دوريات أميركية تركية تجوب شمال سوريا

واشنطن تتوصل بعد محادثات مكثفة إلى اتفاق تسعى من خلاله إلى احتواء التهديدات التركية بشن عمليات عسكرية ضد الوحدات الكردية.
الديبلوماسية الأميركية تتحرك لحماية حلفائها في سوريا من التهديدات التركية
الاتفاق يحد من مساعي تركيا للسيطرة على المناطق السورية الحدودية

أكتشاكاليه (تركيا) - بدأت أنقرة وواشنطن اليوم الأحد تسيير أولى دورياتهما المشتركة قرب الحدود التركية في مناطق سيطرة الأكراد في شمال سوريا، تنفيذاً لاتفاق توصلتا إليه لإنشاء 'منطقة آمنة' وحال دون شن تركيا لعملية عسكرية.

ويأتي هذا الاتفاق بناءً على سعي الإدارة الأميركية احتواء التهديدات التركية بفتح الطريق أمام المهاجرين إلى أوروبا، بالإضافة إلى تهديدها المستمر بشن هجمات جديدة على مناطق أكراد. كما تهدف واشنطن إلى إعادة القوات التركية إلى مناطقها داخل أراضيها.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الجمعة الماضي إن "بلاده خططت لبدء تسيير الدوريات البرية المشتركة في المنطقة الآمنة، اعتبارا من 8 سبتمبر/أيلول الجاري"، حيث جاء تصريحه بعد يوم من تهديد الرئيس التركي بإطلاق سيل من المهاجرين نحو أوروبا.

ودخلت إلى الأراضي السورية ست آليات مدرعة تركية لتنضم إلى المدرعات الأميركية، تزامناً مع تحليق مروحتين حربيتين في أجواء المنطقة.

ورافقت سيارة إسعاف وشاحنة 'بيك أب' صغيرة، المدرعات المشتركة التي توجهت شرقاً بعد دخولها إلى سوريا.

وبعد تصعيد في التهديدات التركية بشن هجوم ضد المقاتلين الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا، تحركت الولايات المتحدة دبلوماسياً لحماية حلفائها في سوريا من عملية عسكرية.

وإثر محادثات ثنائية مكثفة توصلت واشنطن وأنقرة في السابع من أغسطس/آب، إلى اتفاق على إنشاء 'منطقة آمنة' تفصل بين مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية أبرز مكونات لقوات سوريا الديمقراطية والحدود التركية، على أن يتم تنفيذه بشكل تدريجي.

وتنفيذاً لأحد أبرز بنود الاتفاق، انطلقت الأحد دوريات أميركية تركية مشتركة في منطقة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي.

ومن المفترض أن تستمر الدوريات حتى منتصف اليوم قبل أن تعود القوات التركية أدراجها إلى تركيا، وفق وزارة الدفاع التركية التي أشارت إلى مشاركة طائرات مسيرة في العملية.

وقال رياض خميس الرئيس المشترك لمجلس تل أبيض العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية إن "الدوريات ستقتصر الأحد على بضعة كيلومترات شرق تل أبيض".

وأضاف "نحن نطبق الاتفاق وليس لدينا مشكلة به طالما يبعد آلية الحرب عن أرضنا وشعبنا"، مشيراً إلى أن موعد الدوريات المقبلة غير واضح حتى الآن.

وتعهدت قوات سوريا الديمقراطية في وقت سابق ببذل كافة الجهود اللازمة لإنجاح الاتفاق، وعمدت إلى تدمير تحصينات عسكرية في المنطقة الحدودية.

وبدأت أيضا الإدارة الذاتية قبل عشرة أيام بسحب مجموعات من الوحدات الكردية من المنطقة الحدودية في محيط بلدتي تل أبيض ورأس العين، فضلاً عن الأسلحة الثقيلة.

وأنشأت بدلاً عن الوحدات الكردية، مجالس عسكرية محلية قوامها مقاتلين محليين مهمتهم حماية مناطقهم.

وتعد الوحدات الكردية التي تصنفها أنقرة منظمة إرهابية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، الشريك الرئيسي للتحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وطالما شكل هذا التحالف بين واشنطن والأكراد مصدر قلق لأنقرة، إذ إنها تعتبر الوحدات الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود.

مع توسّع دور الأكراد في سوريا وإنشائهم إدارة ذاتية في شمال وشمال شرق البلاد، زادت خشية تركيا من أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها.

وشنّت أنقرة لمواجهة توسّع الأكراد منذ 2016 عمليتين عسكريتين في سوريا، سيطرت خلالها على مناطق حدودية.

وتمكنت في العام 2018 من السيطرة مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين ثالث أقاليم الإدارة الذاتية.

ولم تهدأ منذ ذاك الحين تهديدات أنقرة بشنّ هجوم جديد على مناطق الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا، والتي يطلق عليها تسمية 'شرق الفرات'، وينتشر فيها المئات من أفراد القوات الأميركية الداعمة للأكراد.

وحذّر الأكراد مراراً من أنّ أيّ هجوم تركي قد يخرج الوضع الأمني عن السيطرة في مناطقهم، ولن يتمكنوا بالنتيجة من حماية السجون والمخيمات التي تؤوي الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الأجانب وأفراد عائلاتهم ولا من مواجهة خلايا التنظيم النائمة.

وصعدت أنقرة تهديداتها أكثر خلال الصيف وللحؤول دون تنفيذها، خاضت واشنطن محادثات مكثفة معها إلى أن تم التوصل إلى اتفاق 'المنطقة الآمنة'.

وتم الشهر الماضي تنفيذاً لبنود الاتفاق، إنشاء مركز العمليات المشترك التركي الأميركي لتنسيق كيفية إقامة 'المنطقة الآمنة'.

إلا أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل حول الإطار الزمني للاتفاق وحجم المنطقة برغم إشارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى أن نظيره الأميركي دونالد ترامب وعده بأنها ستكون بعرض 32 كيلومتراً.

وأفادت قوات سوريا الديمقراطية بدورها أن عمق المنطقة التي وافقت عليها يصل إلى خمسة كيلومترات، ولكن سيتراوح في بعض المناطق الواقعة بين رأس العين وتل أبيض بين تسعة (كيلومترات) و14 كيلومتراً.

والمنطقة الممتدة من تل أبيض حتى رأس العين هي ذات غالبية عربية، على عكس الجزء الأكبر من المناطق السورية الحدودية مع تركيا التي هي ذات غالبية كردية.

وأبدت دمشق بدورها رفضها القاطع للاتفاق الذي يرى مراقبون أن أحد أهداف أنقرة منه، هو ضمان مناطق جديدة في سوريا تعيد إليها اللاجئين السوريين لديها. وتستضيف تركيا 3.6 مليون لاجئ سوري.

وحذرت تركيا مراراً من أي تأخير يطاول تنفيذ الاتفاق وكرر أردوغان الأسبوع الحالي تهديداته بشن عملية عسكرية ضد الوحدات الكردية في حال عدم إحراز تقدم حول 'المنطقة الآمنة'.

وأكد رئيس هيئة الأركان العامة التركية يشار غولر السبت الماضي لنظيره الأميركي جوزيف دانفورد، وفق بيان لوزارة الدفاع التركية أنه يجب إنشاء 'المنطقة الآمنة' من دون إضاعة الوقت.