"زهرة القيامة" لسالغاري على الرفوف العربية لأول مرة

الرواية الأهم في تاريخ أدب الخيال العلمي الإيطالي تتحدث عن تفاصيل مربكة لرحلة شخصين غريبين من القرن العشرين الى الألفية الثالثة.
اميليو سالغاري ملهم الروائيين العالميين وصناع السينما
الوجود البشري.. محض هباء
تتشابه تفاصيل الرواية مع واقعنا على نحو مخيف

ميلانو (إيطاليا) - عن منشورات دار المتوسط في إيطاليا صدرت حديثا الترجمة العربية لرواية "زهرة القيامة – عجائب الألفية الثالثة" للروائي الإيطالي اميليو سالغاري نقلها الى رفوف المكتبات العربية المترجم السوري أمارجي رامي يونس.
ووفقا للناشر فإن هذه الرواية تعد العمل الأهم في تاريخ أدب الخيال العلمي الإيطالي وفقا لإجماع النقاد، وكانت قد صدرت في سنة 1907، وهي تتمحور حول رحلة إلى المستقبل يقوم بها رجلان يعيشان حياة يخيم عليها الضجر والوحدة، فإذا بهما يقفزان إلى الأمام مائة عام في الزمن، من سنة 1903 إلى سنة 2003، ليعيشا حلما من أحلام المستقبل المجهول، مستقبل يبرع الكاتب في رسم ملامحه التي ستبدو في كثير من الأحيان لصيقة بواقعنا على نحو مُخيف.

سالغاري
هروب من الضجر والوحدة

ويضيف أن لا حدود لمخيلة سالغاري في هذه الرِّواية التي يصب فيها نبوءاته المستقبليَّة ويطرحُ تساؤلاته الوجوديَّة، على طريقته، في قالبٍ مشوق من الأحداث التي تتصاعد وصولا إلى تلك الأوديسة التي يعيشها الأبطال عبر المحيط الأطلسي العاصف، في صراعٍ مع أهوال الطَّبيعة ومع نزلاءِ مدينةِ إسكاريو البحريَّة ومع الوحشان الضَّاريَةِ في جزيرة تَنرِيْف، في تثنويَّةِ العجز الكلِي والعظمةِ اللَّانهائية للإنسان، كأنّما الكاتب يريد أن يقول في نهاية المطاف إن وجودنا البشري ليس مكفولا بأي شيء على الإطلاق.
ويعتبر سالغاري، كما هو الحال مع أُمبِرتو إيكو وإيتالو كالفينو، أكثر الرِّوائيِّين الإيطاليِّين ترجمةً وانتشاراً في العالم؛ وكان نِتاج سالغاري الأدبيُّ مصدرَ إلهامٍ للكثير من عظماء الأدباء والسِّينمائيِّين الذين شغفوا بحبِّ رواياته، فقد أُنتج من رواياته ما يقارب الإثنين والأربعين فيلماً سينمائياً.
في مكتبة المخرج الإيطالي الشَّهير فيديريكو فيلليني كان ثمة أكثر من خمسين روايةً لسالغاري. ومن بين الكُتَّاب الذين عشقوا سالغاري وقرأوه وألهمت رواياته خيالَهم: أُمبِرتو إيكو، غابرييل غارسيا ماركيز، كارلوس فوينتس، خورخي لويس بورخيس وبابلو نيرودا. وقد ألهمت أعمالُه كبار المخرجين أمثال ستيفن سبيلبيرغ وسرجو ليون. كما أنَّ تشي غيفارا قرأ اثنتين وستين رواية من روايات سالغاري، حتَّى أنَّ باكو إنياثيو تايبو كاتبَ مذكَّرات غيفارا، عزا أفكار هذا الأخير ضدَّ الإمبريالية إلى سالغاري.
إميليو سالغاري (1862-1911) ولد في مدينة فيرونا لأسرة ثرية تعمل بالتجارة. التحق بالمعهد البحري في البندقية وما لبث أن ترك دراسته ليعمل في المجال الصحفي. اشتهر بكتابة القصص القصيرة والمسلسلة على صفحات الجرائد، حتَّى تهافتت عليه دور النَّشر فألَّف ما يقارب الثمانين روايةً تتحدث جميعها عن مغامرات البحار والبلاد البعيدة التي تعكس ولعه بالملاحة والاستكشاف. ورغم الاعتراف بمكانته الأدبية عاش سالغاري حياة فقر وعزلة في مكتبه، وانغمس في الكتابة حتى دخل حالة اكتئاب أفضت به إلى الانتحار في مدينة تورينو.
ترك سالغاري إرثا كبيرا من القصص والرِوايات، بلغ أكثر من ثمانين رواية ومائة قصة. بعد موته، صدرت عشرات الروايات التي نُسبَت إليه، والتي لم تكن حقيقة له، فقد أصبح يمثل بعد موته مدرسة قائمة بذاتها، وبدأ الكتَّاب يحذون حذوه ويقلدون أسلوبه، فصدر إثر ذلك عدد هائل من الروايات التي اتخذ كتابها من أسلوب سالغاري وطريقته في الكتابة منهلا لهم. معظم تلك الرِوايات صدرت بتوقيع كاتب ما أضاف إلى اسمه اسم أحد أبناء سالغاري.