دماء على المستطيل الأخضر؟!

حماية الملاعب من الشغب يختلف تماما عن السيطرة على تظاهرة سياسية في الشارع.

كارثة في مباراة لكرة القدم في جزيرة جاوة الأندونيسية أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. خبر صباحي صادم، ومشاهد لما حدث تعيدنا بالذاكرة لما سبقها من احداث دموية شهدتها ملاعب كرة القدم في العالم.

ما حدث يفتح ملف التعامل الأمني في حماية الملاعب من الشغب وخصوصاً في الدول التي تتمتع بعقلية أمنية قمعية لذا تجد أن القوات التي تؤمّن الملاعب هي نفسها قوات مكافحة الشغب التي تنزل للشوارع لقمع المظاهرات والاحتجاجات في تلك الدول، فتجدها مستعدة كأنها تدخل حرباً ومواجهة شرسة. لكن ما يغيب عن العقلية الأمنية القاصرة في ضبط أمن ملاعب كرة القدم أن شغب أو غضب المشجعين يختلف سلوكياً ونفسياً وعملياً عن سلوك ورد فعل المتظاهرين والمحتجين لذا يبدأ الخطأ بطريقة التعامل فيواجه الفعل برد فعل شرس يتجاوز بمراحل ما يعبر عنه المشجع الكروي من غضب على نتيجة مباراة أو ظلم تحكيمي وما شابه.

وتأتي القنابل المسيلة للدموع لتزيد الامور سوءاً ويضاف التدافع للخروج من الملاعب لما يحدث على ارض الملعب فتصبح الكارثة مزدوجة وتسيل الدماء على المستطيل الأخضر.

لا بد من تغيير العقلية الأمنية في ضبط أمن الملاعب وتحضير العناصر المكلّفة بهذه المهمة وتدريبها على التعامل النفسي والبداني مع حالة مختلفة تماماً عن محتجين سياسيين ومتظاهرين ناقمين.

وهنا لا يفوتني أن أوثق الحكاية الحقيقية للقب الهوليغانز الذي توصف به الجماهير الانكليزية المشاغبة فقد توصل المؤرخون البريطانيون المهتمون بتاريخ كرة القدم إلى أن أصل المصطلح يعود إلى سِكّير أيرلندي يدعى باتريك هوليغان، كان قد اشتُهر عام 1898 بدخوله في شجار عنيف في حانة لامب آند فلاغ بجنوب لندن. وعلى ما يبدو فقد كان السيد هوليغان صاحب القامة البدنية الهائلة ومهارات الملاكمة الاستثنائية يفقد صوابه كلما تناول بضع كؤوس أكثر من اللازم ليُحطم كل ما يحيط به من أكواب وطاولات، بل حتى عظام البعض.

المثير في الأمر أن هذا الأيرلندي لم يكن يربطه شيء بكرة القدم حتى بداية القرن العشرين حينما وقعت مشاجرة كبيرة بين مشجعي فريقين انكليزيين، فربطت صحيفة في أحد تقاريرها هذا العراك بالمشاجرات التي كان يفتعلها الشرير باتريك هوليغان في الحانات، ومنذ تلك اللحظة ظل لقبه مرتبطاً بكل شجار يكون الجمهور البريطاني المتعصب الواقع تحت تأثير الكحول طرفاً فيه سواء في بريطانيا أو خارجها.