زيارة الشيخ محمد بن زايد لقطر ترسم أفقا أوسع للتعاون واستكمالا لمسار المصالحة

السياسة الخارجية الإماراتية تركز على الدبلوماسية الهادئة المتزنة وتسعى بالتعاون مع الشركاء الإقليميين لإحلال السلام في المنطقة وهو ما توّجته بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد سنوات من القطيعة.

الدوحة -  وصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات إلى قطر في زيارة عمل الاثنين يحضر خلالها افتتاح المعرض الدولي للبستنة "إكسبو الدوحة 2023 للبستنة" الذي تستضيفه قطر، في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين والتي تشهد تطورا متزايدا.
وكان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر في مقدمة مستقبلي الشيخ محمد بن زايد  والوفد المرافق لدى وصوله مطار الدوحة الدولي.

وتعد الزيارة الرسمية للشيخ محمد بن زايد إلى قطر محطة تاريخية تجسّد حرص الإمارات على أفضل العلاقات مع أشقائها ضمن المحيط الخليجي والعربي وتؤكد الروابط التاريخية والمتينة بين البلدين الشقيقين.

وشهدت العلاقات القطرية الإماراتية تطورات ملحوظة خلال العامين الماضيين، حيث تبادل الجانبان التصريحات الودّية والزيارات الدبلوماسية، التي أكد فيها مسؤولو البلدين أنها بهدف تقوية العلاقات الأخوية وتعزيز مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وتركز السياسة الخارجية الإماراتية باستمرار على الدبلوماسية الهادئة المتزنة وتسعى بالتعاون مع الشركاء الإقليميين لإحلال السلام في المنطقة وظهر هذا جليا في جهود أبوظبي لتطبيع العلاقات مع بعض الدول المتنافسة في المنطقة؛ من إسرائيل إلى إيران حتى تركيا وسوريا، وهو ما توّجته بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد سنوات من القطيعة.

كما تم إعادة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين قبل فترة قصيرة، والتي اعتبرتها الإمارات خطوة مهمة تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والشراكة بين الإمارات وقطر.

ويقول متابعون أن التحركات الدبلوماسية بين البلدين مؤشر على أن الكثير من القضايا التي تم العمل عليها خلف الكواليس قد تقدمت الآن إلى مستوى متطور، خصوصا أن الاجتماعات أصبحت تدريجيا أكثر تواترا وعلى مستوى عال.

واحتفى إعلام البلدين بالزيارات المتبادلة، وذكرت وسائل الإعلام أن الجانبين بحثا العلاقات الثنائية وسبل تنميتها ودفعها إلى آفاق أوسع من التعاون المثمر، بما يعود بالخير والازدهار على البلدين، ويخدم مصالحهما المشتركة، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية.

ويقول محللون اقتصاديون أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وقطر كان يُقدّر بمليارات الدولارات، وأن الصادرات الإماراتية إلى قطر وصلت إلى 2.4 مليار دولار في 2021.
وتشمل الصادرات الإماراتية المتنوعة إلى قطر الحلي والسلع والسيارات والأدوات المنزلية والألبسة، بالإضافة إلى عمليات إعادة التصدير.

ومن المتوقع أن المكاسب الاقتصادية بين الإمارات وقطر ستتعاظم في الأشهر المقبلة فالنموذج الاقتصادي الذي اعتمدته الإمارات من خلال اكتساب مزيد من الخبرات والانفتاح في السنوات الماضية، ستستفيد منه قطر مع عودة العلاقات بين البلدين.
ويرى المحللون أن الإمارات سوف تُضيف قيمة حقيقية في الاقتصاد القطري، خاصةً أن الإمارات لديها خبرات واسعة من مئات آلاف المغتربين العرب والأجانب، والسوق القطرية تحتاج إلى هذه الخبرات التي ستتبلور من خلال إعادة فتح شركات إماراتية في قطر بعد إقفالها خلال سنوات القطيعة.

وتبادل مسؤولو البلدين الزيارات منذ توقيع اتفاق "العلا" في يناير/ كانون الثاني 2021، الذي بموجبه انتهى الخلاف الخليجي بين السعودية والإمارات والبحرين مع قطر.

وفي عام 2017 اتهمت الدول المقاطعة قطر بدعم التطرف بسبب علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها الدول الأربعة منظمة إرهابية، وبسبب الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع إيران، التي تشترك معها قطر في أكبر حقل للغاز الطبيعي لديها.

وبعد اتفاق العلا وافقت الدول الأربع على رفع القيود في قمة لمجلس التعاون الخليجي، وتوالت الخطوات لاستعادة العلاقات، وكانت الإمارات من أبرز الفاعلين لتعزيز أواصر الإخوة والتعاون بين الدول الخليجية.

وقام رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارته الأولى إلى قطر في ديسمبر 2022.

وخلال هذه الزيارة القصيرة، بحث رئيس الإمارات وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني "العلاقات الثنائية وسبل تنميتها ودفعها إلى آفاق أرحب وأوسع من التعاون المثمر خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية"، بحسب وكالة أنباء الإمارات (وام).

كما تطرقا إلى "أهمية تعزيز منظومة العمل الخليجي المشترك بما يحقق مصلحة شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية".

وتزامنت زيارة رئيس الإمارات مع تنظيم قطر لبطولة كأس العالم، وقد غادر بعد غداء رسمي. وفي أيار/مايو 2022، زار أمير قطر أبوظبي لحضور جنازة الشيخ خليفة الأخ غير الشقيق للشيخ محمد ورئيس الإمارات السابق.

ومن أبرز الزيارات الرسمية أيضا، استقبال أمير قطر أواخر يونيو 2022، مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وبحثهما العلاقات الثنائية وعددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك.