زيارة الكاظمي لواشنطن تعيد ترتيبات الحرس الثوري في العراق

قائد فيلق القدس الإيراني يعقد في بغداد اجتماعات مع قادة الميليشيات الموالية لطهران لبحث الوضع الميداني بعد الانسحاب الأميركي والانتخابات التشريعية، حيث تلقي إيران بثقلها في تطويع الوضع السياسي لخدمة نفوذها ومصالحها.   
قاآني ثالث مسؤول رفيع من الثوري الإيراني يزور بغداد في ظرف وجيز
إيران تعيد ترتيب خططها في العراق على ضوء الانسحاب الأميركي
زيارة قاآني لبغداد ترسم ملامح إستراتيجية جديدة للثوري الإيراني في العراق

 

بغداد - يجري الجنرال إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية مباحثات مع قادة الميليشيات الشيعية في بغداد التي وصلها اليوم الثلاثاء في زيارة لم يعلن عنها مسبقا وهي ثالث زيارة لمسؤول رفيع في الحرس الثوري الإيراني إلى العراق في أسابيع قليلة.

وتأتي زيارة قاآني بعد اعلان الولايات المتحدة عن انهاء مهام قواتها القتالية في العراق والاكتفاء بمهام المشورة العسكرية والتدريب مع تعزيز التعاون مع بغداد في الحرب على الإرهاب.

وسيجتمع قائد فيلق القدس مع عدد من القوى السياسية وقادة الفصائل الشيعية المسلحة الموالية لإيران لبحث الاتفاق الأخير بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس الأميركي جو بايدن حول سحب القوات الأميركية القتالية من العراق، وفق ما ذكرت وكالة شفق نيوز العراقية الكردية عن مصدر أمني.

وجاء قرار الانسحاب الأميركي ممن العراق بعد ضغوط شديدة على الكاظمي وهجمات صاروخية وبطائرات مسيرة على قواعد للجيش الأميركي ومصالح أميركية وهو أيضا تتويج لمباحثات سابقة ضمن الحوار الإستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة.

وزيارة قاآني للعراق ليست الأولى فقد سبق له في التاسع من يونيو/حزيران الماضي أن قام بزيارة مماثلة عقد خلالها اجتماعات مع قيادات سياسية وحكومية وميليشيات شيعية مسلحة.

وقاآني لم يكن المسؤول الوحيد في الحرس الثوري الإيراني الذي يزور بغداد سرّا فقبل أسبوعين قام رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري حسين طائب بزيارة غير معلنة للعاصمة العراقية اجتمع خلالها بعدد من قادة الميليشيات المنضوية تحت قوات الحشد الشعبي، حيث نقل رسالة من المرشد الأعلى في إيران يدعو فيها تلك الميليشيات لتصعيد عملياتها ضد القوات الأميركية.

وجاءت تلك المباحثات والأوامر حينها قبل زيارة الكاظمي لواشنطن في محاولة لممارسة أقصى الضغوط على رئيس الحكومة العراقية وعلى الولايات المتحدة لتسريع انسحاب القوات الأميركية من العراق وهو مطلب إيراني قبل أن يكون عراقي.

ولا يمكن كذلك النظر لزيارة قاآني للعراق بمعزل عن التحضير للانتخابات التشريعية المبكرة وهي استحقاق انتخابي تلقي فيه إيران بثقلها لجهة تمكين القوى السياسية الشيعية الموالية لها وكذلك قادة ميليشياتها الذين انضموا للعملية السياسية وحازوا في الانتخابات الماضية على مراتب متقدمة في البرلمان العراقي ومن ضمنهم كتلة ائتلاف الفتح أو تحالف الفتح الذي يقوده هادي العامري الأمين العام لميليشيا منظمة بدر وقيادة كتائب الحشد الشعبي.

وتسعى إيران لإحكام قبضتها سياسيا على العراق من خلال تلك الميليشيات ومن خلال السياسيين الشيعة الموالين لها.

والعراق عالق منذ الغزو الأميركي في 2003 في هيمنة إيران على قراراته رغم جهود بعض القوى للتخلص من تلك الهيمنة، لكن الوضع يبدو شديد التعقيد حيث نجحت طهران في بناء شبكة معقدة ومترامية من العلاقات وتغلغلت في مفاصل الدولة العراقية.

ولطالما مارست على الحكومات العراقية المتعاقبة حتى الموالية لها، ضغوطا شديدة من خلال ميليشياتها على الأرض التي تحتكم للسلاح.

وتخوض القوى السياسية العراقية الانتخابات التشريعية المبكرة في ظروف استثنائية محفوفة بالمخاطر فهي تأتي على وقع حراك شعبي لفظ النخبة السياسية ومنظومة الحكم المتهمة بالفساد والولاء لإيران.

كما يسود مناخ من الترهيب بسبب تصاعد الاغتيالات وخطف وتعذيب نشطاء من الحراك الرافض للنفوذ الإيراني، حيث تراجع كثيرون من مؤيدي الحراك أو من نشطائه عن خوض الانتخابات خشية من التصفية وهو المناخ الذي أشاعته إيران عبر ميليشياتها لفسح المجال لاستنساخ المشهد السياسي ذاته والوجوه ذاتها بما يضمن تمددها وتغلغلها في العراق.

وقد رحبت القوى السياسية الشيعية بنتائج المفاوضات التي أجراها الكاظمي في واشنطن لكنها أبقت الضغط على رئيس الوزراء في معركة كسر عظام تسبق الانتخابات التشريعية.