سعد البازعي: الرواية مهمة بثرائها الإنساني ومتعتها السردية

بعد فوز رواية جوخة الحارثي بالمان بوكر صار سؤال الترجمة أساسياً عند الحديث عن الرواية.
الرواية مهمة من حيث ثراؤها الإنساني ومتعتها السردية بعيداً عن الترجمة
الحكايات يعاد سردها المرة تلو الأخرى ولكن من زوايا متباينة وبتفاصيل مختلفة

الدمام (السعودية) ـ أوضح الناقد الدكتور سعد البازعي في محاضرته "سيدات القمر الرواية والترجمة" مساء الثلاثاء، التي نظمها بيت السرد في جمعية الثقافة والفنون في الدمام، بحضور أساتذة الترجمة والكتاب والروائيين أنه "بعد فوز رواية جوخة الحارثي بالمان بوكر  صار سؤال الترجمة أساسياً عند الحديث عن الرواية، وهو وضع متوقع ولكنه غير منصف لعمل غني بذاته، ينظلم حين يبدو أن جزءاً من أهميته، جزءاً كبيراً عند البعض ناتج عن أنه ترجم، أي لو لم يترجم لما فاز بالجائزة البريطانية/ العالمية. ولكن في هذا ظلم للعمل لأنه يصرف النظر عن القيمة الأدبية السردية والثقافية التي يكتسبها العمل بحد ذاته. 
ويضيف "نعم الترجمة كانت السبب في فوزه لأنها لفتت أنظار قراء أجانب وغير أجانب إليه بشكل غير مسبوق، لكن قارئ الرواية بلغتها العربية سيكتشف، كما اكتشف وأحاول فيما يلي أن أقول كيف، أن الرواية مهمة من حيث ثراؤها الإنساني ومتعتها السردية بعيداً عن الترجمة، أي ترجمة. نعم هناك وجوه نقص. لكن هذا يمكن أن يقال عن أي عمل وإن تفاوتت وجوه النقص في الكثرة والأهمية. ومع ذالك فلا مناص من طرح سؤال الترجمة مع أنه سؤال يمكن تناوله منفصلاً عن سؤال السرد في النص الأصلي".
في "سيدات القمر" لا نحتاج إلى الكثير من الخبرة أو المهاراة لندرك أننا أمام عمل احترافي من حيث قصدية الإبداع السردي، فواضح منذ البدء أن الكاتبة لم ترد أن تحكي قصة تشدنا أحداثها فحسب وإنما أيضاً أن تحكي قصة تشدنا كيفية سرد تلك الأحداث. وهذا شرط أساسي في أي عمل سردي ينشد الأدبية. 
تفاوت الساردين أحد وجوه تلك الكيفية، ولكن وجهاً آخر ما يلبث أن يتماثل أثناء القراءة: يتبين أن الحكايات يعاد سردها المرة تلو الأخرى ولكن من زوايا متباينة وبتفاصيل مختلفة. تطالعنا الشخوص في الفصول الأول ونعرف أن فلانة تزوجت أو فلاناً ولد أو سافر لكننا نعود إلى تلك الأحداث نفسها لنعرف كيف حدث ذالك أو متى .. أو، وهذا هو الأهم، ما يعنيه ذالك بالنسبة لتطور الأحداث وتنامي الشخصيات ودلالات القصص ككل.
ينعقد السرد في الرواية حول أسرتين: أسرة العم سعيد وأسرة العم سليمان. شخوص الرواية ينتمون إلى إحدى الأسرتين أو كليهما نتيجة المصاهرات والعلاقات التجارية التي تشمل تجارة الرقيق، الرقيق الذين يشكلون فئة اجتماعية متصلة بالأسرتين ولكنهم في وضع خاص بطبيعة الحال نتيجة الظلم الاجتماعي القاسي الذي يكتنف تاريخ الرق عامة وأثره العميق على البنى الاجتماعية والاقتصادية. فقراءة تاريخ الرق في عُمان لا تختلف عن قراءته في بلدن عربية أخرى أو في أميركا أو بريطانيا، فهو ظلم متشابه الوجوه، متماسك ألالم.
وتكرار المترجمة استعمال عبارات يصعب ترجمتها أو شرحها، بل إن ترجمتها وشرحها ستفقدها خصوصيتها الدينية بشكل خاص، مثل "بسم الله الرحمن الرحيم" (ص213) و"اللهم صل على النبي" (ص18). لكن عبارات أخرى ترد بشكلها العربي ثم تترجم ويبدو ذلك غير مناسب لأن المتحدث في الرواية يبدو وكأنه يقول العبارتين بلغتين مختلفتين. مثال ذلك ما يرد في الصفحة 104 من النص الإنجليزي يا حبيبي يا سيدي. ترد بنصها العربي ثم تترجم. وتناوب الحضور على المداخلات في ما يخص الرواية ويخص الترجمة.