دول غربية تطلب من رعاياها مغادرة أوكرانيا فورا

أجواء حرب تخيم على حدود أوكرانيا مع دفع واشنطن بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى شرق أوروبا لطمأنة حلفائها، بينما بلغ عدد الجنود الروس 130 ألفا ما يكفي لغزو كييف في 48 ساعة وفق تقديرات واشنطن.
واشنطن تنقل مقاتلات إف-16 من ألمانيا إلى رومانيا
واشنطن سترسل ثلاثة آلاف جندي إضافي إلى بولندا في الأيام المقبلة
التعزيزات العسكرية الأميركية تأتي بينما تعثرت الجهود الدبلوماسية لنزع فتيل التوتر
روسيا تتهم الغرب ينشر أكاذيب بشأن خطتها لغزو أوكرانيا

لندن/واشنطن - طلبت دول بينها بريطانيا والنرويج والولايات المتحدة الجمعة من مواطنيها مغادرة أوكرانيا فورا لدواع أمنية، في غمرة الأزمة بين روسيا والغرب وتوقعات بغزو روسي قريب للأراضي الأوكرانية. وقالت واشنطن الجمعة إن موسكو حشدت ما يكفي بالفعل لغزو الجمهورية السوفييتية السابقة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن "أمن وسلامة مواطنينا البريطانيين هما أولويتنا المطلقة، لذا قمنا بتحديث نصائحنا للمسافرين. نحضّ المواطنين البريطانيين الموجودين في أوكرانيا على المغادرة فورا عبر وسائل تجارية ما دامت لا تزال متوافرة".

ودعت النرويج كذلك رعاياها إلى مغادرة أوكرانيا فورا "بسبب وضع خطر ولا يمكن استشرافه" مع حشد روسيا عشرات آلاف الجنود عند الحدود مع جارتها الموالية للغرب، لتحذو بذلك أوسلو حذو دول أخرى وجّهت الخميس دعوة مماثلة لرعاياها.

وقالت وزارة الخارجية النرويجية في بيان إنّها تناشد أيضا مواطنيها عدم السفر أو الإقامة في أي منطقة في روسيا تقع على بُعد أقلّ من 250 كيلومترا من الحدود مع أوكرانيا، وتناشدهم أيضا عدم السفر إلى بيلاروس، باستثناء العاصمة مينسك، موضحة أنّ إرشادات السفر هذه دخلت حيّز التنفيذ "في الحال".

ودعا جيك سوليفان مستشار  الرئيس الأميركي للأمن القومي الجمعة، أي مواطن أميركي لا يزال في  أوكرانيا إلى مغادرتها في غضون الساعات "الأربع والعشرين والثامنة والأربعين" المقبلة.

وأعربت الإدارة الأميركية عن اعتقادها بإمكانية حدوث الغزو الروسي لأوكرانيا قبل نهاية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي تقام في الصين وتنتهي في العشرين من فبراير/شباط الجاري.

 وقال سوليفان "ما زلنا نرى بوادر تصعيد روسي بما في ذلك وصول قوات جديدة إلى الحدود الأوكرانية"، لكنه أوضح في القابل أنه لم يقل إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخذ قرارا بالغزو.

وتابع "نحن في حيز زمني يمكن أن يبدأ فيه الغزو في أي وقت إذا قرر فلاديمير بوتين ذلك"، مضيفا "لن أعلق على تفاصيل معلوماتنا الاستخبارية، لكنني أريد أن أوضح أن الغزو يمكن أن يبدأ خلال الأولمبياد".

وقالت المفوضية الأوروبية اليوم الجمعة إنها لم تتخذ خطوات لإجلاء عامليها من أوكرانيا وسط التحذيرات الأميركية من أن روسيا تحشد المزيد من القوات بالقرب من الدولة المجاورة لها وأنه من الممكن حدوث غزو في أي وقت.

وقال بيتر ستانو المتحدث باسم الشؤون الخارجية للمفوضية الأوروبية "نواصل تقييم الوضع بحسب تطوره، في ضوء حرصنا على عاملينا وبالتشاور والتنسيق الوثيقين مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي"، مضيفا "نحن لا نجلي أحدا. في الوقت الحاضر أتيحت الفرصة للعاملين غير الأساسيين للعمل عن بعد من خارج البلاد".

وبلغ منسوب التوتر بين واشنطن وموسكو ذروته منذ الحرب الباردة. وتقول بعض التقديرات الأميركية إنّ قرابة 130 ألف عسكري روسي يحتشدون في عشرات الوحدات القتالية قرب الحدود مع أوكرانيا.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في ساعة متأخرة من مساء الجمعة إن الدول الغربية، بمساعدة وسائل الإعلام، تنشر معلومات كاذبة بالإشارة إلى أن موسكو ربما تخطط لغزو أوكرانيا، مضيفة في بيان على موقعها الالكتروني أن الدول الغربية تحاول تشتيت الانتباه عن أعمالها العدوانية.

وقالت الولايات المتحدة في وقت سابق يوم الجمعة إن روسيا حشدت ما يكفي من القوات بالقرب من أوكرانيا لشن غزو كبير من المرجح أن يبدأ بهجوم جوي.

