'رفعت عيني للسما' يتوج بجائزة مالمو للسينما العربية

المهرجان يتيح للجمهور خوض تجارب سينمائية مميّزة والتفاعل مع صُنّاعها.

مالمو (السويد) - فاز الفيلم المصري "رفعت عيني للسما" للمخرجين أيمن الأمير وندى رياض بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية في دورته الخامسة عشرة التي اختتمت الأحد في السويد.

والفيلم بطولة مجموعة من الفتيات غير المحترفات للتمثيل من محافظة المنيا في جنوب مصر ويسرد مغامرتهن في تكوين فرقة للمسرح المتجول تهدف إلى دعم وتمكين المرأة وتشجيعها على استخدام الفنون كأداة للتعبير عن الذات.

إذ يتحدث الفيلم عن رحلة فرقة "بانوراما البرشا" النسائية التي تأسست عام 2014 وأحلام أعضائها في ظل التحديات المجتمعية، فـ"رفعت عيني للسما" يتبع مجموعة فتيات مراهقات في منطقة ريفية بجنوب مصر على مدى أربع سنوات، خلال تدريباتهنّ على العروض، عارضا للقرارات الصعبة التي يتعين عليهنّ اتخاذها لتحديد مسارهنّ بعد بلوغ سنّ الرشد.

وتحلم "ماجدة" بدراسة المسرح في القاهرة، في ما تريد "مونيكا" أن تصبح مغنية مشهورة، بينما تظل الشابة "هايدي" ملاحقة باستمرار من شاب وسيم يحاول كسب ودّها.

في عروضهنّ النسوية في الشوارع تنتقد الفنانات اليافعات بجرأة النظام الذكوري، كما يخضن في قضايا تُعتبر جريئة بالمنظور المحلي، كتحقيق الذات والزواج المبكر.

ولكن سرعان ما تفرض تحديات الحياة نفسها، وتجد المراهقات المنتميات إلى الأقلية القبطية المسيحية في مصر أنفسهنّ في مواجهة هذه المفاهيم على أرض الواقع.

ويعد "رفعت عيني للسما" أول وثائقي مصري ينال جائزة العين الذهبية لأفضل فيلم تسجيلي في الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان السينمائي، حيث شارك الفيلم ضمن قسم أسبوع النقاد الذي ضم أفلاما من فرنسا والولايات المتحدة وتايوان والأرجنتين والبرازيل.

وحرص مهرجان مالمو للسينما العربية هذا العام "على تقديم برنامج متكامل، يضمّ أفلاما قوية في مواضيعها ورؤاها الإخراجية، ما يتيح للجمهور خوض تجارب سينمائية مميّزة، والتفاعل مع صُنّاعها"، وفق ما أوضح البيان الصادر عن رئيس المهرجان محمد قبلاوي.

وجاء في بيان المهرجان: "يسرّنا أن يجمع المهرجان بعض أفضل إنتاجات السينما العربية الحديثة، التي تعكس التنوّع الثقافي والثراء الإبداعي لصنّاع السينما في العالم العربي".

وضمت المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة 12 فيلمًا، هي: ضي "سيرة أهل الضي" (مصر، السعودية) إخراج كريم الشناوي، "رفعت عيني للسما" (مصر، فرنسا، الدنمارك، قطر، السعودية) إخراج ندى رياض وأيمن الأمير، "أرزة" (لبنان، مصر، السعودية) إخراج ميرا شعيب، "الجميع يحب تودا" (فرنسا، المغرب، بلجيكا، الدنمارك، هولندا، النرويج) إخراج نبيل عيوش، "الذراري الحمر" (تونس، فرنسا، بلجيكا، بولندا، السعودية، قطر) إخراج لطفى عاشور، "شكرا لأنك تحلم معنا" (فلسطين، ألمانيا، السعودية، قطر، مصر) إخراج ليلى عباس، "نورا" (السعودية) إخراج توفيق الزايدى، "الصف الأول" (الجزائر) إخراج مرزاق علواش، "أناشيد آدم" (العراق، هولندا، السعودية، الولايات المتحدة) إخراج عدى رشيد، "مثل قصص الحب" (لبنان، فرنسا، قطر، السعودية) إخراج مريم الحاج، "يلّا باركور" (السويد، فلسطين، قطر، السعودية) إخراج عريب زعيتر، "سودان يا غالي" (السودان) إخراج هند مدبب.

