سعوديات خارج المملكة لأول مرة دون إذن وليهن القانوني

بعد أحدث تعديلات ضمن سياسة انفتاحية تسمح بحصول النساء ممن تخطت أعمارهن 21 عاما على جواز للسفر والخروج من البلاد بصفتهن الشخصية، أكثر من ألف سعودية يسافرن للخارج بالفعل بموجب القرارات الجديدة.
فضلا عن السفر، اصلاحات تمكن السعوديات من تسجيل المواليد والزواج والطلاق والوصاية على الأطفال
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يقر 'أول خروج ملموس عن نظام ولاية الرجل في البلاد'
خطوات متزنة لتحقيق التوازن بين انفتاح البلاد والحفاظ على بعض القيم التقليدية

الرياض - شهدت المطارات الدولية السعودية أحدث "المرات الأولى" من الأمور التي أصبحت السعوديات قادرات على القيام بها في الآونة الأخيرة، إذ بات بمقدورهن الآن مغادرة البلاد دون إذن ولي من أقاربهن مع تخفيف المملكة لقيود نظام ولاية الرجل الذي تعرض لانتقادات حادة.

وتسافر سلمى، التي تبلغ من العمر 40 عاما ولديها ثلاثة أطفال، بانتظام للخارج ومن قبل كانت تحتاج لتصريح من الولي القانوني عليها والذي كان زوجها، وحاليا والدها. لكن السعودية ألغت ذلك مؤخرا وبالتالي عندما ذهبت إلى مطار الرياض الخميس عبرت من منطقة الجوازات بصفتها الشخصية.

وقالت وهي في البوابة المؤدية للطائرة "تشعر بأنك إنسان.. بأنك إنسان كامل... ليس نصف إنسان ولا جزءا، إنسان كامل".

وتحملت السعودية لفترة طويلة استنكار الغرب لنظام ولاية الرجل الذي يتطلب أن يكون لكل امرأة قريب، الوالد أو الشقيق أو الزوج أو الابن، يوافق على القرارات المهمة طوال حياتها.

وعلى الرغم من أن بعض القيود الكبيرة ما زالت مفروضة، إلا أن السلطات أدخلت بشكل مطرد تعديلات على القواعد التنظيمية مع محاولتها زيادة انفتاح المجتمع في إطار أجندة إصلاحية أوسع نطاقا يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يعد الحاكم الفعلي للمملكة.

وسمحت أحدث تعديلات بحصول النساء ممن تخطت أعمارهن 21 عاما على جواز للسفر والخروج من البلاد دون إذن ولي. كما مكنتهن من تسجيل المواليد والزواج والطلاق وإصدار وثائق رسمية لهن خاصة بالأسرة بالإضافة إلى حق الوصاية على الأطفال القصر.

وقالت صحيفة "اليوم" المحلية السعودية الثلاثاء إن أكثر من ألف امرأة في المنطقة الشرقية سافرن للخارج بالفعل بموجب القرارات الجديدة.

 

لكن حتى الآن شابت التنفيذ بعض المشكلات.

فقد شكت نساء على تويتر من أن بوابة الخدمات الإلكترونية الحكومية "أبشر" لم تسمح لهن بعد بالتقدم للحصول على جوازات للسفر عبر الإنترنت. وقالت وسائل إعلام محلية إن النساء بحاجة لتقديم الطلب بشخصهن لحين تفعيل النظام الإلكتروني.

ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش التعديلات الأخيرة بأنها انتصار طال انتظاره وحثت السلطات على ضمان عدم استخدام الأولياء لقرارات قضائية لتهميش تلك التعديلات.

وقالت روثنا بيجوم باحثة حقوق المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة "تلك التغييرات مجتمعة هي من أكبر الإصلاحات المتعلقة بحقوق النساء التي أقرتها السعودية وأول خروج ملموس عن نظام ولاية الرجل في البلاد".

وأضافت "على السلطات السعودية الآن أن تنهي كل ما تبقى من تفرقة ضد النساء في كل من القانون والممارسة".

"علامات مهمة"

جاءت حرية السفر للخارج للنساء بعد رفع الحظر الذي كان مفروضا على قيادتهن للسيارات العام الماضي، وهو ما حظي بإشادة من الخارج والداخل.

وتسببت قضايا حظيت بتغطية واسعة هذا العام لنساء فررن للخارج مما قلن إنها إساءة معاملة من أسرهن في تسليط المزيد من الضوء السلبي على نظام ولاية الرجل.

ووضع الولاية بين القانون والعُرف يجعلها قضية شائكة بالنسبة للأمير محمد الذي أشار في 2018 إلى أنه يفضل إنهاءه لكنه أحجم عن إقرار إلغائه.

وقالت الباحثة السعودية إيمان حسين إن الدولة مترددة في تفكيك أجزاء بعينها من نظام ولاية الرجل لتجنب معارضة المحافظين في البلاد الذين يعتمدون عليها لفرض النظام داخل أسرهم.

وكتبت هذا الشهر على موقع معهد دول الخليج العربية في واشنطن على الإنترنت "الخطوات التي اتخذت حتى الآن هي علامات مهمة على طريق التقدم في مجال حقوق المرأة في البلاد".

وتابعت قائلة "تظهر كل تلك القوانين جهود القيادة السعودية لتحقيق التوازن بين انفتاح البلاد والحفاظ على بعض القيم التقليدية من خلال التفرقة بين العادات والشريعة وحقوق الجنسين".