"سجل أحوال شوتكا" فيلم تسجيلي على قدر كبير من الإمتاع

الفيلم التشيكي الصربي كان مفاجأة مهرجان الإسماعيلية العاشر للفيلم التسجيلي والقصير، بحصده الجائزة الكبرى للجنة التحكيم.  
الفيلم يقدم أهل القلاية على قدر كبير من غرابة الأطوار والسلوك، وكل منهم يمارس عملا أو هواية ما، مهما كانت شاذة أو تافهة
أحد سكان القرية مشعوذ يرتدي عباءة سوداء مثل التي يرتديها مصاصو الدماء في الأفلام، ويدعي القدرة على اصطياد مصاصي الدماء

عمّان ـ الفيلم التسجيلي الطويل "سجل احوال شوتكا"، كان مفاجأة مهرجان الإسماعيلية العاشر للفيلم التسجيلي والقصير، بحصده الجائزة الكبرى للجنة التحكيم. وهو إنتاج شيكي صربي مشترك من إخراج ألكسندر مانيك. 
ينتمي الفيلم إلى فئة الأفلام التسجيلية الطويلة. وفي العادة تتضمن الأفلام التسجيلية الطويلة قدرا من المخاطرة ببعث الممل عند المشاهدين، لكن هذا الفيلم كان على قدر كبير من الإمتاع من بدايته وحتى نهايته. 
يصور الفيلم مجموعة شخصيات في قرية صغيرة تقع في البلقان أغلبية سكانها من الغجر تدعى "شوتكا" يعرّفها الفيلم بأنها غير موجودة على الخارطة وأنها في الأصل كانت عاصمة لروما القديمة. 
يقدم الفيلم أهل القلاية على قدر كبير من غرابة الأطوار والسلوك، وكل منهم يمارس عملا أو هواية ما، مهما كانت شاذة أو تافهة، يخوض مباريات مع أقرانه في مجالها من أجل الفوز ببطولتها ويعتبر نفسه بطلها الأفضل، أي أن كل منهم بطل في حقل هوايته. والهوايات والممارسات متنوعة، فقد يكون الرجل بطلا في حفر القبور أو الملاكمة أو جمع أكبر قدر ممكن من أشرطة الأغاني التركية أو بطلا في الملاكمة أو في تدريب الطيور البرية على المصارعة أو امتلاك أكبر قدر من أربطة العنق المصنوعة في فرنسا أو حتى بطلا في الشذوذ المخنث.
أحد سكان القرية مشعوذ يرتدي عباءة سوداء مثل التي يرتديها مصاصو الدماء في الأفلام، ويدعي القدرة على اصطياد مصاصي الدماء، وآخر يفاخر بأنه يستطيع أن ينتقل من حيث يقف إلى مكان بعيد في لمحة عين، وثالث وليّ يدعي القدرة على الشفاء، ورابع رجل عجوز في الخامسة والسبعين من عمره يعتبر نفسه بطلا في الحب لأنه جعل زوجته تنجب طفلة وهو في هذا العمر فأطلق على زوجته اسم "كاساندرا" تيمنا ببطلة المسلسل المكسيكي الشهير التي وقع في غرامها. 
رجال ونساء كلهم غريبو الأطوار يعرفنا الفيلم عليهم عن قرب، يرسم ملامحهم الخارجية ودواخلهم النفسية. شخوص مثيرون للسخرية لكن الفيلم يجعلنا نحبهم ونتفاعل معهم. 
هم نصابون لكنهم ليسوا أشرارا مؤذين، يضعون أنفسهم بكل صدق وصراحة وعفوية في مواجهة الكاميرا. وهذا إنجاز توصل إليه المخرج نتيجة معايشة حقيقية لسكان القرية وعلاقة معهم يشوبها التفهم والمحبة.
لا تقتصر قيمة هذا الفيلم على مادته الوثائقية وعلى غنى شخصياته وعلى عالم القرية الذي يكشف عنه وعن تراث أهلها الفني، ولا على التعليق الممتع الذي يرافق تقديم الشخصيات، بل تشمل قيمته بشكل خاص قدرته على تقديم شخصيات متعددة متنوعة واقعية تماما وحقيقية وما كان يمكن تخيل وجودها إلا في فيلم روائي، ينتمي إلى السينما الغرائبية، شخصياته من صنع خيال جامح لمؤلف أو مخرج.
والفيلم أوقع العديد من مشاهديه في حيرة وفي شك من أن تكون مشاهد الفيلم مصنوعة من خلال التمثيل، لكن الفيلم في حقيقته تسجيلي بامتياز، ينتمي إلى السينما المباشرة ويتعامل مع الفيلم التسجيلي، باعتباره فنا يستطيع تقديم مادة من الواقع لا تفقد أهميتها مع تغير الأزمان وليس مجرد توثيق مرئي أو تحقيقي مصور حول موضوع راهن.