سحر الجاز يجمع نجوم الموسيقى بجمهورهم في الصويرة

مهرجان 'الجاز تحت شجرة الأركان' يعد بمثابة فضاء لبروز جيل فني جديد.

الصويرة (المغرب) - شهدت النسخة الثامنة لمهرجان "الجاز تحت شجرة الأركان" التي استمرت حتى التاسع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الجاري بمدينة الصويرة بالمغرب، حوالي عشر حفلات موسيقية وثلاث جلسات للارتجال الموسيقي بعد منتصف الليل ومنتديين في كل صبيحة.

واستقبل المهرجان العديد من النجوم، من بينهم الشيخ تيديان سيك، أحد كبار نجوم الموسيقى المالية الذي يعتبر من أبرز الأسماء التي تعاونت مع هانك جونز، ساليف كيتا، وواين شورتر، إلى جانب انعقاد حفل "ثلاثي سايوكي" الذي تناغم فيه فنانون من ثقافات مختلفة، وكذلك حفل جوليان بلبشير، عازف الطبول الأسترالي – المغربي، الذي اختار الاستقرار في الصويرة.

وتضمنت الدورة عروضًا موسيقية متنوعة، من بينها لوحات قدمها، السبت، بالفضاء السوسيوثقافي "دار الصويري" بمدينة الرياح، "ثلاثي الجاز-إين" مع المغربي عبدالوهاب على البيانو، والإسباني لويس شيكو سالتو على الكونترباس، والبوركينابي روبن دي بوا على الطبول، حيث مزجوا ببراعة بين إيقاعات الجاز والألحان الأندلسية ونغمات حديثة، مما خلق تجربة موسيقية فريدة وغامرة.

واستطاع الموسيقيون بفضل إتقانهم الدقيق لآلاتهم، خلق تناغم مثالي بين الأصوات الأفريقية التقليدية وفروق الجاز الحديثة، سافر بالجمهور الحاضر إلى عالم آسر ونابض بالحياة.

كما كان الحضور على موعد مع عرض مبهر للثلاثي المكون من نغوين لي (آلة القيثارة)، وميكو ميازاكي (كوتو)، وبراهبهو إدوارد، أتاح لعشاق الموسيقى الاستمتاع بمزيج راقي من موسيقى الجاز المعاصرة والتقاليد الآسيوية.

واختتمت الأمسية بصعود فنانين وهواة محليين وأجانب للمنصة في إطار "دورات Midnight Jam" قدموا لحظة من الارتجال العفوي حيث اختلطت المواهب لتسحر الجمهور بلحظة موسيقية فريدة، تعكس الصورة المتفردة لمدينة الرياح.

ونجحت هذه التظاهرة المرموقة منذ إحداثها في ترسيخ مكانتها كفضاء حقيقي لبروز جيل فني مغربي وأفريقي وعالمي جديد، وفق ما أكده المشاركون في منتدى نظم السبت بالصويرة، على هامش فعاليات المهرجان.

وشكل اللقاء الذي احتضنه بيت الذاكرة حول موضوع "أهمية المكان، أهمية الروابط" مناسبة لجمهور من الموسيقيين والباحثين والإعلاميين والمفكرين لتسليط الضوء على الدور الأساسي لمهرجان "الجاز تحت شجرة الأركان" في تعزيز هوية مدينة الرياح كملتقى ثقافي عالمي بامتياز وأرض لاستقبال الموسيقى من جميع أرجاء العالم.

وأبرز المشاركون البعد الثقافي للمهرجان والذي يشكل إلى جانب العروض الموسيقية، فضاء متميزا للتقاسم والحوار والتبادل الفني الذي يتيح إرساء تعاون دولي فريد. كما أشاروا إلى أن هذا الموعد الموسيقي البارز رسخ نموذجا فريدا للقاء بين الثقافات، إذ يتيح للفنانين المغاربة الاستفادة من تجارب نظرائهم العالميين، وذلك لتثمين غنى تراثهم الموسيقي الأصيل.

وأكد المتدخلون بشكل خاص على أهمية هذا المهرجان بالنسبة إلى جيل الشاب من فناني الجاز والموسيقى العالمية المغاربة والأفارقة، الذين يجدون في هذا الفضاء منصة مميزة للتعريف بأنفسهم على المستوى العالمي.

وركزت المناقشات كذلك على ضرورة الحفاظ على الروابط وتعزيزها بين الأجيال والتخصصات الفنية والثقافات من أجل استدامة هذا الفضاء للابتكار والتجريب الذي يمثله مهرجان "الجاز تحت شجرة الأركان".

وشدد المشاركون على أهمية المكان كعامل للإلهام، مسلطين الضوء على الدور الفريد الذي تلعبه الصويرة كأرض استقبال والإلهام للفنانين سواء كانوا محليين أو من آفاق أخرى.

وأسدل الستار على النسخة الثامنة من هذه التظاهرة بتكريم عازف البيانو الأميركي من أصل أفريقي راندي ويستون، وهو التكريم وقعه رمز الموسيقى المالية، الشيخ تيديان سيك، رفقة أفضل أصدقائه الموسيقيين للاحتفال بهذه الأيقونة.

وتعزز النسخة الثامنة لمهرجان "الجاز تحت شجرة الأركان" المنظم من قبل جمعية الصويرة موكادور، مكانة مدينة الرياح كملتقى ثقافي ومختبر حي للإبداع الفني حيث يتجدد التراث من أجل حوار أفضل مع المستقبل.