رجاء غالي تؤكد أن الفن النسوي يختلف عن الفن الذكوري

الفنانة والأكاديمية العراقية: الحركة التشكيلية العربية متينة وصارت رافدا فنيا دائم التجدد.
معظم النساء لم يسمح لهن بدخول المدارس الفنية. ولم يسمح لهن تقريبا بالذهاب إلى صفوف الرسومات الحية خوفا من سوء التصرف
غالي تؤكد أن المرأة لم تغب عن المشهد التشكيلي، وأن النساء كانت في أغلب الأحيان مواضيع فنية

قالت الفنانة التشكيلية العراقية الدكتورة رجاء غالي، إن الفن التشكيلي في الوطن العربي فن متطور وله مسيرة طويلة، ورواد استطاعوا أن يؤسسوا لذلك الفن قاعدة متينة، على الرغم من أن الواقع العربي على مدى التاريخ مر بظروف سياسية واجتماعية صعبة، لكن هذه الظروف لم تكن عائقا أمام إبداع الفنان العربي، بل كانت بمثابة رافد يجدد من تجاربه الفنية.
وأضافت غالي في مقابلة  مع "ميدل ايست أونلاين" بأن تلك الظروف التي مر بها عالمنا العربي، كانت دافعا للفنان التشكيلي العربي، لأن يتقدم للأمام، بدلا من أن تجره تلك الظروف للخلف، وأن الفنان العربي نجح في الحفاظ على حريته واستقلاله وهويته عبر لغة فنية غنية بالأشكال والمفردات والرموز .
ورأت الفنانة الدكتورة رجاء غالي، أن المرأة لم تغب عن المشهد التشكيلي، وأن الفن النسوي مختلف عن الفن الذكوري – شئنا أم أبينا بحسب قولها – وذلك لامتلاك الرجل الساحة الفنية والثقافة الفنية تاريخيا، كون كل الأمور متاحة للرجل الفنان وغير مقيد بقوانين مجتمع تحد من إبداعه .
وأنه عندما لحقت المرأة بالركب الإبداعي للفن نراها قد جعلت لنفسها ركنا خاصا تفردت به عن الفن الذكوري، تميز بالرقة والعفوية الأنثوية والأمومة، وأنه ومن خلال الملاحظة والاطلاع على المنجز الفني للمرأة، سنلاحظ أيضا لمسة خاصة وروح مختلفة تميل إلى شيء من الحزن، وان كانت اللوحة ملتهبة بألوان الفرح .
وأشارت إلى أنه بالعودة  قليلا للتاريخ الفني للمرأة والإرث التاريخي للفنون عالميا، وهو التاريخ الذي بدا خالياً أو مقلاً من الأسماء النسائية واقتصرت فيه الساحة الفنية على العنصر الذكوري، فإننا نجد ذلك يرجع لأسباب عدة في مقدمتها انشغال المرأة بدورها في رعاية المنزل، مما جعلها غير متمكنة من تكريس الوقت الكافي للفن، وإن كانت الرغبة موجودة بذلك .

