زخم الوساطات لا يمنع المحتجين السودانيين من التصعيد

قوات الامن تفرق مظاهرات طلابية وتعتقل العشرات تزامنا مع دعوات للمشاركة بكثاقة في مليونية 30 يونيو للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين في ذكرى انقلاب البشير.
ابو الغيط يبحث مع المبعوث الاميركي سبل مساندة عملية الانتقال السلمي في السودان
وفد من قوى الحرية والتغيير سيتوجه إلى جوبا للقاء رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال

الخرطوم - فرقت الشرطة السودانية، الخميس، مظاهرات طلابية بالغاز المسيل للدموع، وأوقفت العشرات بالعاصمة الخرطوم، بحسب شهود عيان.
وأفاد الشهود بخروج المئات من طلاب وطالبات جامعة "شرق النيل"، وكلية الدراسات المصرفية والمالية، للمطالبة بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
وأضاف الشهود أن الشرطة استخدمت القوة لتفريق المتظاهرين السلميين، وأوقفت العشرات.

وشهدت عدة مدن سودانية، الخميس، تظاهرات وخاطبات جماهيرية، ووقفات احتجاجية، تطالب بتسليم السلطة لحكومة مدنية، وتدعو للمشاركة في مليونية 30 يونيو/حزيران.
و30 يونيو/حزيران، هو نفس اليوم الذي نفذ فيه الرئيس المعزول عمر البشير انقلابا عسكريا عام 1989 تولى على إثره السلطة، قبل أن تتم الإطاحة به في أبريل/نيسان تحت وطأة ثورة شعبية.
والأربعاء، دعت قوى إعلان الحرية والتغيير، إلى "مواكب مليونية" في 30 يونيو/حزيران، للمطالبة بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
ونشر حزب المؤتمر السوداني المعارض، مقاطع فيديو على صفحته في "فيسبوك" لتظاهرات طلاب وطالبات المرحلة الثانوية بولاية سنار (جنوب) تطالب بتسليم المجلس العسكري الانتقالي السلطة للمدنيين.
وأفاد شهود عيان أن آلاف الطلاب والطالبات بمدينة سنار، خرجوا إلى الشوارع يرددون شعارات، "سلطة مدنية.. أو تظاهرات أبدية".
كما نشر الحزب، فيديوهات لخطابات جماهيرية، لكوادر طبية بسوق مدينة الفاشر (غرب)، ووقفات احتجاجية لتجمع موظفي وعمال وزارة الثروة الحيوانية، والتحالف والديمقراطي للمحامين، ولجنة المعلمين، ولجنة أطباء السودان المركزية، بولاية كسلا (شرق).
وأقامت قوى الحرية والتغيير ندوة سياسية بمدينة "المناقل" (وسط)، بالتنسيق مع لجان المقاومة بالمدينة، حسب ما أورد تجمع المهنيين على صفحته في موقع "فيسبوك".

وعزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان عمر البشير من الرئاسة، بعد ثلاثين عاما في الحكم، وذلك تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر العام الماضي، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.
وأعقب ذلك تطورات متسارعة، تلخصت في مطالبات بتسليم السلطة للمدنيين، قبل فض اعتصام أمام مقر الجيش بالخرطوم، في انتهاك حمَّلت "قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي، مسؤوليته للمجلس العسكري، وقالت إنه أسفر عن سقوط 128 قتيلا، فيما تقدر وزارة الصحة العدد بـ61.
ومنذ أن انهارت مفاوضاتهما، في مايو/أيار يتبادل الطرفان اتهامات بالرغبة في الهيمنة على أجهزة السلطة المقترحة، خلال المرحلة الانتقالية.‎
وأعرب المجلس العسكري مرارا عن اعتزامه تسليم السلطة إلى المدنيين، لكن قوى التغيير تخشى من احتمال التفاف الجيش على مطالب الحراك الشعبي للاحتفاظ بالسلطة.

ويأتي انسداد أفق الحوار بين المعارضة السودانية والمجلس العسكري في ظل وساطات افريقية يقودها الاتحاد الافريقي ودولة اثيوبيا.

ولم تنجح تلك الوساطات الى حد الان في ايجاد الية للحوار تجمع الفرقاء السودانيين حيث دعا المجلس العسكري الحاكم في السودان الأحد الوسيطين الأثيوبي والأفريقي إلى "توحيد المبادرات وتقديم رؤية مشتركة" بشأن الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية، مبدياً تحفّظه على المقترح الذي تقدّمت به أديس أبابا السبت ووافقت عليه الحركة الاحتجاجية.

رئيس وزراء اثيوبيا ابي احمد
وساطة اثيوبية مازالت تراوح نفسها

وبحث الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط اليوم الخميس مع السفير دونالد بوث المبعوث الخاص الأمريكي إلى السودان ، والذي يقوم حالياً بزيارة للقاهرة، سبل مساندة عملية الانتقال السلمي في السودان.

