رفع أرامكو لانتاجها يجبر موسكو على العودة للتفاوض

أرامكو السعودية تعلن رفع إمدادات الخام التي تشمل النفط لعملاء داخل وخارج المملكة، إلى 12.3 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان.
الطاقة الإنتاجية المستدامة القصوى لأرامكو تبلغ 12 مليون برميل يوميا
الروبل الروسي يفقد 10 بالمئة من قيمته أمام الدولار وسط تراجع أسعار النفط

الرياض - قالت روسيا اليوم الثلاثاء إنها لا تزال منفتحة على مزيد من التعاون مع منظمة الدول المصدرة للنفط لإعادة الاستقرار إلى سوق النفط، بعد ساعات من إعلان شركة أرامكو السعودية العملاقة رفع إمدادات الخام، إلى 12.3 مليون برميل يوميا الشهر المقبل، في خطوة تشير إلى استشعار موسكو للخطر المحدق باقتصادها جراء رفضها الجمعة المساعدة في جهود تقليص الإمدادات.  

وأكد وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك الثلاثاء أن بلاده لا تزال منفتحة على مزيد من التعاون مع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لإعادة الاستقرار إلى سوق النفط.

وقال نوفاك لقناة "روسيا 24" التلفزيونية "أود أن أقول إن الأبواب لم تغلق"، مضيفا أن عدم توصل روسيا إلى اتفاق مع أوبك على تمديد خفض الإنتاج "لا يعني أنه لا يمكننا التعاون مستقبلا مع الدول المنضوية في أوبك وتلك التي خارجها".

وأوضح نوفاك أن بلاده قادرة على زيادة إنتاجها بـ500 ألف برميل يوميا، وهو ما يعني، وفقا لوكالة بلومبرغ للأنباء، وصول الإنتاج المحتمل للبلاد إلى مستوى قياسي عند 11.8 مليون برميل في اليوم.

ويأتي تصريحات الوزير الروسي مباشرة بعد إعلان أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية إن الشركة سترفع إمدادات الخام، وتشمل النفط لعملاء داخل وخارج المملكة، إلى 12.3 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان.

وقال الناصر في بيان إن إمدادات الخام ستزيد 300 ألف برميل يوميا عن الطاقة الإنتاجية المستدامة القصوى للشركة البالغة 12 مليون برميل يوميا.

وأكدت أرامكو لعملائها إنه سيتم تزويدهم بهذه الكميات اعتبارا من مطلع الشهر القادم، متوقعة أثرا ماليا إيجابيا على المدى الطويل.

وقال أمين الناصر إن الشركة اتفقت مع العملاء على تقديم تلك الكميات اعتبارا من أول أبريل/نيسان.

وقد تختلف الإمدادات للسوق من الإنتاج حسب حركة البراميل من وإلى المخزونات.

من جهته لا يرى وزير الطاقة السعودي الحاجة لعقد اجتماع جديد لمجموعة "أوبك+" في غياب اتفاق على الإجراءات التي يجب اتخاذها للتعامل مع تداعيات كورونا على الطلب.

وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ردا على تصريحات نظيره الروسي الثلاثاء "لا أرى مبررا لعقد اجتماعات في مايو/ويونيو من شأنها فقط إظهار فشلنا في القيام باللازم في أزمة كهذه وتبني الإجراءات الضرورية".

وأضاف أنه ينبغي على كل منتج للنفط الحفاظ على حصته في السوق، مشيرا إلى أنه "في سوق حرة، يجب أن يبدي كل منتج للنفط قدرته على المنافسة ويحافظ على حصته في السوق ويعززها".

ويبلغ إنتاج السعودية النفطي 9.6 ملايين برميل يوميا وفق أرقام يناير/كانون الثاني الماضي، وهو أقل من الطاقة القصوى المستدامة التي تستطيع إنتاجها، إلا أن وضعية السوق كانت تحتم ضبط الإنتاج.

hg

وتأتي الزيادة غير المسبوقة لإمدادات الخام من جانب الرياض بعد انهيار المحادثات بين أوبك ومنتجين آخرين بقيادة روسيا، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، والتي سعت لتمديد جهود مشتركة لتقليص الإمدادات بعد نهاية مارس/آذار.

وانتهى التعاون بين المنتجين في "أوبك+" والذي استمر ثلاث سنوات يوم الجمعة بعدما رفضت موسكو دعم تخفيضات إنتاج أكبر لتعزيز الأسعار التي تضررت جراء تفشي فيروس كورونا.

وردت أوبك بإلغاء جميع القيود على إنتاج الدول الأعضاء بها في الوقت الذي يتطلع فيه المستثمرون إلى تحفيز اقتصادي محتمل في ظل تسجيل تباطؤ في حالات إصابات جديدة بكورونا في الصين.

