سطوة البث التدفقي وتميز ديزني في المشهد السينمائي والموسيقي والترفيهي

العقد المنصرم يتميز بثورة خدمات البث التدفقي وهدم الحواجز بين الأنواع الموسيقية، واكتساح نجوم الفن مواقع التواصل الاجتماعي وشراء ديزني استوديوهات مارفل.

واشنطن – مع نهاية كل سنة، تكثر التصنيفات الثقافية لأفضل الأفلام والكتب والألبومات الموسيقية… هذا الوضع يسري أيضا على العقود رغم صعوبة وربما استحالة تقديم حصيلة شافية لأفضل الإصدارات في السنوات العشر الاخيرة.
فمن ثورة خدمات البث التدفقي إلى هدم الحواجز بين الأنواع الموسيقية، مرورا بصعود نجم فنانين جدد، هذه بعض العناصر الرئيسية في العقد المنصرم.
في مطلع 2010، لم يكن عدد مشتركي سبوتيفاي يتخطى المليون، فيما كان لدى نتفليكس ما يناهز 12 مليون مشترك وكانت خدمات البث التدفقي تستقطب فضوليين من دون تشكيل ظاهرة قائمة بذاتها.
وبعد عشر سنوات، بات للمنصة الموسيقية 248 مليون مستخدم فيما تخطى عدد مشتركي نتفليكس 158 مليونا.
وشهد التلفزيون والموسيقى وحتى السينما تبدلات كبيرة بفعل طفرة هذا المجال الاستهلاكي الجديد الذي يتيح النفاذ إلى أي مضمون في أي وقت.

بيونسيه
بيونسيه تتربع بلا منازع على عرش النجمات

وقد احتلت يوتيوب موقعا حاسما في المشهد الموسيقي والترفيهي العام لدرجة أنها باتت تبلور أذواق كثيرين في جيل الألفية.
وساهم انتشار الاتصالات بالكابل ثم بالألياف البصرية وتوسع شبكات الجيل الرابع في رفع العوائق التقنية أمام تمدد خدمات البث التدفقي بعدما كان هذا القدر من الاستهلاك مستحيلا قبل عشر سنوات.
كما أدخلت القدرات الجديدة المقدمة من شركات الاتصالات تغييرا كبيرا على مجال ألعاب الفيديو، مع تعميم الألعاب عبر الإنترنت للاعبين متعددين بفضل البث التدفقي، ما ساهم في طفرة الرياضة الإلكترونية.
وتتسارع هذه الحركة حتى مع إطلاق خدمة الجيل الخامس في الولايات المتحدة مطلع 2019 التي من شأنها تجنيب تشبع الشبكة.
ورافق البث التدفقي نزوح المستخدمين من أجهزة التلفزيون والكمبيوتر نحو الهواتف الذكية التي باتت تشكل محركا أساسيا لاستهلاك مضامين الفيديو والموسيقى والألعاب والأخبار.
لسنوات طويلة، كانت مشاهدة البرامج التلفزيونية أشبه بالمواعيد لدى الأطباء، إذ كان يتعين التسمّر أمام الشاشات في أوقات محددة.
لكن بفضل نتفليكس وأخواتها من قبيل هولو وأمازون، أصبح في الإمكان متابعة حلقات البرامج المفضلة في أي مكان وزمان.
وتمخضت هذه المنافسة بين كبرى قنوات الكابل وعمالقة الإنترنت عن عدد كبير من الإنتاجات الضخمة التي تكون في كثير من الأحيان أغلى كلفة من أفلام كثيرة.
وأبرز هذه الأعمال هو بلا شك "غايم أوف ثرونز" الذي بدأ عرضه في 2011. فقد نجح هذا المسلسل الذي تدور أحداثه في القرون الوسطى في استقطاب المشاهدين موسما بعد موسم لدرجة أنه بات يشكل ظاهرة اجتماعية.
ومنذ 2010، عرضت إنتاجات تناسب كل الأذواق بينها "بريكينغ باد" الذي انتهى عرضه مطلع العقد، وأيضا "ذي هاندمايدز تايل" إضافة إلى أعمال كوميدية مثل "مودرن فاميلي" و"فيب".
بقيت هوليوود خلال عصرها الذهبي خاضعة لهيمنة ما عُرف بـ"بيغ فايف" أي الاستوديوهات السينمائية الخمس الكبرى. لكن من خلال متابعة أرقام شباك التذاكر في صالات السينما خلال السنوات الأخيرة، يمكن التحدث عن "بيغ وان" (الشركة الأكبر) وهي "ديزني".
فما يقرب من ثلث إيرادات قطاع السينما هذه السنة، صبّت لحساب هذه المجموعة العملاقة التي بلغت عائداتها 10 مليارات دولار في العالم اجمع.
وهذا الرقم لا يأخذ في الاعتبار الأرقام الخاصة بفيلم "ستار وورز" الجديد بعنوان "ذي رايز اوف سكايووكر" الذي بدأ عرضه قبيل عيد الميلاد.