وفي مؤشر على خطورة الوضع، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن أجرى اتصالا هاتفيا اليوم الجمعة مع زعماء دول حليفة عبروا خلاله عن القلق من قيام روسيا بحشد قواتها حول أوكرانيا وأبدوا رغبتهم في حل دبلوماسي للأزمة.

وقال البيت الأبيض بعد الاتصال إن الزعماء اتفقوا أيضا على بذل جهود منسقة لردع العدوان الروسي على أوكرانيا، تشمل الاستعداد لفرض "تبعات ضخمة وتكاليف اقتصادية باهظة" على روسيا إذا اختارت التصعيد العسكري.

وأضاف أنهم ناقشوا استعدادهم لمواصلة "تعزيز الوضع الدفاعي على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي" في حالة حدوث تصعيد جديد من جانب روسيا.

وشارك في الاتصال كل من رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وآخرون.

وأعلن البيت الأبيض في وقت متأخر من مساء الجمعة أن الرئيس الأميركي سيجري مباحثات هاتفية السبت مع نظيره الروسي.

وتأتي هذه التطورات بينما أعلن الجيش الأميركي الجمعة نقل طائرات مقاتلة من طراز إف-16 من ألمانيا إلى رومانيا "لتعزيز الأمن الإقليمي" في خضم التوتر مع روسيا بشأن أوكرانيا.

ومن المقرر أن تصل مقاتلات إف-16 التي لم يحدد عددها إلى قاعدة فيتيستي الجوية الرومانية على بعد أقل من 100 كيلومتر من البحر الأسود، حيث ستنضم إلى طائرات مقاتلة إيطالية منتشرة هناك، وفق ما جاء في بيان لقيادة القوات الجوية الأميركية في أوروبا ومقرها ألمانيا.

وأكدت القيادة الأميركية أنها "ستتعاون بشكل وثيق مع الحلفاء في منطقة البحر الأسود لتعزيز الأمن الإقليمي في هذه الفترة التي تشهد توترا ناجما عن الانتشار العسكري الروسي قرب أوكرانيا".

وستكون المقاتلات مسؤولة خصوصا عن حماية المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي في هذه المنطقة القريبة من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014.

وكانت القوات الجوية الأميركية أعلنت الخميس وصول قاذفات إستراتيجية من طراز بي-52 إلى المملكة المتحدة للمشاركة في مناورات "مقررة منذ فترة طويلة"، فيما أعلنت البحرية الأميركية وجود أربع مدمرات في المجال الأوروبي لتعزيز الأسطول السادس الأميركي.

وأرسل الرئيس الأميركي جو بايدن ثلاثة آلاف عسكري أميركي إلى ألمانيا وبولندا ورومانيا لطمأنة أعضاء حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا في ظل خشية غربية من غزو روسي لأوكرانيا.

وأعلن مسؤول كبير في البنتاغون الجمعة أنّ الولايات المتّحدة سترسل ثلاثة آلاف جندي إضافي إلى بولندا "في الأيام المقبلة" من أجل "طمأنة الحلفاء في حلف شمال الأطلسي".

وقال المسؤول طالبا عدم نشر اسمه إنّ هؤلاء الجنود الذين يتمركزون حاليا في فورت براغ بولاية كارولاينا الشمالية سيغادرون قاعدتهم "في الأيام المقبلة" بناء على أوامر من وزير الدفاع لويد أوستن، على أن يصلوا إلى بولندا "مطلع الأسبوع المقبل".

وهؤلاء الجنود الذين ينتمون إلى الفرقة 82 المحمولة جوا، قوة التدخل السريع الرئيسية في الجيش الأميركي، كانوا قد وُضعوا في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي في حال تأهّب بطلب من الرئيس جو بايدن الذي أراد طمأنة حلفاء بلاده في أوروبا الشرقية.

وسينضم هؤلاء الجنود إلى حوالي ألفي جندي ينتمون إلى نفس الفرقة 82 وقيادتها كانت واشنطن أعلنت في 2 فبراير/شباط إرسالهم لتعزيز قواتها في بولندا (1700 جندي في بولندا و300 في ألمانيا حيث مقرّ قيادة القوات الأميركية في أوروبا).

والجمعة قال المسؤول الكبير في البنتاغون إنّ "هؤلاء الجنود الإضافيين البالغ عددهم في المجموع خمسة آلاف جندي يشكّلون قوّة تتمتّع بسرعة الحركة والمرونة والقدرة على القيام بمهام متعدّدة".

ويضاف هؤلاء الجنود إلى حوالي 80 ألف جندي أميركي يتمركزون أساسا في أوروبا، سواء بصورة دائمة أو دورية.

وتأتي هذه التحركات في وقت بدأت فيه روسيا مناورات عسكرية واسعة النطاق في بيلاروس على حدود أوكرانيا التي تقع في صلب التوترات الشديدة بين روسيا والغرب، بينما يبدو أن الجهود الدبلوماسية المكثفة لمحاولة نزع فتيل الأزمة تتعثر.