سلامة يختار توجيه سهامه نحو حفتر بدل إيجاد حل في ليبيا

معركة طرابلس عكست فشل جهود غسان سلامة في التوصل لاتفاق بين أطراف الأزمة في ليبيا.

باريس - انتقد مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة مجددا قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، قائلا إن العملية التي يقودها للسيطرة على طرابلس لا تحظى بمساندة عدد كبير من الليبيين، في موقف يعكس تحيزا واضحا لحكومة الوفاق ولا يخدم سعيه لإيجاد حل سياسي توافقي ينهي الأزمة في ليبيا كما يروج لذلك.

وحذر سلامة خلال مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية اليوم الاثنين، الدول التي تميل إلى مواصلة دعم المشير حفتر من أنه ليس ديمقراطيا كما أن معظم الليبيين لا يؤيدون برنامجه السياسي.

وأضاف عند سؤاله عن رأيه في رؤية حفتر لطريقة الحكم في ليبيا "هو ليس أبراهام لينكولن وليس بذلك الديمقراطي الكبير، لكن لديه مؤهلات ويريد توحيد البلاد" مشيرا بذلك إلى الرئيس الأميركي في القرن التاسع عشر الذي قاد البلاد خلال الحرب الأهلية وحافظ عليها وألغى العبودية.

وتابع سلامة "عندما نرى كيف يعمل حفتر يساورنا القلق من الأساليب التي يستخدمها لأنه لا يحكم بأسلوب لين وإنما بقبضة حديدية في المناطق التي يحكمها".

وتدور معارك ضارية على أطراف العاصمة الليبية طرابلس منذ ثلاثة أسابيع عن إعلان الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر بداية عملية عسكرية لتطهير طرابلس من ميليشيات إرهابية. 

وقالت قوات حفتر إن طرابلس أصبحت رهينة لميليشيات متطرفة من القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين تتحكم في حكومة الوفاق.

وأنهت معركة طرابلس تقريبا الجهود التي كان يسعى سلامة من خلالها إلى التوصل لاتفاق سلام بين قوات الجيش المتحالفة مع حكومة موازية في شرق البلاد وحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج.

ويجد المبعوث الأممي إلى ليبيا نفسه عاجزا أمام الملف الليبي بعد أن فشل في فهم تعقيداته، خصوصا بعد إلغاء الملتقى الوطني الذي ترعاه الأمم المتحدة والذي حالت معركة طرابلس دون انعقاده في مدينة غدامس.

وكان سلامة يسعى من خلال الملتقى إلى وضع "خارطة طريق" تمكن أطراف الأزمة الليبية الخروج من الفوضى ومن أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.

وتقوم قوات الجيش الليبي حاليا بالتقدم ببطئ نحو طرابلس تجنبا لأي توغلات قد يقع فيها ضحايا من المدنيين لكنها لم توقف عمليتها ولم تتراجع عنها.

مشاركة الميليشيات في معركة طرابلس إلى جانب حكومة الوفاق لا تدخل ضمن أولوات سلامة
مشاركة الميليشيات في معركة طرابلس إلى جانب حكومة الوفاق لا تدخل ضمن أولوات سلامة

ويحظى حفتر بدعم دول عربية وغربية ترى أنه قادر على إعادة الاستقرار للبلاد والتصدي للإسلاميين المتشددين.

وأصبحت لهجة سلامة أكثر حدة من ذي قبل على ما يبدو حينما يتحدث عن حفتر، فمهمته في ليبيا أصبحت صعبة في ظل انقسام داخل الدول الغربية والعربية بشأن طريقة معالجة الملف الليبي.

وعن موقفه من الدعم الدولي والإقليمي المتزايد لعملية حفتر وعن من سيقف إلى جانب حكومة الوفاق التي أصبحت تواجه الجيش الليبي بمفردها قال سلامة ضاحكا "أنا أدعمه، أعني أن هنالك قرار من مجلس الأمن يدعم السراج وأنا يجب أن احترمه".

 ويقوم سلامة بجولة في العواصم الأوروبية في محاولة لضمان الحصول على إجماع على وقف إطلاق النار والعودة إلى محادثات السلام في ليبيا.

ويزور سلامة فرنسا بعد زيارة لإيطاليا الدولة التي كانت تستعمر ليبيا. وقال إن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أبلغه بأن باريس تقف تماما وراء جهوده الرامية لوقف إطلاق النار.

وتدعم واشنطن وباريس حفتر في مساعيه السابقة لقتال الإسلاميين المتشددين في ليبيا بينما تساند رسميا الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة.

وقال سلامه في إشارة إلى مشروع قرار اعترضت عليه روسيا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي "أعاني من انقسام عميق للغاية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حال دون إقرار مشروع قرار بريطاني لوقف إطلاق النار".

وأضاف "إغواء (فكرة) الرجل القوي واسعة الانتشار. المشكلة هي أن الرجل القوي ربما ليس قويا مثلما يبدو وهذه هي المعضلة لمن يدعمونه".

يذكر أن سلامة كان قد تعرض إلى انتقادات واسعة من قبل الليبيين في يناير الماضي بسبب تحيزه إلى حكومة الوفاق.

وقالت كتلة "نواب برقة" في مجلس النواب سابقا إن سلامة تجاوز الواقع والحقيقة والأحداث والزمن وتسبب في استفزاز بالغ للشعب الليبي ومؤسساته الشرعية واتهمته بعدم إعطاء اهتمام لحرب الجيش الليبي في الجنوب لتحريره من الإرهاب والتطرف والقضاء على قيادات إرهابية.