سلام الله على الأغنام

جرائم الشرف تستمر بلا عقاب. لسنا أمريكيين لنغضب لمقتل زنجي ونجبر الحكومة على معاقبة القتلة.
ما نحن إلا قطيع والقطيع لا يساق إلا بالعصا
جرائم الشرف لا تحدث إلا بين الفقراء والأقل تعليما
العرب عاجزون عن نفض الغبار عن عقولهم لكي تتضح الرؤية

مرة أخرى تفوح رائحة الدماء في جريمة شرف ولا أدري عن أي شرف يتحدث العربي وما من شبر من بلاده إلا وفيه مأساة وهو عاجز عن الذود عن بلاده وحماية نفسه، وفجأة يصبح أسدا أمام ابنته أو اخته، فيهشمها ويحطمها ليثبت أنه رجل، خاب ظنك وفشل مسعاك أيها الكائن التعس، فشرف العرب في الحضيض طالما أنهم الأضعف والأشد جهلا وفقرا.

ربما يتساءل القارئ ما علاقة هذا بذاك؟ إن له كل العلاقة، فطالما أن الشعب جاهل الى هذا الحد، فإن الجهل لا يتوقف عن حد ويندرج على كل شيء فالجهل ليس حدثا معينا بل هو توجه عام، وسمة لصيقة لا تزول إلا إذا تم تغيير الثقافة برمتها، وإذا كان البعض يظن أن الجهل يكون في مواقف معينة فهو مخطئ، أو أن النذالة تكون في حالات معينة فهو مخطئ، فالإنسان الجاهل هو جاهل في كل شيء والمتحضر متحضر في كل شيء، والدليل على ذلك هو أن جرائم الشرف لا تحدث إلا بين الفقراء والأقل تعليما، ويندر حدوثها في فئة المتعلمين الميسورين.

هذا العربي الذي قتل إحدى نسائه يشاهد على التلفاز لاعبة الجمباز الروسية أو الرومانية وهي تتقلب كالجن ولا يستر عورتها سوى رقعة صغيرة وينبهر بأدائها ويعجب بتلك المجتمعات المتحضرة التي تأتي كل يوم بإنجاز جديد، ويدرك في عقله أن العرب لا يأتون بجديد سوى بجريمة شرف جديدة بين فترة وأخرى.

إن الحديث عن تغيير الثقافة متشعب وليس له وصفة واحدة، فالشعوب المتحضرة هي التي غيرت الثقافة من قاعدة الهرم وفرضت رؤيتها على المجتمع ومؤسساته الرسمية والمدنية حتى رأس الهرم، أما العرب فلن يغيروا ثقافتهم مطلقا فهم شعوب لا يحركهم سوى الخوف والضرب على الراس بهراوة أو ركلة تكسر الساق، ذلك أنهم عاجزون عن نفض الغبار عن عقولهم لكي تتضح الرؤية أمامهم ليرسموا مسار الطريق الصحيح، كما فعلت الشعوب المحبة للحياة. أما العرب فلا هم بالأحياء ولا الأموات ولن يقرروا ولن يتحركوا ذاتيا.

إن الحل لهذه الظاهرة المقرفة هو القانون دون أية ظروف مخففة، بل يجب تشديد العقوبة على هذه العقول المتحجرة، وتطبيقه بحزم وشدة، هذا اذا كان المشرع مهتما بمصلحة المجتمع والشأن العام، وإذا كان لديه بعد نظر ويدرك النتائج البعيدة الأمد لمثل هذه الظاهرة، فالجهل لا يجلب إلا مزيدا من الجهل، والحماقة أعيت من يداويها. وفي هذه الأحوال لا يأتي التغيير إلا من أعلى الهرم، وليس من قاعدته، فنحن لسنا فرنسيين ولا نثور ضد الظلم والجهل ونصنع التغيير بايدينا، ولسنا أمريكيين لنغضب لمقتل زنجي ونجبر الحكومة على معاقبة القتلة، ما نحن إلا قطيع والقطيع لا يساق إلا بالعصا.