دولت بهجلي، شريك وازن أم عبء على إردوغان

الرئيس التركي يقع أسيرا لتحالفه مع رئيس الحركة القومية بالنظر لتأثيره في مسائل على غرار التشدد في وجه المعارضة المساندة للأكراد والسياسة الخارجية المتصلبة.

أنقرة - يثير موقع دولت بهجلي في السياسة التركية انقساماً، بين من يصفه بصانع ملوك ومن يقول إنّه صاحب القرار في مجال السياسات الأمنية، فيما يرى مراقبون أنّه رجل الكواليس الذي يحرّك حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان.

ودولت بهجلي رئيس الحركة القومية، ليس موجوداً في الحكومة ولم يحظ حزبه إلا بنسبة 11 بالمئة في انتخابات 2018، ولكنّ تأثيره كبير خصوصا في مسائل على غرار التشدد في وجه المعارضة المساندة للأكراد والسياسة الخارجية المتصلبة.

وفي ظل تآكل شعبية الرئيس التركي على خلفية المصاعب الاقتصادية، قد يحتاج إردوغان إلى دعم بهجلي وحزبه أكثر من أي وقت مضى للفوز بولاية رئاسية ثالثة.

ويظلّ هذا الرجل الذي يحب الظهور في صورة "رجل الشعب"، لغزاً بالنسبة إلى كثيرين رغم وجوده على رأس حزب الحركة القومية منذ عام 1997.

ويتعرض إردوغان من منتقديه إلى اللوم لأنّهم يعتقدون أنّه اتجّه كثيراً إلى اليمين بسبب الاستسلام، كما يقولون، لابتزازات رئيس الحركة القومية الانتخابية، بما في ذلك منحه امتيازات لا تحظى بشعبية.

تحدد رؤية السيّد بهجلي مسار سياسات حزب العدالة والتنمية

وعندما تفاقمت الأزمة الوبائية العام الماضي، حظي بهتشلي بإطلاق سراح رجل قريب منه وهو من كبار شخصيات المافيا في سياق عفو عن بعض السجناء.

ويقول إدريس شاهين، أحد قادة حزب العدالة والتنمية سابقاً ونائب رئيس حزب "ديفا" المعارض حالياً، إنّه منذ 2016 "تحدد رؤية السيّد بهجلي مسار سياسات حزب العدالة والتنمية".

لا يشغل "الحركة القومية" مناصب وزارية، بيد أنّ وزير الداخلية النافذ سليمان صويلو يعدّ من المفضلين لدى قيادات هذا الحزب.

وحينما أراد صويلو الاستقالة العام الماضي وسط انتقادات لإدارته أوّل إغلاق جزئي في البلاد لمواجهة تفشي فيروس كورونا، سارع بهجلي وحزبه إلى مساندته، ورفض إدروغان الاستقالة، وخرج وزير الداخلية من الأزمة أقوى من ذي قبل.

وكان تأثير بهجلي قائما في مارس/آذار الماضي عندما قدّم نائب عام التماساً إلى المحكمة الدستورية لحظر حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد.

وكان الزعيم القومي قد قاد حملة لإقرار هذا الحظر وتمّ الإعلان عن بدء المسار القضائي عشية مؤتمر حزبه، في خطوة فسّرها معارضون على أنّها "هدية" من إردوغان إلى شريكه القومي.

وقال الباحث السياسي بوراك بيلغيهان أوزبك إنّ حزب الحركة القومية يعمل كـ"مجلس أمن قومي" جديد، في إشارة إلى المؤسسة النافذة التي كانت تقرر في المسائل الأمنية والدفاعية لتركيا، مضيفا أنّ "حزب الحركة القومية يحدد إطار سياسة الأمن القومي. بهجلي يقرر من سيصنّف إرهابياً".

رغم ذلك فإنّ حزبي العدالة والتنمية الآتي من خلفية إسلامية محافظة والحركة القومية الراسخة في أقصى اليمين، يختلفان حول نقاط عدة وثمة أمور لا يقرر بهجلي بشأنها.

فهو مثلاً أراد إعادة القسم القومي في المدارس الذي ألغاه إردوغان عام 2013، ولكن دون جدوى.

وكان "تحالف الشعب" اسم الائتلاف غير الرسمي لحزب الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية، قد تعذّر إنشاؤه إلى أن بدّل دولت بهجلي رأيه بشأن النظام الرئاسي العزيز على إردوغان، بعدما كان يعارضه في البداية.

وانتقلت تركيا في 2018 إلى نظام حكم رئاسي يمنح صلاحيات واسعة جدا لإردوغان.

ويعتبر الباحث ارك ايسين أنّ مساندة حزب الحركة القومية للنظام الرئاسي أتاح أمام كثر من أنصارها الدخول إلى الوظائف العامة.

ولكن في المقلب الآخر، يتساءل دبلوماسيون غربيون عما إذا كان بهجلي شريكاً وازناً لإردوغان أو عبئا عليه.

فبعدما أقصى حلفاءه السابقين، بمن فيهم الليبراليون القريبون للغرب، لم يبق من حوله سوى القوميين المتشددين.

بيد أن ايسين يعتبر أنّ للرئيس التركي الكلمة الأخيرة دائماً، مضيفاً "لا أعتقد أنه يمكن إجباره على اتخاذ تدابير لا يريدها"، وهذا ما يوافق عليه أيضاً بيلغيهان أوزبك.

وقال إنّ رئيس الحركة القومية "لا يمكنه لعب هذا الدور إلا إذا سمح له إردوغان بذلك"، مضيفاً "يمكنه تولي دور مجلس الأمن القومي لأن إردوغان يستفيد منه".