سامح شكري يفتح من دمشق وأنقرة باب استئناف العلاقات
القاهرة - مثل الزلزال المدمر الذي شهدته كل من سوريا وتركيا فرصة لمصر من اجل مزيد تطبيع علاقاتها مع البلدين والتي شهدت برودا خلال العقد الماضي بفعل الكثير من التطورات السياسية حيث اعتبر اتصال الرئيس عبدالفتاح السيسي بكل من الرئيس السوري بشار الاسد والتركي رجب طيب اردوغان للتعزية في ضحايا الكارثة خطوة اولى لتحقيق تقارب قبل ان تعلن الخارجية المصرية نية الوزير سامح شكري زيارة دمشق وانقرة.
وقالت وكالة " سانا" أن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد استقبل صباح اليوم الاثنين وزير الخارجية المصري في مطار دمشق الدولي قبل ان تؤكد بان سامح شكري في اجتماع مع الرئيس بشار الاسد.
وشكر الأسد عن شكره لمصر على ما قدمته من مساعدات لبلاده جراء الزلزال مشيرا لحرص سوريا على علاقاتها مع مصر.
واضاف "اشكر الرئيس السيسي لما قدمته جمهورية مصر العربية من مساعدات لدعم جهود الحكومة السورية في إغاثة المتضررين من الزلزال" مؤكدا أنّ سوريا حريصة أيضاً على العلاقات التي تربطها مع مصر، ومشيراً إلى أنّه يجب النظر دائماً إلى العلاقات السورية المصرية من منظور عام وفي إطار السياق الطبيعي والتاريخي لهذه العلاقات.
وقال أنّ العمل لتحسين العلاقات بين الدول العربية بشكل ثنائي هو الأساس لتحسين الوضع العربي بشكل عام منوها إلى أنّ مصر لم تعامل السوريين الذين استقروا فيها "خلال مرحلة الحرب على سوريا" كلاجئين، بل احتضنهم الشعب المصري في جميع المناطق ما يؤكد على الروابط التي تجمع بين الشعبين، والأصالة التي يمتلكها الشعب المصري".
بدوره قال الوزير المصري أنّ العلاقات السورية المصرية هي ركن أساسي في حماية الأقطار العربية، مؤكداً أن مصر ستكون دائماً مع كلّ ما يمكن أن يساعد سوريا، وأنها ستسير قُدماً في كلّ ما من شأنه خدمة مصالح الشعب السوري الشقيق.
وتحدث شكري عن الروابط التي تجمع بين الشعبين السوري والمصري، وأشار إلى أنّ السوريين المقيمين في مصر أظهروا قدرة كبيرة على التأقلم مع المجتمع المصري، وحققوا نجاحاً كبيراً في أعمالهم في مختلف المجالات.
بدوره قال المقداد "عندما يأتي وزير خارجية جمهورية مصر العربية إلى دمشق فهو يأتي إلى بيته وأهله وبلده. كان لقيادة مصر وشعبها دور كبير في مواجهة النتائج الكارثية للزلزال" مؤكدا ان "المساعدات المصرية التي وصلت تعبر عن التحام الشعب المصري مع شقيقه الشعب السوري، نتطلع أن تتجاوز سوريا آثار الزلزال".
وتحدث شكري بدوره عن مستقبل العلاقات مع سوريا قائلا "كما أكدت، نحن على أتم الاستعداد لما لدينا من موارد لتوفير كل سبل الدعم الانساني لمؤازرة اشقاؤنا في سوريا وسوف يتم بالتنسيق الكامل منذ البداية مع الحكومة السورية وفق الاولويات التي تحددها".
وكانت الخارجية المصرية افادت في بيان الأحد ان سامح شكري من المنتظر ان يحل الاثنين بسوريا وتركيا، للمرة الأولى منذ عقد، بعد فتور ساد العلاقة بين القاهرة وكل من البلدين.
ونقل البيان عن المتحدث باسم الخارجية أحمد أبو زيد قوله إن شكري سيزور البلدين بهدف "نقل رسالة تضامن من مصر مع الدولتين وشعبيهما الشقيقين عقب كارثة زلزال يوم السادس من فبراير (شباط) الجاري" والذي خلف حوالى 46 ألف قتيل في البلدين.
وأشار البيان إلى أن شكري سيؤكد خلال لقاءاته في سوريا وتركيا "استعداد مصر الدائم لتقديم يد العون والمساعدة للمتضررين في المناطق المنكوبة بالبلدين".
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد اتّصل غداة الزلزال بنظيره السوري بشار الأسد، في تواصل غير مسبوق بين الرجلين.
