دمشق تعرض على الأكراد 'إدارة محلية' بدستور 2012

أحزاب من الإدارة الذاتية الديمقراطية التي يديرها الأكراد اجتمعت مع وفد من المعارضة وقوى سياسية مقربة من الحكومة السورية لمناقشة المرحلة الانتقالية في البلاد.

دمشق - قدمت الحكومة السورية عرضاً لأحزاب كردية في شمال شرق البلاد لإدارة تلك المنطقة ضمن مشروع الإدارة المحلية الموجود في الدستور السوري لعام 2012. 

وكشفت مصادر صحفية سورية إن أحزاب من الإدارة الذاتية الديمقراطية التي يديرها الأكراد اجتمعت أمس السبت مع "وفد من معارضة الداخل وقوى سياسية مقربة من الحكومة السورية" في القامشلي.

ونقلت صحيفة "الوطن" السورية عن عضو مجلس الشعب السوري نواف الملحم القول إن وفدا من دمشق يضم أحزابا وأعضاء في مجلس الشعب قدم لشخصيات وقوى في شمال شرق سورية مشروع "الإدارة المحلية" الموجود في الدستور السوري لعام 2012، لتدار وفقه تلك المناطق، موضحاً أن تلك القوى لم ترفض المشروع وبذات الوقت لم تعطِ موافقتها عليه.

وأضافت الصحيفة أن وفد الإدارة الذاتية ضم أعضاء من حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب الاتحاد السرياني وحزب اليسار الكردي وحزب الوحدة، اجتمعوا مع أعضاء من أحزاب مقربة من نظام بشار الأسد  ومع شخصيات من المعارضة لمناقشة الأزمة السورية والمرحلة الانتقالية في البلاد.

وكانت الإدارة الذاتية التي أعلنها الأكراد قبل سنوات تسيطر على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا، بعد أن تمكنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التابعة لها، وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من طرد تنظيم داعش الّإرهابي من آخر نقاط سيطرته في شرقي البلاد.

لكن الانسحاب الأميركي من تلك المناطق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي سمح لتركيا بالإسراع في تنفيذ هجوم عسكري ضد المقاتلين الأكراد استمرت لأسابيع، حيث سيطرت أنقرة وفصائل سورية موالية لها على منطقة حدودية بطول 120 كيلومتراً بين مدينتي رأس العين (شمال الحسكة) وتل أبيض (شمال الرقة)، قبل أن تعلق هجومها إثر وساطة أميركية واتفاق مع روسيا.

واضطرت تلك المستجدات الأكراد للقبول بالدخول في مشاورات مع النظام السوري بوساطة روسية وقبول تعزيزات عسكرية آنذاك لصد الهجوم التركي وهو ما مهد للتنسيق بين الطرفين.

وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول أعلنت الإدارة الذاتية الكردية في بيان أنها توصلت إلى اتفاق مع الرئيس السوري بشار الأسد يقضي بنشر قوات الجيش السوري على طول الحدود مع تركيا بهدف التصدي للقوات التركية التي تشن عملية عسكرية هناك.

وهذا أول مؤشر واضح على نية  قبول الأكراد التعاون مع نظام الأسد من جديد بعد أن كان مسؤولون في الإدارة الذاتية يقولون إن المفاوضات كانت متعثرة.

العدوان التركي ضد الأكراد اضطرهم للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الأسد
العدوان التركي اضطر الأكراد ​​​للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الأسد

وأشار الملحم إلى أن اللقاء الذي عقد السبت جاء بعد لقاءات سابقة "تنسيقية بيننا وبينهم ووجدنا خلالها أن هناك ما يجمعنا من أفكار وطنية وثوابت وطنية".

وأوضح أنه في اللقاءات السابقة كان المشاركون "يؤكدون أننا نحن سوريون لنا حقوق كأي فرد سوري وللوطن واجبات علينا كما على الآخرين ونحن لسنا انفصاليين، ونحمي حدود سورية وطهرنا شمال شرق البلاد (من الإرهاب)، وقاتلنا وقدمنا الشهداء وضحينا".

وأضاف أن اللقاءات السابقة كانت قد خصصت لطرح مشروع الإدارة الذاتية والسبت تم تسليمهم مشروع الإدارة المحلية، لتتم مناقشتها، مشيرا إلى أن أحزاب الإدارة الذاتية عبروا عن "نيتهم في التباحث وأنه ليس لديهم أي مانع أو تحفظ باللقاء مع الحكومة السورية والبحث في مستقبل الجزيرة ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية".

وسبق وأن أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أنها تقف ضد أي محاولة انفصالية في البلاد، مؤكدة أن الحدود الدولية من واجب الحكومة المركزية، وهو يفسر قبولها نشر جنود وقوات تابعة للجيش النظامي السوري في ظل حالة الطوارئ التي تزامنت مع العدوان التركي لاستباحة الأراضي السورية والانتقام منهم.

يذكر أن الأكراد يمثلون ما بين سبعة وعشرة في المئة من تعداد السكان في سوريا، ويعيش معظمهم في محافظتي الحسكة وحلب إلى جانب العاصمة دمشق ومدينة حلب.

وتعرض الأكراد السوريين للكثير من القمع والحرمان من الحقوق الأساسية. وتم تجريد حوالي 300 ألف من الأكراد من الجنسية السورية منذ ستينيات القرن الماضي، وصودرت الأراضي الكردية وأعيد توزيعها على العرب في محاولة "لتعريب" المناطق الكردية.

ولم تتأثر المناطق الكردية كثيرا بالصراع السوري مع بداية الحرب وتجنبت الأحزاب الكردية الكبرى اتخاذ أي موقف من أي من طرفي الصراع.

لكن مع انسحاب القوات السورية من المناطق الكردية منتصف عام 2012، لتركز على قتال المعارضة في مناطق أخرى، فرضت القوات الكردية سيطرتها على المنطقة حيث أقام حزب الاتحاد الديمقراطي إدارات ذاتية في كل من القامشلي وكوباني وعفرين عام 2014. وأكد الحزب أنه لا يسعى للاستقلال بل إلى "إدارة محلية ديمقراطية".

في مارس/آذار عام 2016 أعلنت الأحزاب الكردية إقامة "نظام فيدرالي" يشمل المناطق العربية والتركمانية التي تم استعادتها من التنظيم.

وقد رفض هذا الإعلان من قبل الحكومة السورية والمعارضة السورية وتركيا والولايات المتحدة.

وأعلن حزب الاتحاد الديمقراطي (الحزب الكردي المهيمن في المنطقة) أن أية تسوية سياسية في سوريا لابد وأن تضمن الحقوق القانونية للأكراد والاعتراف بالحكم الذاتي لهم.

وتعهد باستعادة كل شبر من الأراضي السورية بالمفاوضات أو القوة العسكرية. ورفضت حكومته المطالب الكردية بالحكم الذاتي.