رائحة الاحتراق تفوح من "ذاكرة الرماد"

اختلاط الصور وتداخل الواقع بالخيال، والتاريخ بالحاضر والأسطورة بالحقيقة في المجموعة القصصية للكاتب المغربي إدريس حيدر.
أهم سمة تميز نصوص المجموعة ارتباطها الوثيق بالحياة
الكاتب ينجح في نقل رعشة الخوف والأمل في النجاة، مما ألحق بأبطاله مصائر درامية

الرباط ـ في حلة أنيقة صدر أخيرا للقاص والشاعر المغربي إدريس حيدر مجموعة قصصية موسومة بـ "ذاكرة الرماد" ضمن منشورات دار التوحيدي.
وتقع المجموعة في ما ينيف عن 230 صفحة من الحجم المتوسط منتظمة في بابين، الأول موسوم بـ " تذكرة إلى الجحيم" والثاني وسمه بـ "المنديل الأبيض".
وممّا جاء في التقديم الذي كتبه الشاعر محمد السكتاوي بخصوص المجموعة القصصية: "تواجهك وأنت تفتح الصفحة الأولى من المجموعة القصصية (ذاكرة الرماد) للمبدع المتميز إدريس حيدر - الذي اختبأ طويلا وراء جبة المحامي - رائحة الاحتراق، والدخان والموت، وتسمع أنات أشخاص تنبعث من بين الرماد والأنقاض لمدينة تحترق، وتختلط عليك الصور ويتداخل الواقع بالخيال، والتاريخ بالحاضر والأسطورة بالحقيقة، وتتمثل لك روما من جديد تلتهمها النيران والطاغية نيرون يقهقه في قصره في أعلى الربوة ويتجرع أقداح الخمر في حفلة ماجنة موسيقاها صرخات الضحايا في أتون اللهيب والحرائق. 
وكلما توغلت في تضاريس هذه المجموعة ومنعرجاتها تجد نفسك بين أنقاض المدينة وركام بناياتها المحطمة وهشيم أشجارها ونباتاتها، وتجد أشخاصا حقيقيين يحتضرون، أو يشهقون الزفرات الأخيرة، كما تلتقي كثيرا من النساء والرجال والأطفال يحملون الجروح والتشوهات، ولكن كان لهم الحظ أنهم خرجوا من الدمار أحياء". 

القصة المغربية
ارتباط نصوص المجموعة بالحياة

أما الناقد الأكاديمي د. مصطفى الغرافي فكتب في المقدمة الثانية: "لعل أهم سمة تميز نصوص هذه المجموعة ارتباطها الوثيق بالحياة، إذ يكشف النظر المتأمل أن نصوص المجموعة لا تنفصل عن السياقات التاريخية والاجتماعية التي نشأت فيها وتفاعلت معها، تبرز هذه السمة بشكل واضح في طبيعة الوقائع ونوعية القضايا التي يختارها الكاتب من أجل التعبير عن أفكاره وتصوراته. ولا يعني ذلك أن الكاتب ينقل الواقع بشكل حرفي أو آلي، ولكنه ينطلق من الواقع ويستند إليه من أجل تشييد واقع إبداعي يمتزج فيه ويتلاقح الواقعي والتخييلي، الفردي والجماعي، الذاتي والموضوعي. ولعل الاعتناء ببلاغة التفاصيل أن يمثل أبرز تجل لارتباط نصوص المجموعة بالحياة، وهي سمة نوعية خاصة بجنس السرد".
ونقرأ أيضا للكاتب العراقي فيصل عبدالحسن: "مجموعة القاص إدريس حيدر (ذاكرة الرماد) كتبت بحس إنساني عميق وبلغة تسجيلية تشير إلى أن القاص عاش مع أبطال القصص وسجل كل قصة على الورق. لقد أخذ القاص حيدر قصصه من واقع ساخن، ونقل أحداثه بأمانة، ونجح في نقل رعشة الخوف والأمل في النجاة، مما ألحق بأبطاله مصائر درامية".
ولخصت كلمة الروائي والناقد المغربي رشيد الجلولي مسيرة الكتابة في المجموعة، باعتبارها "ضمن سيرورة الحوار مع الواقع ومواجهته، لذلك فأصوات الحكي ورغم أنها مشبعة بالحياة، إلا أنها موسومة بظمأ الرغبة في الكشف عما يجري خلف المظاهر البرانية لحياة المغاربة".