وأجرى السيسي بعد ذلك اتّصالا بنظيره التركي رجب طيب إردوغان، خصمه السابق، علما بأن الرجلين كانا قد تصافحا في تشرين الثاني/نوفمبر خلال فاعليات كأس العالم بكرة القدم التي استضافتها قطر.
كذلك سجّل تواصل هاتفي بين وزيري خارجية سوريا ومصر.
وكان الأسد معزولا دبلوماسيا على الساحة العربية، علما بأن عضوية سوريا في جامعة الدول العربية ومقرها القاهرة معلّقة منذ قمع احتجاجات مناهضة للنظام بدأت في العام 2011 وتحوّلت إلى حرب أهلية.
دمشق تخرج من عزلتها

لكن بعد الزلزال الذي دمّر مناطق في سوريا وتركيا، استأنفت دول عربية التواصل مع دمشق التي يمكن أن تستفيد من الوضع للخروج من عزلتها الدبلوماسية، وفق محلّلين.
وفي جامعة الدول العربية يؤيد عدد متزايد من الدول الأعضاء، على رأسها العراق، استعادة سوريا عضويتها في المنظمة التي تشهد انقساما حادا وتراجعا لدورها.
وقد تكون اتُّخذت الأحد خطوة أولى على هذا الصعيد إذ استقبل الأسد وفد رؤساء البرلمانات العربية.
وضم الوفد رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي الذي وصفه الإعلام المصري الرسمي بأنه "أرفع مسؤول مصري" يزور دمشق منذ أكثر من عقد.
والعلاقات بين البلدين لم تنقطع يوما بشكل كامل، وكان مدير إدارة المخابرات العامة اللواء علي المملوك قد توجّه إلى القاهرة في العام 2016 في أول زيارة معلن عنها أجراها إلى الخارج منذ اندلاع الحرب في سوريا في العام 2011.
والتقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الاثنين، كذلك نظيره المصري بولاية أضنة المتضررة من زلزال في 6 فبراير/ شباط.
واستقبل تشاووش أوغلو نظيره المصري، في مطار الولاية، حيث عقد الوزيران اجتماعا مغلقا.
وعقب اللقاء من المقرر أن يشارك الوزيران في حفل استقبال السفينة المصرية التي تقل مساعدات إنسانية في ميناء ولاية مرسين.
وصباح الاثنين رست سفينة تجارية مصرية تحمل اسم "الحرية" في ميناء ولاية مرسين، محملة بـ 525 طن من المساعدات الإنسانية.
وتتضمن المساعدات خيام وبطانيات وأسرّة ومراحيض متنقلة ومنظفات.

وقال وزير الخارجية التركي ان تطور العلاقات بين تركيا ومصر يصب في مصلحة الطرفين حيث شكر مصر حكومة وشعبا على تضامنها مع ضحايا الزلزال.
من جانبه أعرب وزير الخارجية المصري عن ثقة بلاده بقدرة تركيا على تجاوز آثار الزلزال في أقرب وقت.
وأكد شكري أنّ بلاده "ستبقى بجانب شقيقتها تركيا" وأنّ العلاقات بين البلدين سترتقي لأفضل مستوى.
وردا على سؤال حول إمكانية عقد قمة بين الرئيسين التركي والمصري قال شكري "بالتأكيد، ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين".
والعلاقات بين مصر وتركيا لم تتحسن إلا مؤخرا، علما بأنها توتّرت بعد وصول السيسي إلى الرئاسة في العام 2013 إثر إطاحته الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي كانت أنقرة من أبرز داعميه.
وكان إردوغان، حليف مرسي المنتمي لجماعة "الإخوان المسلمين" قد أعلن حينها مرارا أنه لن يتواصل "أبدا" مع شخص مثل السيسي.
لكن الرئيس التركي أعرب في تشرين الثاني/نوفمبر لدى مغادرته قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا، عن استعداده لإعادة بناء العلاقات مع القاهرة "من الصفر".
بعيد ذلك تصافح الرجلان في قطر وسارعت أنقرة إلى نشر صورة المصافحة.
وأكدت القاهرة حينها أن الرجلين جددا التأكيد على "عمق الروابط التاريخية بين البلدين والشعبين"، وتوافقا على "أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين".
لكن أنقرة الداعم الكبير لجماعة "الأخوان المسلمين"، والقاهرة التي تعتبر هذا الفصيل "إرهابيا"، تدعمان معسكرين متواجهين في ليبيا.
فقد أوفدت تركيا مستشارين عسكريين وأرسلت مسيّرات لمواجهة قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، والمدعوم خصوصا من مصر.
وتجاريا، عزّز البلدان تبادلاتهما التي ارتفعت قيمتها من 4.4 مليارات دولار في العام 2007 إلى 11.1 مليار دولار في العام 2020، وفق مركز كارنيغي للأبحاث.