمل بالكامل دون وقود، عن طريق دفع أشعة الشمس لها.

وتعتبر "لايت سايل 2 "مشروعاً تابعاً لجمعية الكواكب الأميركية "بلانيتري سوسيتي" حيث تريد هذه المنظمة أن تبرهن أنّ السفر باستخدام الأشعة الشمسية هي تقنية دفع قابلة للتطبيق على المركبات الفضائية.

و"لايت سيل-2" أشبه ما يكون بشراع كبير مساحته 32 مترا مربعا (حلبة ملاكمة)، يتكون من مواد ذات قدرات عالية في عكس الضوء، وفي منتصفه يوجد قمر اصطناعي صغير جدا على شكل مكعب بعرض 10 سنتيمترات فقط، ووزن أكثر بقليل من كيلوغرام واحد.

وجاءت فكرة تلك الأشرعة الشمسية بناء على خاصية فيزيائية معروفة تسمى "ضغط الإشعاع"، وتعني قدرة الضوء الصادر من الشمس، أو أي مصدر آخر، على الضغط على أسطح تلك الأقمار الاصطناعية الشراعية وتحريكها في مدار حول الأرض.

وهذه هي المرحلة الأولى فقط من هذه التقنيات التي تكتسب يوما بعد يوم زخما في الوسط العلمي، حيث تعمل وكالات متنافسة، منها وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، على تطوير أشرعة ضوئية كبرى يمكن لها أن تسافر بسرعات هائلة بين النجوم.

وبدلا من استخدام ضوء الشمس، سيعمل العلماء على توجيه الأشرعة الضوئية من الأرض بنبضات ليزر عالية الدقة والقوة كي تنطلق إلى هدفها.

وبما أن المقاومة في الفضاء تكاد تكون معدومة، فإن انطلاق تلك الأشرعة الضوئية يمكن أن يتسارع حتى يصل في مرحلة ما إلى ربع سرعة الضوء، أي حوالي 60 ألف كيلومتر في الثانية.

وقالت جينيفر فون رئيسة مكتب العمليات في الجمعية الاميركية خلال بث مباشر لنشر الشراع من مركز التحكم بالمركبة الفضائية في كاليفورنيا "إننا متحمسون جداً لكوننا تجاوزنا هذا الإنجاز العظيم. لقد نشرنا الشراع الشمسي الآن، وحان وقت البدء بعملية الإبحار الفضائي الصعبة".

وكانت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية اطلقت أول مهمة شراع شمسي استعراضية ناجحة في مايو/آذار عام 2010، حيث لقبت بـ "اليخت الشمسي".

وأثبت المشروع حينها أنّه يمكن لغشاء رقيق مرتبط بجسم المركبة أن يدفعها إلى الأمام نتيجة زخم الجسيمات الضوئية، المدعوة بالفوتونات، الساقطة عليها والتي تُصدرها الشمس.

كما أطلقت ناسا أيضا شراعا شمسيا صغيرا يُدعى "نانوسايل دي" في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، ولكن منذ ذلك الحين توقفت مشاريع الأشرعة الشمسية.

والهدف من إطلاق "لايت سايل 2" هو احياء تقنية الاشرعة الشمسية عبر قضاء سنة في الدوران حول الارض باستعمال طاقة الفوتونات. ونشرت "بلانيتري سوسيتي تغريدةً على تويتر قالت فيها "كل الإشارات تدل على أنّ لايت سايل 2 قد نشرت أشرعتها الشمسية كما كان مخططٌ لها. وإننا نؤكد الآن على أنّ النشر كان ناجحاً من خلال الصور التي تم تحميلها." وبعد فترة قصيرة تبعتها تغريدة أخرى، صرحت فيها المنظمة أنها سوف "تبدأ بتنزيل صور اليوم لبقية مسارات التتبع لإثبات ذلك."   أرسلت مركبة لايت سايل 2 أولى صورها للأرض في وقت سابق من الشهر (7 يوليو/تموز) وأكدت الجمعية الكوكبية أن المركبة الفضائية قد التقطت صوراً خلال مناوراة نشر الشراع الشمسي.

حتى الآن، تستمر لايت سايل 2 بالعمل بشكلٍ أكثر سلاسة من سابقتها، التي عانت من خللٍ برمجي بعد يومين فقط من إطلاقها إلى مدارها حول الأرض.