'رحلة إلى الصويرة' بين التناقضات المضحكة والمواقف المحرجة

الفيلم التلفزيوني المغربي يحكي تجربة مليئة بالمفارقات الطريفة تتخللها لحظات من الضحك والخوف في مغامرة سفر شبابية.

الرباط - تدور أحداث الشريط التلفزي "رحلة إلى الصويرة" للمخرج عبد الكريم الدرقاوي حول ثلاثة أصدقاء شباب يدرسون في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مراكش، وبعد انتهائهم من الامتحانات، يقررون التوجه إلى مدينة الصويرة الساحلية، والتي تعتبر قريبة بعض الشيء من مدينتهم، وذلك بغرض الترفيه عن النفس والاستجمام، لكن فور وصولهم إلى الصويرة، الملقبة بمدينة الرياح، يجدون أنفسهم عالقين في سلسلة من المشاكل، في قالب كوميدي اجتماعي.

العمل من سيناريو مشترك بين عبد المولى التركيبة وعبد الكريم الدرقاوي، وبطولة كل من عبدالله فركوس، مهدي تيكيطو، فضيلة بنموسى، مصطفى خليلي، أيوب حكيم، عبد الرحيم بن زبيري، عزيز الحبيبي.

تبدأ المشاهد الأولى للفيلم بإعداد موقف بسيط عندما يقرر الأصدقاء الثلاثة "علاء" الذي جسده الممثل المهدي تيكيتو و"رضى" الذي أدى دوره طه بنعيم  و"أنوار" الذي لعب دوره الممثل أيوب حكيم، السفر لقضاء وقت ممتع في مدينة الصويرة بعد انتهاء الامتحانات، وهذا يمثل حدثا مألوفًا للكثير من الشباب، إذ يظهر خلال المشهد الموالي مفاجأة غير متوقعة حينما تترك الخادمة "خولة" الطفل الرضيع في الشقة وتهرب أثناء انشغال الشاب "رضى" بجلب ماء لها، وفي غمرة هذه الأحداث، تصاب الخادمة بحادث أثناء مغادرتها للعمارة، فتسقط في غيبوبة، مما يعقد القصة ويضع الشخصيات الرئيسية في مواقف صعبة يجب عليها التعامل معها بحكمة لحل الأزمة وضمان سلامة الطفل الرضيع.

ويبقى الطفل الرضيع في شقة "سي مهدي"، فيظهر التوتر الكوميدي عندما يكتشف الأصدقاء الثلاثة الطفل في شقتهم، وخاصة "علاء" لانها تعود لخاله "سي مهدي" إذ يجدون أنفسهم في موقف لم يكونوا يتوقعونه، وخلال فترة احتجازهم برفقة الطفل، تطرأ العديد من المواقف الطريفة والصعبة بينما هم غارقون في محاولات لتهدئة الطفل و إرضائه بأسلوب يتراوح بين الهزل والخوف.

تتوالى الأحداث وتتطور شخصيات الأصدقاء الثلاثة، سواء من خلال اكتساب المزيد من الصبر والتسامح أو من خلال اكتشاف جوانب جديدة من خلال علاقتهم ب"سي المهدي" الذي لعب دوره الممثل عبدالله فركوس وأم "علاء" "لطيفة" الذي جسدت دورها الممثلة فضيلة بن موسى، إذ تُفضي الرحلة المضطربة إلى نهاية مرحة ومفرحة وهي اكتشاف أن ابن "سعيدة" الذي بحثت عنه في كل مكان هو في شقتها المجاورة بفضل استيقاظ "خولة" من غيبوبة الحادث، وعندما وجدت "سعيدة" ابنها في شقة "سي مهدي" استغل هذا الاخير وجود اخته " لطيفة" وابنها "علاء" وأصدقائه ليطلب الزواج من "سعيدة" الأرملة.

تحكي حبكة السيناريو بشكل تلقائي وواقعي المواقف الطريفة التي تحدث عادةً في رحلات الشباب، وهذا يجعل القصة قريبة ومألوفة لدى المتابع المغربي من خلال تقديمها بطريقة مرحة وممتعة، ما يمكن من متابعة الجمهور للمغامرات الكوميدية للشخصيات ويشعرهم بالتعاطف معها والاستمتاع بالضحك معها، فهذا هو حال الكوميديا الواقعية الخفيفة التي تعكس تجاربنا اليومية بطريقة مسلية ومرحة.

يتسم أداء الممثل المهدي تيكيتو في دور "علاء" بالعفوية الواقعية، حيث يتمكن  من تجسيد شخصية الشاب العادي الذي يجد نفسه متورطًا في مواقف كوميدية في شقة خاله الذي تركها له كأمانة يقضي فيها عطلته، إذ يظهر تيكيتو قدرة ملحوظة على التعبير عن مجموعة متنوعة من المشاعر بشكل هزلي، ما يعزز مصداقية الشخصية ويجعلها قريبة من الجمهور.

يستخدم المخرج عبدالكريم الدرقاوي في "رحلة إلى الصويرة" موسيقى تصويرية تعتبر انعكاسًا ممتازًا لأجواء الصويرة وتراثها الموسيقي، إذ يتميز هذا النوع من الموسيقى بطابعه التقليدي المرح، ويعتبر جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المدينة يسعىمن خلالها المخرج إلى إيصال الروح الأصيلة لمدينة الصويرة.

أما فيما يتعلق بالتصوير الرائع للمدينة، يستخدم المخرج زوايا تصوير علوية تضفي على المشهد طابعًا فريدًا يمكن المشاهد من رؤية المدينة من الفوق، مما يسمح له بفهم البنية والجمال الفريدين للصويرة، كما يعتمد المخرج على لقطات تصوير متنوعة بما في ذلك العامة والقريبة والمتوسطة، ما يخلق تجربة تصويرية غنية ومختلفة.