وقد نال الفيلم اللبناني "أرزه" للمخرجة ميرا شعيب وبطولة دياموند بوعبود جائزة تصويت الجمهور. ويتتبع العمل على مدى 90 دقيقة حياة أرزة التي تبيع المخبوزات (المناقيش) المحشوة بالخضراوات لكسب لقمة العيش، ويعاونها ابنها كنان بتوصيل طلبات الزبائن يوميا متنقلا بالمواصلات العامة التي تعلق عادة وسط شوارع مكتظة دوما بمتظاهرين خرجوا للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في بلدهم.

ويضم الفيلم إلى جانب دياموند بوعبود نخبة من النجوم اللبنانيين بينهم بلال الحموي وبيتي توتل وشادن فقيه وفادي أبي سمرة وجنيد زين الدين وفؤاد يمين وإيلي متري وطارق تميم وهاجوب درغوغاسيان وجويس نصرالله وإبراهيم عجمي وكاتي يونس ومنير شليطا. وهو من تأليف فيصل سام شعيب ولؤي خريش.

وحصد الفيلم التونسي الفرنسي البلجيكي المشترك "الذراري الحمر" جائزتي لجنة التحكيم وأفضل إخراج للطفي عاشور.

ويعيد الفيلم الروائي الطويل تجسيد القصة الواقعية لمبروك السلطاني الذي راح ضحية عملية إرهابية هزت الرأي العام الوطني التونسي والعالمي، حيث قام إرهابيون بذبح هذا الراعي "الطفل" أمام أنظار ابن عمه وتوثيق لحظات ما قبل الذبح لبث الرعب والخوف في قلوب التونسيين.

واختار لطفي عاشور أن يركز في هذا العمل على معاناة الطفل الذي كان شاهدا على عملية الذبح وأجبر على نقل رأس ابن عمه الذي قطعه الإرهابيون، وقد نجح الممثل الذي أدى دور الطفل في نقل مشاعر الخوف والرعب وتأثير ما بعد الصدمة من خلال تعابير وجهه ونظراته وحركات جسده التي راوحت بين الوقوف "المتجمد" والحركة السريعة غير الثابتة والركض والقفز والسقوط وإعادة الوقوف سريعا.

وكان هذا الفيلم قد أهدى السينما التونسية التانيت الذهبي العاشر بأيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والثلاثين.

ونالت المغربية نسرين الراضي جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "الجميع يحب تودة"، في ما نال السعودي يعقوب الفرحان جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "نورة".

وذهبت جائزة أفضل سيناريو للفلسطينية ليلى عباس عن فيلم "شكرا لأنك تحلم معنا"، كما حصل فيلم "يلا باركور" للمخرجة عريب زعيتر على جائزة أفضل فيلم وثائقي بالمهرجان.

تأسس مهرجان مالمو للسينما العربية في 2011 بهدف الترويج للسينما العربية في السويد والدول الاسكندنافية وأصبح بمرور السنوات من أبرز المهرجانات السينمائية العربية في أوروبا.

ويقدم المهرجان مجموعة واسعة من الأفلام التي أعدها صناع الأفلام العرب، أو التي ترتبط بطريقة أو بأخرى بقضايا العالم العربي والثقافة العربية. حلت دولة مصر ضيفة شرف على المهرجان في دورة عام 2018، واختيرت دولة تونس لتكون ضيفة الشرف لعام 2019. يعرض المهرجان عددا من الأفلام الخاصة بالدولة ضيفة الشرف، ويستضيف وفدا من صناع السينما فيها، إلى جانب إقامة معارض وندوات فنية متعلقة.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة، فاز بالجائزة فيلم "ما بعد" للمخرجة الفلسطينية مها حاج، في ما منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة للفيلم السعودي "ميرا، ميرا، ميرا" للمخرج خالد زيدان.

وقال مؤسس ورئيس المهرجان محمد قبلاوي "نختتم اليوم الدورة الخامسة عشرة من المهرجان ولكننا نبدأ بالفعل في التطلع إلى الدورة القادمة التي ستقام في الفترة من 20 إلى 26 أبريل/نيسان 2026".

وأضاف "نغادر اليوم، محملين بذكريات جميلة وأصدقاء جدد، وفهم أعمق لثقافات بعضنا البعض، أتمنى أن أراكم في مالمو العام القادم".

وعرض المهرجان في الختام الفيلم المصري "سنو وايت" بطولة مريم شريف وإخراج تغريد أبوالحسن.

وكان المهرجان افتتح فعاليات دورته الخامسة عشرة في التاسع والعشرين من أبريل/نيسان الماضي بعرض فيلم "أحلام عابرة" للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي.