سلامة يطالب بضمانات بعدم اعتقاله خلال استجوابه من مدّعين أجانب
بيروت - ذكرت مصادر إعلامية لبنانية أن الوفود الأوروبية المكلفة بالتحقيق في قضايا غسيل أموال وفساد مالي تشمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجاء وآخرين، أرجأت التحقيقات إلى الأسبوع المقبل، بينما تستمر في استكمال الترتيبات اللوجستية، في حين طالب سلامة بضمانات مؤكدة وموثوقة من أعلى السلطات بأنه لن يتم إيقافه فورا.
وذكرت صحيفة 'الأخبار' اللبنانية نقلا عن مصادرها أنه و"لأسباب خاصة تتعلق بوضع أحد المسؤولين البارزين، تقرر تأجيل بدء التحقيقات الأوروبية في لبنان إلى الأسبوع المقبل"، مضيفة أن السفارة الألمانية في بيروت أنجزت أمس الإثنين الإجراءات اللوجستية لاستقبال دفعة أولى من أعضاء الوفد الألماني، بينما سيصل بقية أعضاء الوفد لاحقا.
وعلى المسار نفسه تواصل السفارة الفرنسية استكمال الترتيبات والإجراءات المتعلقة بمشاركة الوفد الفرنسي الذي من المرجح أن يصل بيروت مطلع الأسبوع المقبل.
وبحسب المصدر ذاته فإن لائحة من سيتم استدعاؤهم للتحقيق طويلة وتطال عدد من المشتبه بصلتهم أو تورطهم في جرائم مالية منها غسيل أموال، في حين سيكون حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته ماريان الحويك ونجله ندي على رأس القائمة التي تشمل أيضا عددا من مديري المصارف.
وتثير مسألة خضوع حاكم مصرف لبنان للاستجواب مخاوف لديه من أن يتم اتخاذ إجراءات إيقاف فورية بحق وحين تلقى تطمينات بأن الوفد القضائية الأوروبية ليس لديها صلاحيات لتوقيفه، طالب بضمانات أكبر على المستوى المحلي بأنه لن يتم اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية تنفيذا لأمر القاضية غادة عون.
ويخشى سلامة من أن تكون القاضية غادة عون في انتظاره مع قادة أمنيين عند باب قاعة الاستجواب التي سيلتقي فيها مع الوفود القضائية الأجنبية، لتنفيذ مذكرة الاعتقال التي أصدرتها بحقه ونقله بحالة إيقاف إلى مركز قصر العدل.
ورغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر بحقه في لبنان، لا يزال سلامة في منصبه الذي يشغله منذ عام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدا في العالم. ومن المفترض أن تنتهي ولايته في مايو/ايار 2023.
ومنذ بدء الانهيار الاقتصادي في 2019 وفقدان الليرة اللبنانية أكثر من 95 بالمئة من قيمتها، يتعرض سلامة لانتقادات حادة لسياساته النقدية باعتبار أنها راكمت الديون، لكنه دافع مرارا عن نفسه قائلا إن المصرف المركزي "موّل الدولة، لكنه لم يصرف الأموال"، محملا المسؤولين السياسيين مسؤولية الانهيار.
وأثارت التحقيقات التي ستتولى إجراءها وفود أوروبية مختصة، جدلا بسبب مخاوف من تدويل التحقيق، لكن مصادر الصحيفة اللبنانية قالت إنه بعد وصول الطلبات من الجانب الأوروبي، جرى اطلاع عدد من المرجعيات الرسمية والحزبية على مضمونها.
وأضافت أنه تم التشاور في كيفية صياغة رد لبنان عليها، موضحة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ناقش مع رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا الأمر من باب الجدل والمخاوف القائمة والاستفسارات حول "عما إذا كان لبنان يشرّع الأبواب أمام وصاية قضائية دولية".
ورد ميقاتي عن الاستفسارات بتأكيده أنه "يقوم بالتعاون مع النائب العام التمييزي غسان عويدات ومع الجانب الفرنسي على وجه الخصوص، بإجراء المقتضى بما يمنع تجاوز القضاء اللبناني"، في حين نفت مصادر 'الأخبار' اللبنانية أن يكون رئيس حكومة تصريف الأعمال قد تعهد لرياض سلامة بأنه لن يكون من بين المستجوَبين.
وتتركز التحقيقات التي ستجريها الوفود القضائية الأوروبية حول ثروة حاكم مصرف لبنان، وفق ما ذكرت سابقا مصادر قضائية.
وتضمّ الوفود مدعين عامين وقضاة تحقيق ومدعين عامين ماليين من ألمانيا ولوكسمبورغ وفرنسا تصل تباعا إلى بيروت بين 9 و20 يناير/كانون الثاني وتهدف الزيارة إلى استكمال تحقيقات عالقة في قضايا مالية مرتبطة برياض سلامة.
وأعلنت السلطات المعنية في الدول الثلاث بأنها أبلغت النائب العام التمييزي غسان عويدات بأنها تنوي "التحقيق مع سلامة ومسؤولين في مصرف لبنان ومدراء مصارف تجارية".
وقالت مصادر لبنانية إن الوفود القضائية لم تطلب مساعدة القضاء اللبناني "بل جلّ ما فعلوه هو إخطار لبنان بمواعيد وصول الوفود وتاريخ الاستجوابات التي سيجرونها وأسماء الذين سيخضعون للتحقيق"، وبينهم سلامة.
ويواجه حاكم مصرف لبنان شكاوى كثيرة ضده في لبنان ودول أوروبية، لكنه طالما نفى الاتهامات الموجهة إليه، معتبرا أن ملاحقته تأتي في سياق عملية "لتشويه" صورته.
وتحقق سويسرا منذ نحو عامين بعمليات اختلاس أموال "تضر بمصرف لبنان" يُشتبه بوقوف سلامة وشقيقه خلفها وقُدرت بأكثر من 300 مليون دولار.
ومنذ يوليو/تموز 2021، يحقق القضاء المالي الفرنسي في ثروة سلامة وقد وجه لامرأة أوكرانية مقربة منه اتهامات بينها غسل أموال واحتيال ضريبي.
وفي 28 مارس/اذار 2022، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه بتهم تبييض أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021". وفي لبنان، يواجه سلامة عدة قضايا بينها تحقيق محلي بشأن ثروته بناء على التحقيق السويسري، إلا أنها لم تصل إلى أي نتيجة.