وقال محمود عفيفي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام ، في بيان صحفي اليوم ، إن أبو الغيط استعرض مع المبعوث الأمريكي مجمل تطورات المشهد السياسي في السودان في ظل الجهود العربية والإقليمية والدولية المبذولة لمساندة الأشقاء السودانيين من أجل التوصل إلى توافق وطني عريض يخرج البلاد من أزمتها الراهنة.

وقال عفيفي أن أبو الغيط قام في هذا الصدد باطلاع المبعوث الأميركي على نتائج الزيارة التي كان قد قام بها إلى الخرطوم يوم 16 حزيران/ يونيو والتي التقى خلالها رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقيادات القوى والحركات السياسية والمدنية لتشجيع الأطراف السودانية على استئناف الحوار والعودة إلى مائدة التفاوض بما يكفل الاتفاق على الترتيبات التوافقية المطلوبة لإتمام عملية الانتقال السلمي للسلطة، والتي شدد أبو الغيط على أنها يجب أن تتم في سياق وطني خالص، وتحترم استقلال وسيادة السودان، وتلبي تطلعات كافة أطياف شعبه.

وأضاف أن أبو الغيط تناول أيضاً مع المبعوث الأميركي الجهد الذي تنوي الجامعة الاضطلاع به خلال المرحلة المقبلة في سبيل استعادة جسور الثقة بين الأطراف السودانية وتقريب وجهات النظر بينها ودعوتها إلى تجنب التصعيد، بما يدعم هدف الوصول إلى التوافق الوطني المنشود، وبما في ذلك عبر إيفاد وفد رفيع المستوى من الأمانة العامة سيتوجه مجدداً إلى الخرطوم لمتابعة الاتصالات التي تجريها الجامعة مع المجلس العسكري الانتقالي والقوى السياسية والمدنية.

وقال أبو الغيط للمبعوث الأميركي ان الجامعة العربية ترحب بتنسيق جهودها ومساعيها الحميدة مع مختلف الدول والمنظمات الدولية والإقليمية الحريصة على أمن واستقرار السودان والمساندة لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.

وأوضح المتحدث أن المبعوث الأميركي ، الذي أنهى لتوه زيارته الثانية للخرطوم ، عبر من ناحيته عن حرص الإدارة الأميركية على التشاور مع الجامعة العربية والتعرف على رؤية الأمين العام فيما يخص الوضع الراهن في السودان، وذلك تأسيساً على المصلحة المشتركة التي تجمعهما في دعم السودان وشعبه خلال هذه المرحلة الدقيقة .

وشدد المبعوث الأميركي اهتمام بلاده على أن يكون هناك تنسيق بين مختلف الجهود التي تبذلها الدول والمنظمات المعنية لدعم السودانيين من أجل التوصل إلى حل وطني وتوافقي لإتمام الانتقال السلمي للسلطة في البلاد.

وأعلن "نداء السودان" بالداخل، الخميس، أن وفدًا من قوى "إعلان الحرية والتغيير" سيتوجه إلى جوبا، للقاء رئيس الحركة الشعبية/قطاع الشمال، عبد العزيز الحلو، السبت القادم.
وقال المتحدث باسم "نداء السودان" بالداخل، خالد بحر، إن "الحرية والتغيير" اجتمعت لترتيب زيارة الوفد إلى جوبا وإجراء اللقاء.
وتضم قوى "إعلان الحرية والتغيير" تجمع "المهنيين السودانيين" وتحالفات "قوى الإجماع" و"نداء السودان " و"التجمع الاتحادي" والقوى المدنية.‎
وأضاف بحر أن "نداء السودان" تضع قضية السلام في البلاد أولوية للمرحلة القادمة.
وأشار إلى أن "نداء السودان" بالداخل بحثت في اجتماع لها تسمية ممثليها للتوجه إلى جوبا ضمن الوفد.
وتضم قوى "نداء السودان"، أحزاب سياسة وحركات مسلحة ومنظمات مجتمع مدني.
ومنذ يونيو/حزيران 2011، تقاتل "الحركة الشعبية/ شمال" الحكومة السودانية في ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق).
وتتشكل الحركة من مقاتلين انحازوا إلى الجنوب في حربه الأهلية ضد الشمال، والتي طويت باتفاق سلام أبرم في 2005، ومهد لانفصال الجنوب عبر استفتاء شعبي أجري في 2011.
وتعاني "الحركة الشعبية/قطاع الشمال" من انقسام بعد أن إصدار مجلس التحرير الثوري للحركة، في يونيو/حزيران 2017، قرارا بعزل رئيسها، مالك عقار؛ لتنقسم إلى جناحين، الأول بقيادة عبد العزيز الحلو، والثاني بقيادة عقار.
ووفق توازنات الحركة يمثل الحلو ولاية جنوب كردفان، بينما يمثل عقار ولاية النيل الأزرق.