بجانب أن معظم النساء لم يسمح لهن بدخول المدارس الفنية. ولم يسمح لهن تقريبا بالذهاب إلى صفوف الرسومات الحية خوفا من سوء التصرف، لذلك كانت النساء الفنانات مقتصرات على طبقة الناس الأغنياء إلى حد كبير مع وقت الفراغ الذين يتم تدريبهن من قبل آبائهن، وكان إنتاجهن مقتصرا على رسم الحياة الساكنة ومناظر الطبيعة وأعمال شخصية مثل أنا كلايبول، وماري كاسات (1844-1926).
وتضيف غالي بأن ماري كاسات، عرضت لوحاتها مع الانطباعيين، وكانت  العديد من لوحاتها تصور حياة النساء الخاصة والاجتماعية، مع تركيز خاص على العلاقة الحميمة بين الأمهات وأطفالهن، وعلى الرغم من أنها كانت من عائلة غنية لكنهم كانوا يرفضون فكرة انخراطها بالفن وقطعوا عنها التمويل المادي كوسيلة من الضغط لتركها الفن .
وتؤكد على أن غالبية الأعمال الفنية التي أبدعتها النساء قبل ستينيات القرن العشرين تصور محتوىً نسويًا، بمعنى أنها لم تعالج الظروف التي واجهتها المرأة تاريخيًا أو تنتقدها.
وبحسب رجاء غالي فقد كانت النساء في أغلب الأحيان مواضيع فنية، بدلًا من كونهن الفنانات بأنفسهن. لهذا فحضور المرأة في الفن التشكيلي كمُنتج يعد أمراً طارئاً وحديثاً نسبياً، مقارنة بالتاريخ الطويل للتعبير التشكيلي عند الرجل، فهذا الحدث العظيم المتمثل في تمكن المرأة من الحضور الثقافي والتعبير عن هويتها كامرأة ، جاء في العصر الحديث، بالتزامن مع الحركات النسوية في القرن العشرين.
وتابعت بالقول بأنه على الرغم من غياب المرأة كمُنتج للفن، فإنها كانت حاضرة فيه بكثافة بشكل آخر، من خلال تناولها كموضوع للتعبير أو كملهمة للفنان التشكيلي.
وترى غالي أن الحركة النسوية المعاصرة دفعت الكثير من الفنانات النساء للبحث عن طرق جديدة للتعبير الفني، للتخلص من الهيمنة الذكورية ذات التاريخ الطويل في فن الرسم والنحت التقليديين، لذلك أدخلت الكثير من الفنانات النسويات أدوات وخامات مرتبطة بالمرأة في أعمالهن الفنية، خاصة النسيج المرتبط ذهنياً وتاريخياً بالنساء، كما في أعمال الفنانات غونتا ستولزل وشيلا هيكس.

fine arts
للمرأة حضور بهي وراسخ 

وحول حضور المرأة بأعمالها، قالت رجاء غالي، بأنها تعتبر نفسها فنانة المرأة، فللمرأة حضور بهي وراسخ في كل أعمالها وهي تتعمد أن تعزز رسوخ المرأة في تلك الأعمال، بجانب أنها جعلت المرأة موضوعا لبحثها الذي نالت به درجة الدكتوراه، والذي حمل عنوان "التوظيف التشكيلي لعنصر المرأة في مصر والعراق قديما وحديثا".
وأنه من خلال تجربتها الفنية حاولت الاطلاع على أسماء كثيرة وكبيرة بالفن التشكيلي من النساء الفنانات العربيات، ومنهن الدكتورة رباب نمر، وهي فنانة مصرية تعتبر من رواد الفن التشكيلي المصري، واستوحت أعمالها من بيئة الإسكندرية من بحر وسمك ومراكب، وعبرت عن الفلكلور للحياة المصرية بأبهى صورة، وأيضا الفنانة فاطمة العرارجي وزينب السجيني وجاذبية سرى وغيرهن من الأسماء اللامعة في الفن التشكيلي المصري،  بالإضافة إلى الأسماء العراقية من الفنانات مثل عفيفة لعيبي وسعاد العطار والكثير من الأسماء التي تعدت إلى مرحلة النجومية في الفن التشكيلي العراقي .
يذكر أن الدكتورة رجاء غالي، أكاديمية وفنانة تشكيلية عراقية، درست الفنون الجميلة في معهد الفنون ببغداد وجامعة بابل، وحصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه، من جامعة الإسكندرية بمصر.
وبجانب المعارض الخاصة للوحاتها، فقد شاركت فى 26 من المعارض والملتقيات الفنية، بالعراق، مصر، والمغرب، وهي تعمل أستاذة بمعهد الفنون الجميلة / قسم الفنون التشكيلية فرع الرسم في العاصمة العراقية بغداد.