زنجبار من المجد العماني إلى الاستعمار البريطاني
عمَّان - يستعرض كتاب "تاريخ زنجبار المصور" من تأليف رياض بن عبدالله بن سعيد البوسعيدي وترجمة محمد بن عبد الله بن حمد الحارثي، تاريخ زنجبار في الفترة 1800-1964، والتي كانت حتى وضعها تحت الحماية البريطانية في سنة 1890م تابعة لـعُمان.
صدر الكتاب مؤخراً عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 168 صفحة من القطع الكبير، بنسخة ملونة، مثل نظيرتها الإنكليزية، ويضم 36 فصلًا، ومقدمة للمترجم، ومقدمة وخاتمة للمؤلف، وعددًا من الصفحات التي أضافها المترجم.
يقول محمد الحارثي مترجم الكتاب في مقدمته عن مؤلف الكتاب: "وُلد مؤلف الكتاب في زنجبار في سنة 1942م، ونشأ وأكمل تعليمه فيها، وترعرع في قصر (بيت الحكومة) في عهد السلطان خليفة بن حارب، الذي تزوج عمته السيدة نونوه بنت أحمد، وقضى الكثير من الوقت مع أجداده، واكتسب الكثير من المعلومات عن مختلف جوانب تاريخ زنجبار، وفي خمسينيات القرن العشرين كان محظوظًا بقضاء وقت قيِّم مع السلطان خليفة، عندما كان السلطان يُقيم في قصر كيبويني، واستمع إلى الروايات العديدة التي كان يرويها السلطان".
ويعرِّف المترجم بالكتاب قائلًا: "يتناول الكتاب بشكل موجز الفترة التي كانت فيها زنجبار محطة مهمة للتجار العرب، خاصة العمانيين، ودور الجزيرة في التجارة البحرية عبر المحيط الهندي، وكيف أصبحت زنجبار مركزًا رئيسيًّا للتجارة؟".
ويضيف: "يستعرض الكتاب الفترة التي انتقل فيها السيد سعيد بن سلطان إلى زنجبار من مسقط وجعلها عاصمةً له، مؤكدًا أهمية الجزيرة بوصفها مركزًا تجاريًّا رئيسيًّا، وكيف ازدهرت زنجبار خلال تلك الفترة، فقد شهدت توسُّعًا في العلاقات التجارية مع أوروبا وأمريكا".
ويقدَّم الكتاب صورة واضحة عن نمط الحياة والمستوى الحضاري الذي كانت عليه الجزيرة قبل فرض الحماية البريطانية، وينتقل بين مختلف القصور التي جرى تعميرها، وإلى ما سماه المؤلف "عصر النهضة"، بما في ذلك رحلة السفينة "سلطانة" إلى أمريكا، وزيارة السلطان برغش إلى أوروبا، والمشروعات الإصلاحية والتقدمية التي سعى سلاطين زنجبار إلى جلبها إلى الجزيرة، مثل مشروع السكة الحديد، وإدخال الكهرباء. كما يتطرَّق الكتاب إلى مختلف الموضوعات من قبيل عملات زنجبار القديمة، والتاريخ البريدي لسلطنة زنجبار، وتاريخ دور السينما، والرعاية الصحية، والتعليم.
ويستعرض الكتاب تأثيرات التبادل الثقافي بين العرب والأفارقة والآسيويين والأوروبيين في زنجبار، ما أدى إلى خلق ثقافة فريدة يمتزج فيها العديد من العناصر قبل التدافع الاستعماري على إفريقيا، حيث كانت مدن شرق إفريقيا لقرون من الزمن تُجسِّد ثقافة حضرية محسنة تتميز بنظام معقد لإمدادات المياه، وبالفَخَّار الرائع، والعمارة المتطورة كانت انعكاسًا لإيمانهم بالله، وأخيرًا وليس آخرًا، المطبخ "السواحلي"، والمؤثرات العمانية.
إلى جانب ذلك، يستعرض الكتاب الصراعات التي شهدتها زنجبار بين القوى الاستعمارية الغربية، مثل بريطانيا وألمانيا، وكيف أثرت هذه الصراعات في مستقبل الجزيرة وسكانها.
ويقول المؤلف رياض البوسعيدي في مقدمته للكتاب: "يهدف هذا الكتاب في الأساس إلى توعية شعوب شرق إفريقيا بوجه عام، وشعب زنجبار بوجه خاص، بتاريخهم الثري المجيد". ويضيف: "تفخر دول كثيرة بتاريخها، ولها الحق في أن تفخر به، فلقد حافظت هذه الدول على تاريخ في شكل مكتوب من قبيل الكتب، ونقّبت في الأرض للكشف عن ماضيها، ورمَّمت مبانيها القديمة للحفاظ على عمارتها، وتعرض مقتنياتها بفخر في متاحفها حتى يشاهدها الآخرون، فلا مراء في أن تاريخ أي دولة، سواء أكان جيدًا أم سيئًا، كنز لشعبها وثقافتها وماضيها وتطلعها التقدمي إلى المستقبل".
وفي الخاتمة يقول المؤلف حول زنجبار ومدن الشرق الإفريقي التي كان يشملها النفوذ العُماني في تلك الفترة: "كانت هذه المدن في شرق إفريقيا لقرون من الزمان تجسيدًا لثقافة حضرية محسنة تتميز بنظام معقد لإمدادات المياه، وبالفخار الرائع، والعمارة المتطورة كانت انعكاسًا لإيمانهم بالله، والأقمشة الفاخرة، وأخيرًا وليس آخرًا، المطبخ السواحلي اللذيذ لذاذة فريدة. والمؤثرات العمانية في كل هذه المجالات ذات أهمية قصوى، وقد ترسخت جذورها حتى يومنا هذا".