دور وازن للإمارات يُخفف معاناة منكوبي الزلزال بشمال سوريا

وزير خارجية الإمارات طلب من الأسد أن يقدم بادرة حسن نية تجاه المجتمع الدولي وقال له هذه فرصتك لإظهار التعاون بموضوع المعابر.
الإمارات تحرص على مدّ يد العون للعديد من الدول التي تواجه كوارث طبيعية

دمشق - لعبت الدبلوماسية الإماراتية دورا وازنا في حل معضلة ايصال المساعدات الانسانية والإغاثية لمنكوبي الزلزال في شمال سوريا وفتح المعابر فيما كانت دمشق تتمسك بأن تمر جميع المساعدات الأممية والدولية لمناطق سيطرة المعارضة، عبر مؤسساتها الرسمية وهو أمر يبدو مفهوما في خضم بحث الحكومة السورية عن كسر العزلة الدولية ودفع المجتمع الدولي الذي يشكك في شرعية النظام السوري، للتعامل معه.

ويثبت نجاح الدبلوماسية الإماراتية مرة أخرى الواقعية التي تنتهجها أبوظبي ضمن مقاربة شاملة تذهب مباشرة لحل الاشكالات القائمة خاصة في ما يتعلق بالقضايا الانسانية التي تتطلب الحكمة في المعالجة بعيدا عن التشنج السياسي والردود الانفعالية، خاصة وأن العديد من الهيئات الأممية والدولية تأخرت في تقديم المساعدة في الوقت الذي كان فيه ملايين السوريين يحتاجون إلى تدخل عاجل خاصة في شمال البلاد الذي يفتقر للامكانات اللوجستية لانتشال ناجين من تحت الأنقاض ومعالجة الجرحى.

وقالت مصادر إن الرئيس السوري بشار الأسد سمح بتوصيل المزيد من المساعدات إلى شمال غرب البلاد بطلب من الإمارات، ما يمثل انتصارا دبلوماسيا للدولة الخليجية التي أعادت بناء العلاقات مع دمشق على الرغم من الرفض الأميركي، فضلا عن جهودها الإنسانية التي لم تهدأ منذ وقوع الزلزال الذي أسفر عن سقوط أكثر من 4400 قتيل وخلف 7600 مصابا في سوريا وحدها.

وتحرص الإمارات على مدّ يد العون للعديد من الدول التي تواجه كوارث طبيعية أو صحية وهو ما صنفها من أكثر الدول ريادة في مجال الدعم الإنساني والإغاثي.

وشكل قرار الأسد الموافقة على وصول قوافل مساعدات من الأمم المتحدة على نطاق أوسع إلى الشمال الغربي قادمة من تركيا تحولا في موقفه بعد معارضته لفترة طويلة تدفق المساعدات عبر الحدود إلى المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة ويعيش بها أربعة ملايين كانوا يعتمدون بالفعل على المساعدات. وجاءت موافقته بعد فترة من الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، مسفرا عن مقتل أكثر من 49 ألف شخص.

وأعادت الإمارات العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في العام 2018 وكانت أول دولة خليجية وعربية تعيد فتح سفارتها في العاصمة السورية ثم استقبلت الأسد في زيارة رسمية في أول زيارة خارجية له في مارس/آذار الماضي في خطو ة على طريق عودة سوريا إلى الحضن العربي بعد أكثر من عقد من القطيعة.

وقال مصدر رفيع المستوى على دراية بتفكير الحكومة السورية ومصدر دبلوماسي كبير إن وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ناقش مسألة المعابر مع الأسد في دمشق يوم 12 فبراير/شباط أي قبل يوم واحد من إعلان موافقة الحكومة السورية على ادخالالمساعدات عبر تركيا.

وأضاف المصدر أن "وزير خارجية الإمارات طلب من الأسد أن يقدم بادرة حسن نية تجاه المجتمع الدولي وقال له هذه فرصتك لإظهار التعاون بموضوع المعابر، الكل الآن يتطلع إلى فتح المعابر أمام المساعدات وهذه ستكون نقطة مفصلية ووعده الأسد خيرا وهذا ما حصل".

وقال مصدر دبلوماسي كبير "إحدى النقاط الرئيسية التي أثارها كانت الحاجة الملحة للسماح بوصول المساعدات الإنسانية من أي طريقة كانت بحاجة إلى الوصول إليها".

وأشار وزير الخارجية الإماراتي إلى أن مارتن غريفيث منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة كان من المقرر أن يزور دمشق في اليوم التالي، بينما أعلنت الأمم المتحدة قرار الأسد بعد ساعات من لقائه بغريفيث في دمشق.

وقال المصدر القريب من الحكومة السورية إنه يجب عدم الاستهانة بدور الإمارات في إقناع الأسد، فيما أكد مسؤول تركي أيضا أن الإمارات لعبت دورا في إقناعه. ولم تصدر الرئاسة السورية أي تصريحات بشأن قرار الأسد بالموافقة على استخدام المعابر.

وسبق للإمارات أن أرسلت حوالي 117 طنا من المواد الإغاثية للمتضررين من الزلزال في سوريا وتركيا، في إطار عملية "الفارس الشهم 2" كما ساهمت بفوج طائرات شحن تم إرسالها إلى البلدين يضم 36 طائرة محملة بالمواد الاغاثية والانسانية، إصافة إلى الجهود التي بذلتها فرق البحث والإنقاذ الإماراتية لإنتشال العالقين من تحت الأنقاض عبر الأجهزة والمعدات النوعية والمتخصصة.

وأمر رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعد وقوع الزلزال بتقديم 100 مليون دولار مناصفة بين تركيا وسوريا لإغاثة المتضررين، ثم قدمت الإمارات 50 مليون دولار اضافية لدمشق لدعم الجهود الانسانية والمساعدة على مواجهة الكارثة.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية إن "هذه المساعدات الإنسانية والطبية المقدمة من دولة الإمارات العربية المتحدة تأتي في إطار الاستجابة العاجلة للتخفيف من آثار الزلزال الذي تعرضت له سوريا وتركيا"، مشيرة إلى أن المبادرة "تجسد الجهود الإنسانية التي تضطلع بها الدولة على الساحة الدولية ونهجها في مد يد العون والمساعدة إلى المجتمعات الشقيقة والصديقة في مختلف الظروف".