ذكاء إنسان النياندرتال ألهمه لصنع الخيوط

إنسان النياندرتال استخدم الألياف النباتية لصنع الخيوط قبل أكثر من 40 ألف سنة، مما يبرهن على ذكاء المخلوق المنقرض الأقرب إلى إنسان العصر الحديث وتمتعه بقدرات معرفية.

واشنطن - قال علماء إن إنسان النياندرتال استخدم الألياف النباتية لصنع الخيوط قبل أكثر من 40 ألف عام في مكان ما بفرنسا كان يصطاد فيه حيوان الرنة، مما يضيف إلى الأدلة على ذكاء المخلوق المنقرض الأقرب إلى إنسان العصر الحديث وتمتعه بقدرات معرفية.
وتحدث الباحثون عن فتيل مكون من ثلاث مجموعات صغيرة من الألياف الملفوفة بعضها على بعض بجانب أداة حجرية للقطع ربما استخدمها النياندرتال لسلخ جيف الحيوانات.
يعود تاريخ الفتيل إلى فترة وجود النياندرتال في موقع أبري دو ماراس الأثري بجنوب شرق فرنسا، والذي يبعد مسافة 50 كيلومترا إلى الشمال من منطقة أفينون، قبل ما بين 42 و52 ألف عام حيث كانت هذه المخلوقات تصطاد حيوان الرنة فيما يبدو خلال الهجرة الموسمية.
الكشف أحدث دليل لدحض الصورة النمطية عن كائنات النياندرتال بوصفها الأسلاف الخرقاء البلهاء للإنسان. ويعود تاريخ أقدم إشارة على صنع إنسان العصر الحديث للخيوط إلى ما قبل 19 ألف عام في موقع بفلسطين التاريخية.
وقال بروس هاردي أستاذ علم الأنثروبولوجيا في كنيون كوليدج بولاية أوهايو الأمريكية وكبير الباحثين في الدراسة التي نشرتها دورية (ساينتفيك ريبورتس) "الفتيل وصناعة الألياف بشكل عام مثال على استخدامات لا حصر لها لوسائل المحدودة".
وأضاف "يمكن استخدام الخيوط والحبال بطرق عديدة كربط الأدوات في مقبض وصنع الأفخاخ والشباك والحقائب وما إلى ذلك. وصناعة الألياف بشكل عام أساسية في مجتمعنا بدءا من الخيوط والحبال لربط الأشياء معا وصنع الملابس ووصولا إلى لفائف الأسلاك في المباني الحديثة".

صوف
'استخدامات لا حصر لها لوسائل المحدودة'

الفتيل الذي يبلغ طوله ستة مليمترات مصنوع على ما يبدو من ألياف اللحاء الداخلي لشجرة صنوبر. وربما استُخدم للإمساك بالنصل الحجري الذي يبلغ طوله ستة سنتيمترات وعرضه أربعة سنتيمترات أو ربما كان جزءا من حقيبة أو شبكة انتهى بها الحال أسفل الأداة المصنوعة من الحجر.
وساقت دراسات سابقة شواهد أخرى على أن مخلوقات النياندرتال لها ذاكرة قوية واتبعت أساليب معقدة للصيد تستلزم العمل الجماعي واحتمال استعمال لغة للتخاطب بين الأفراد والاستعانة بالأصباغ لتلوين الجسم واستخدام أدوات رمزية وربما كانت تدفن موتاها وتضع الزهور بجوار الجثث. واختفى إنسان النياندرتال بعد أن وطأ الإنسان الحديث مواطنه في أوروبا وآسيا قبل زهاء 40 ألف عام.
وقالت الباحثة ماري-إيلين مونسيل، وهي من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس وشاركت في الدراسة، إنه ينبغي دراسة النياندرتال على أنها مخلوقات لها ما يميزها وليس بمقارنتها بالإنسان فحسب.
وقال هاردي "لأننا لا نرى مخلوقات النياندرتال تسير في الشوارع إلى جانبنا نفترض أنها ربما ارتكبت خطأ ما (ولذلك انقرضت). ولهذا السبب نميل إلى البحث عن النواقص وليس نقاط القوة فيها. إن هذا الدليل يشير إلى أنها لم تكن مختلفة عنا كثيرا في طريقة تفكيرها وتنقلها في العالم".قالت دراسة علمية نشرتها دورية "ساينتيفيك رييورتس" إن صغر حجم أدمغة البشر البدائيين (النياندرتال) تسببت في انقراضهم قبل نحو 40 ألف عام.
وجاء في الدراسة، التي نفذها باحثون من جامعات كيئو وناغويا وطوكيو اليابانية، بالإضافة إلى علماء من معاهد أوروبية مختلفة، أن الإنسان العاقل المبكر –جد البشر الحاليين- طوّر دماغًا أكبر بكثير من أدمغة النياندرتال، ما ساعده على استنباط لغة وفهم سلوكيات اجتماعية أسهَمَت في بقائه إلى الآن.
وأشارت الدراسة إلى أن دماغ الإنسان العاقل الأول (الإنسان الحديث) طور قدرات الذاكرة العاملة والمرونة المعرفية، ما أثر في قدرته على التكيُّف مع البيئات المتغيرة، وهو الأمر الذي زاد من فرص بقائه على قيد الحياة مُقارنةً بالبشر البدائيين.