وفقد الروبل الروسي 10 بالمئة من قيمته أمام الدولار على مدار الأسبوع الماضي، متأثرة بتراجع أسعار النفط، وهي سلعة تصديرية رئيسية.

وأصبح سعر الدولار نحو 72 روبل اليوم الثلاثاء، بعدما كان 66 روبل قبل أسبوع.

وأمس الاثنين، انهارت أسعار النفط بنسبة 25 بالمئة كأدنى نزول ليوم واحد منذ 1991، في خطوة قال الخبراء إنها ستجعل روسيا أكبر الخاسرين بعد معارضتها اقتراح منظمة البلدان المصدرة للبترول لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط.

ويفتح انهيار تحالف "أوبك+" الباب أمام أعضاء أوبك والمنتجين من خارجها نظريا للضخ كما يحلو لهم في سوق متخمة أصلا. وقال المحلل في مجموعة “أواندا” للاستشارات المالية جيفري هالي “يبدو أن السعودية تنوي معاقبة روسيا” بقرارها كسر الأسعار.

وكانت روسيا تسعى من وراء رفضها خفض الانتاج إلى ضرب شركات الصخر النفطي الأميركية المنافسة لها، لذلك اختارت توجيه رسالة مفادها إنه بإمكانه خوض حرب الأسعار بتأكيد قدرتها على زيادة الانتاج هي الأخرى، لكنها عادت الثلاثاء لتترك الباب مواربا تحسبا لأي خسائر يقول مراقبون إنها واردة جدا في ظل المجازفة التي قامت بها.

وكان رئيس معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو ألكسندر دينكين قد صرح في وقت سابق أن “الكرملين قد قرر التضحية بـ ‘أوبك+’ لوقف تزايد إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة”.

ورغم أن روسيا ستستفيد من تراجع الأسعار على اعتبار أن ذلك سيساهم في تراجع منافسيها من منتجي النفط الصخري الأميركي، فإن السعودية هي المستفيد أيضا وعلى المدى البعيد من تقويض هذا الإنتاج البديل الذي ساعد الولايات المتحدة على الوصول إلى نوع من الاكتفاء الذاتي من النفط.

والاثنين، نزل الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 10.15 دولار أو 24.6 بالمئة ليغلق على 31.13 دولار للبرميل. ونزل الخام في وقت سابق 33 بالمئة إلى 27.34 دولار، أدنى مستوى أيضا منذ 12 فبراير/شباط 2016.

وشملت الخسائر الحادة أسم شركات الطاقة، في حين بدأ منتجو النفط الصخري تقليص الإنفاق توقعا لتراجع الإيرادات. ونزلت أسهم إكسون موبيل وشيفرون 10 بالمئة ونحو 13 بالمئة على الترتيب.

وقال دان يرجين، نائب رئيس آي.اتش.اس ماركت "على مدى نهاية الأسبوع راجعت كل شركة أرقامها والنفط الصخري سيدخل بالأساس في وضع الحفاظ على البقاء فيما يتعلق بالإنفاق الرأسمالي والنشاط".

والإثنين، قال الرئيس الأمبركي دونالد ترامب، إنه سيعلن خلال وقت لاحق عن حزمة إجراءات تحفيزية للاقتصاد لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، وسيبحث خفض الضرائب على الرواتب والأجور.

وقال المحلل في "سي أم سي ماركتس" مايكل هيوسن إن "المنطق يقضي بأنه من خلال التسبب بتراجع أسعار النفط (العالمية) إلى أدنى مستوياتها منذ 2016 ... قد تعيد تلك الحركة الروس إلى طاولة التفاوض".

وأشار هيوسن إلى أن "ذلك يبدو مقامرة محفوفة بالمخاطر"، لافتا إلى أن الرياض قد تكافح من أجل إيجاد توازن في ميزانيتها في ظل استقرار أسعار النفط عند مستويات متدنية.

في المقابل، أوردت وكالة “سبوتنيك” الروسية نقلا عن مدير الموارد الطبيعية والسلع بوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، دميرتي مارينتشينكو، قوله إن انخفاض أسعار النفط إلى ما يقارب 30 دولارا للبرميل، يهدد بعجز موازنة روسيا وتخفيض قيمة عملتها.

ولا يزال الاقتصاد الروسي يعتمد إلى حد كبير على أسعار السلع الأساسية رغم الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد، بعدما أدى توتر مرتبط بأسعار النفط قبل خمس سنوات إلى انهيار قيمة الروبل.

ووفقا لوسائل إعلام رسمية، فقد أعلن البنك المركزي الروسي اليوم الثلاثاء أنه يعتزم البيع من الاحتياطات النقدية، في مسعى لدعم قيمة الروبل.