وهذه النتائج ليست وليدة الصدفة. فقد أمضى الرئيس التنفيذي لديزني بوب إيغر العقد المنصرم في إبرام صفقات بمليارات الدولارات لشراء كبار الاستوديوهات ما خوّل المجموعة الاستحواذ على ستة من أكثر عشرة أفلام درا للإيرادات في تاريخ السينما.
وبعد شراء استوديوهات "مارفل" سنة 2009 مع مجموعتها المثيرة من أعمال الأبطال الخارقين ("أفنجرز إندغايم" أصبح أكثر الأفلام درا للأرباح في تاريخ السينما)، أضافت "ديزني" على قائمة استوديوهاتها "لوكاس فيلم" ("ستار وورز") في 2012 و"فوكس" (سلسلة أفلام "إكس من" والتتمة المرتقبة لفيلم "أفاتار" لجيمس كامرون)، في 2019.
وفضلا عن ذلك كله، قررت ديزني بث روح جديدة في معروضها من خلال سلسلة إعادات ("آلادين" و"لاين كينغ") للجمهور الأصغر سنا أو الأكثر حنينا إلى نجاحات الماضي.
من أنجح الأغنيات في موسيقى الراب في نهاية العقد هي عمل من موسيقى الكانتري لشاب مثلي أسود من أتلانتا بعنوان "أولد تاون رود".
هذا قد يلخص بصورة جيدة الوضع في السنوات الأخيرة التي شهد فيها مجال صناعة الترفيه والمؤسسات الثقافية انفتاحا أكبر خارج هيمنة الذكور البيض المغايرين جنسيا.
كذلك، شهدت سنوات العقد المنصرم طفرة في موسيقى البوب الكورية الجنوبية (كاي بوب) التي حققت مكانة مهمة في سوق الأغنيات. ومن أبرز نجاحات العقد في هذا الإطار أغنية "غانغام ستايل" للمغني الكوري الجنوبي ساي التي كانت أول أغنية مصورة يصل مجموع مشاهداتها عبر "يوتيوب" إلى مليار.
كما غزت حلبات الرقص حول العالم الأغنيات التي تمزج فيها أنواع موسيقية مختلفة كالريغي والأنغام الأميركية اللاتينية من الراب والبوب.
وأبرز هذه الأعمال أغنية "ديسباسيتو" (2017) التي تستحوذ على أكبر عدد من المشاهدات على الإطلاق عبر يوتيوب مع أكثر من 6,5 مليارات مشاهدة.
وفي 2016، طالبت حركة "أوسكار سو وايت" بمزيد من التنوع في أكاديمية فنون السينما وعلومها القائمة على جوائز الأوسكار ما دفعها إلى إعلان سلسلة تدابير بينها توسيع مروحة الأصول الإتنية والعرقية لأعضائها المصوتين البالغ عددهم أكثر من 6200.
في عالم الموسيقى الذي لا يرحم، لا يكفي التمتع بصوت جميل وتقديم أغنيات بتوزيع موسيقي جيد وكلمات جذابة.
فبهدف الوصول إلى القمة والى العرش، بات يتعين على نجمات الغناءو"ملكاته" أيضا إطلاق ماركة خاصة للملابس ومستحضرات التجميل وتكثيف الحضور عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، تتربع بيونسيه بلا منازع على عرش النجمات خلال العقد المنصرم خصوصا بفضل حفلاتها في مهرجان كواتشيلا وأدائها خلال الاستراحة ما بين الشوطين في نهائي بطولة كرة القدم الأميركية (سوبربول)، وهما حدثان يحظيان باهتمام إعلامي واسع، فضلا عن ظهورها في الجزء الجديد لفيلم "لاين كينغ".

كذلك، تدير بيونسيه ماركتها "آيفي بارك" وهي عقدت شراكة مع أديداس وأخرجت عملا وثائقيا كما استغلت خلافاتها الزوجية مع زوجها جاي زي لإنتاج ألبوم "ليمونايد" الذي حقق نجاحا عالميا لدى الجمهور والنقاد.
وقالت المغنية الأميركية في تصريحات أدلت بها مطلع كانون الأول/ديسمبر لمجلة "إيل"، "كلما تقدمت في السن ازداد إدراكي لقيمتي الفعلية".
وليست بيونسيه وحيدة في هذا المضمار.
فبالإضافة إلى نجاحاتها التجارية، جمعت ريهانا ثروة طائلة بفضل علاماتها التجارية لمستحضرات التجميل والملابس الداخلية، حتى أنها عقدت شراكة مع مجموعة "أل في أم إتش" الفرنسية للمنتجات الفاخرة.
أما تايلور سويفت، فقد جمعت عشر جوائز "غرامي" منذ 2010، كما أطلقت مجموعتها الخاصة من العطور وانخرطت في معركة لاستعادة حق الملكية لأعمالها المسجلة.
وكل واحدة من هؤلاء النجمات تملك ثروة تفوق 300 مليون دولار.