سخاء الصين وروسيا في توفير اللقاحات لإفريقيا مدروس

دول افريقية حصلت على لقاحات صينية وتخطط للظفر بـ300 مليون جرعة من 'سبوتينك' V الروسي، وبكين وموسكو تعملان على توسيع نفوذهما وقوتهما وتستفيدان من تأخر الدول الغربية في إمداد 'القارة السمراء' بالعقاقير.

جوهانسبرغ - تتطلع الدول الإفريقية إلى روسيا والصين للحصول على جرعات من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
يقع اللقاح ضد فيروس كورونا في قلب معركة على النفوذ بين الدول الكبرى، تتصدرها الصين وروسيا.
وأصبح تأمين الصين وروسيا "المنتج العام العالمي" للدول الفقيرة يرادف الهيبة والنفوذ.
ويعتبر خبراء ان سخاء الصين وروسيا في توفير اللقاحات لإفريقيا ليس اعتباطيا او تلقائيا ويتم بطريقة مدروسة لانهما تعملان على بسط نفوذهما وتحقيق الهيبة وسط الاسرة الدولية.
وقال برتران بادي الاستاذ في العلاقات الدولية في جامعة سيانس بو بباريس "إظهار للعالم ان روسيا تضررت أقل من فيروس كورونا من الولايات المتحدة وانها أكثر فعالية من ناحية اللقاحات من دول اوروبا الغربية هو طريقة لإعادة تكوين قوتها".
وصرح "في العلاقات الدولية صورة وسمعة بلد تصبح حاسمة" مؤكدا على "إرادة وإصرار فلاديمير بوتين على اعادة القوة الروسية أو أقله التكافؤ مع العالم الغربي وفرض الاحترام عبر تطوير لقاح "سبوتنيك-في".

 'روسيا تبحث عن طريقة لإعادة تكوين قوتها'
'روسيا تبحث عن طريقة لإعادة تكوين قوتها'

واعتبر معهد "ستيفتونغ فيسنشافت اند بوليتيك" الألماني ان الصين تريد أن تطرح تفسها كدولة عظمى مسؤولة. وتحاول أيضا أن تنسي العالم قلة شفافيتها عندما ظهر فيروس كورونا المستجد نهاية 2019.
وبينما حصلت كل من المغرب والجزائر وإثيوبيا وزيمبابوي ومصر وسيراليون والسنغال وغينيا الاستوائية على لقاحات صينية، قال الاتحاد الإفريقي إنه يخطط للحصول على 300 مليون جرعة من لقاح "سبوتينك V" الروسي.
وتجري كل من كينيا وغينيا حاليا محادثات مع الصين وروسيا لشراء اللقاحات، كما تلقت سابقا نيجيريا والجزائر جرعات من كلا البلدين.
وقال إقبال جسات، المدير التنفيذي لشبكة "ميديا ريفيو" بجنوب إفريقيا إن "الدول الغربية تخزن اللقاحات، ولم تترك للدول الفقيرة سوى خيارا ضئيلا للبحث عن مصادر بديلة".
وأضاف جسات أن الدول التي حصلت على لقاحات من الصين وروسيا "كانت أول من بدأ بتطعيم مواطنيها".
ومثالا على ذلك، أطلقت الجزائر حملة تطعيم بعد أن تلقت الدفعة الأولى من لقاح "سبوتنيك V" الروسي، يناير/كانون الثاني.
كما بدأت مصر أيضا التطعيم في نفس الوقت تقريبا بعد أن حصلت على لقاح "سينوفارم" الصيني.
وبسبب نقص الموارد، تنتظر معظم البلدان الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إمدادات من اللقاحات المقدمة مجانا من خلال آلية "كوفاكس" الدولية.
وتقود تلك الآلية منظمة الصحة العالمية وتحالف اللقاحات (Gavi)، وتحالف ابتكارات التأهب الوبائي (CEPI)، بهدف توفير اللقاحات للدول الفقيرة.
وتابع المتحدث: "من بين الأمور التي سلطت جائحة كورونا الضوء عليها هي عدم المساواة العالمية والفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء".
وأردف: "التأخير في التطعيم يظهر أيضا تباينات اقتصادية ضخمة خاصة بين شمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى".
واستدرك: "استفادت الصين وروسيا على ما يبدو من تأخر الدول الغربية في إمداد إفريقيا بالعقاقير، حيث تضررت هذه الدول بشدة وكانت مشغولة بتأمين ملايين الجرعات لشعوبها".
والعام الماضي، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال القمة الصينية-الإفريقية أن الدول الإفريقية ستستفيد من اللقاح الصيني بمجرد البدء في إنتاجه.
 إفريقيا.. الصين تدعمها والغرب يتخلى عنها
وبحسب تقارير إعلامية، يمكن تخزين اللقاحات الصينية والروسية في ثلاجات عادية، بخلاف اللقاحات المصنعة من قبل شركات الأدوية الغربية التي تحتاج إلى درجات حرارة شديدة البرودة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وينبين، في فبراير/شباط إن بلاده ستوفر لقاحات لـ19 دولة إفريقية.
وقدمت بكين، أكبر شريك تجاري لإفريقيا ملايين القروض والمساعدات التنموية للقارة السمراء على مدى السنوات الماضية.
وذكر وانغ يي وزير الخارجية الصيني أنه "منذ تفشي فيروس كورونا، عملت الصين و"القارة السمراء" معا لمحاربة الوباء.
وأكد وانغ، في بيان عقب جولة خارجية قام بها في خمس دول إفريقية أن "الصين ستوفر لقاح كورونا وستساعد أيضًا في الانتعاش الاقتصادي خلال فترة ما بعد الوباء".
فيما أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا لاحقا أن بلاده لا زالت تفاوض الشركات المصنعة للقاح، مشتكيا من أن "الدول الغنية استخدمت قوتها لشراء ملايين الجرعات".
واشترت جنوب إفريقيا مليون جرعة من لقاح "أسترازينيكا" من الهند مطلع فبراير/شباط، لكنها أوقفت استخدامه بعد أن كشفت دراسة جديدة أن اللقاح كان أقل فعالية ضد النوع المتحور من فيروس كورونا المنتشر بالبلاد.
وقامت جوهانسبرغ بعدها باختيار لقاحي "جونسون آند جونسون" الأميركي و"بيونتيك-فايزر" الألماني الأميركي.
وتشهد جنوب إفريقيا أكبر عدد من الإصابات بفيروس كورونا في القارة، حيث سجلت أكثر من 1.5 مليون إصابة، بينها أكثر من 50 ألف وفاة.
كما قامت إلى الآن بتطعيم عشرات الآلاف من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وستبدأ قريبا في تطعيم عامة الشعب.