روسيا تهدد كييف والغرب وواشنطن تجدد دعمها لأوكرانيا

القوات الروسية تستعد لإجراء تدريبات عسكرية ضخمة قرب الحدود مع أوكرانيا في جنوب البلاد، في تطور أثار مخاوف كييف والولايات المتحدة ودول أوروبية من سعي موسكو لضم المزيد من المناطق الأوكرانية.
موسكو تحذّر دول غربية من إرسال قوات إلى أوكرانيا
بايدن يهاتف نظيره الأوكراني في خضم توترات بين موسكو وكييف
مناورات عسكرية روسية ضخمة لترهيب أوكرانيا والضغط على الغرب

كييف/موسكو - أكد الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة دعم واشنطن "الثابت" لكييف التي تتهم موسكو بحشد قوات عند الحدود.

وجاءت تعهدات بايدن لنظيره الأوكراني بعد أن هدد الكرملين الجمعة بأن موسكو قد تضطّر لاتّخاذ إجراءات إضافية لضمان الأمن في حال أرسلت دول غربية قوات إلى أوكرانيا في ظل التقارير التي تتحدّث عن تكثيف روسيا تواجدها العسكري عند الحدود.

وحذّرت روسيا الغرب من إرسال جنود إلى أوكرانيا قبيل الاتصال الهاتفي الأول لبايدن مع زيلينسكي منذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني.

وجاء الاتصال في وقت يزداد فيه التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، خاصة بعدما أثار بايدن الشهر الماضي غضب موسكو بوصفه نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه "قاتل".

وقال بيان للبيت الأبيض إنّ "الرئيس بايدن أكد دعم الولايات المتحدة الثابت لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها في مواجهة العدوان الروسي في دونباس وشبه جزيرة القرم".

وقال الرئيس الأوكراني الذي اتهم روسيا الأسبوع الماضي بحشد قوات عند الحدود، في فيديو نشره مكتبه، إنّ "الرئيس بايدن أكد لي أن أوكرانيا لن تترك بمفردها في مواجهة العدوان الروسي".

كما رحب زيلينسكي من جهته بالاتصال، مثنيا على الشراكة "البالغة الأهمية بالنسبة للأوكرانيين" مع واشنطن.

وكانت واشنطن تعهدت الخميس بالوقوف إلى جانب كييف في حال قيام روسيا بأي "اعتداء"، بعدما اتّهم الرئيس زيلينسكي روسيا بحشد قواتها على الحدود.

وأثارت أسابيع من المواجهات التي تجددت على الخطوط الأمامية المخاوف من احتمال تصاعد حدة النزاع في شرق أوكرانيا حيث تواجه قوات حكومية انفصاليين موالين لروسيا.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين الجمعة "لا شك في أنه من شأن سيناريو كهذا أن يزيد التوتر قرب الحدود الروسية. بالطبع، سيستدعي ذلك إجراءات إضافية من قبل روسيا لضمان أمنها".

ورفض تحديد الإجراءات التي قد يتم اتّخاذها، لكنه شدد على أن روسيا لا تقوم بأي تحرّكات لتهديد أوكرانيا. وقال "موسكو لا تهدد أحدا، ولم تهدد أحدا قط".

وأعلنت روسيا الجمعة أن قواتها المسلّحة ستجري تدريبات عسكرية قرب الحدود مع أوكرانيا في جنوب البلاد للتدرّب على الدفاع في وجه الطائرات الهجومية المسيّرة.

وستشارك أكثر من 50 كتيبة مقاتلة تضم 15 ألف عنصر في هذه التدريبات وستتدرّب على "التفاعل مع الحرب الإلكترونية ووحدات الدفاع الجوي"، وفق ما أفادت القيادة العسكرية الجنوبية.

وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب على تويتر الجمعة إنه اتصل بنظيره الأوكراني دميترو كوليبا لإعادة تأكيد "دعم المملكة المتحدة لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها". وكتب "نشعر بقلق بالغ إزاء النشاط العسكري الروسي الذي يهدد أوكرانيا".

ورأى ستيفن بيفر وهو سفير أميركي سابق لدى كييف وباحث في أكاديمية روبرت بوش في برلين، أن تحركات القوات الروسية كانت بنسبة "90 بالمئة لتخويف الأوكرانيين"، مضيفا "لا أرى فائدة لدى الروس في الاستيلاء على المزيد من الأراضي".

إلا أنّ المحلل العسكري الروسي الكسندر غولتس قال إن تحركات القوات الروسية والتهديد بالتصعيد يراد منهما أن يكونا "أداة للتفاوض الدبلوماسي مع الغرب" في هذه المرحلة التي يشوبها التوتر والعقوبات.

ويخوض الجيش الأوكراني معارك في مواجهة انفصاليين موالين لروسيا في منطقتي دونيتسك ولوغانسك شرقا منذ العام 2014، بعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم في أعقاب انتفاضة أطاحت بالرئيس الأوكراني الذي كان مقرّبا من الكرملين فيكتور يانوكوفيتش.

وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات هذا الأسبوع بالوقوف وراء ارتفاع منسوب العنف عند الخطوط الأمامية، ما قوّض اتفاقا لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه في يوليو/تموز الماضي.

وقال زيلينسكي الخميس إن 20 جنديا أوكرانيا قتلوا منذ مطلع العام. واتّهمت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية روسيا بالتحضير "لتوسيع تواجدها العسكري" في المناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين.

وأفاد رئيس هيئة الأركان العامة الأوكراني روسلان خومشاك هذا الأسبوع أن أكثر من ألفي مدرّب ومستشار روسي يتمركزون حاليا في شرق أوكرانيا.

ونفت روسيا مرارا أن تكون أرسلت قوات وأسلحة لدعم الانفصاليين بينما أشار الكرملين هذا الأسبوع إلى أن لموسكو حرية تحريك قواتها ضمن أراضيها.

وقال بيسكوف الجمعة إن "روسيا ليست مشاركة في النزاع"، متهما قوات أوكرانيا المسلحة بالقيام باستفزازات "عديدة" في المنطقة.

ووصف مسؤول روسي رفيع التقارير التي تحدّثت عن أن روسيا تخطط لمهاجمة أوكرانيا بـ"الزائفة".

وقال نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو لوكالة 'ريا نوفوستي' الرسمية إن "روسيا غير مهتمة بالانخراط في أي نزاع مع أوكرانيا، خصوصا إذا كان عسكريا".

بدوره، قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون "لا أعتقد أننا نشهد تصعيدا، لكن علينا أن نتوخى الحذر بدرجة كبيرة. لذلك تحاول فرنسا وألمانيا دفع الرئيسين الروسي والأوكراني لاستئناف المحادثات".

وانتُخب زيلينسكي في 2019 على خلفية تعهّده بإنهاء النزاع، لكن معارضين يشيرون إلى أن الإنجاز الملموس الوحيد الذي تحقق في عهده كان وقفا هشا لإطلاق النار.

وأودى القتال بحياة أكثر من 13 ألف شخص منذ العام 2014، بحسب الأمم المتحدة.