سوريون يفرون من قسوة النظام إلى بطش الفصائل التركية

هرب كثير من السوريين المكتوين بالأزمة الاقتصادية وعمليات التجنيد الإجباري بمناطق سيطرة النظام إلى شمال سوريا، لا يعد ملاذا آمنا في بقاع انتشار القوات التركية والفصائل الموالية لها والتي تشهد انفلاتا أمنيا وتعيش على وقع هجمات دموية مستمرة وظروف معيشية سيئة.
قوات النظام السوري تشن حملة اعتقالات واسعة تستهدف الفارين من التجنيد الإجباري

دمشق - يفر سوريون مكتوون بالأزمة الاقتصادية الخانقة وبطش الجيش السوري، من مناطق سيطرة النظام إلى معاناة أكبر بشمال سوريا، حيث يسيطر هناك الفصائل الموالية إلى تركيا في مناطق تعيش هي الأخرى حالة من الانفلات الأمني وتعاني تفجيرات دموية متكررة فضلا عن الظروف المعيشية السيئة، فيما تعمل القوات التركية المنتشرة هناك على استغلال حاجة السوريين لتجنيدهم من أجل القتال لصالحها داخل سوريا وخارجها.

وشهدت مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا مؤخرا وصول مواطنين من مناطق النظام إليها، هربا من الأزمة الاقتصادية والتجنيد الإجباري غير المحدد الذي يفرضه الجيش السوري.

وشنت قوات النظام السوري والأفرع الأمنية التابعة له حملة دهم واعتقالات في مدينة دير الزور (شرق) وريفها خلال اليومين الماضيين، شملت عشرات المدنيين.

وأفادت مصادر محلية، بأن قوات النظام داهمت ليلة السبت وفجر الأحد حي الجورة، واعتقلت 15 مدنيا بتهمة تخلفهم عن الخدمة الإلزامية العسكرية، كما اعتقلت 8 أشخاص آخرين في حي القصور بتهمة العمل بتحويل الأموال دون ترخيص رسمي".

وأضافت أن "عناصر الفرقة الرابعة التابعة لجيش النظام اعتقلت 23 شخصاً في أحياء الحميدية، والجبيلة، والقصور، بسبب عودتهم إلى منازلهم دون دفع رشاوى للضباط المسؤولين عن تلك الأحياء".

كما داهمت عناصر من فرع "المخابرات الجوية" "شارع الجيش، ومحيط الحديقة المركزية وسط مدينة الميادين بريف دير الزور، واعتقلت 13 شابا بتهمة التواصل مع أقاربهم في المناطق الخارجة عن سيطرتها"، وفق المصادر ذاتها.

وفي سياق متصل أفاد شاب هارب عرف عن اسمه بـ"علي الطرطوسي"، بأن "الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام وصل لدرجة لا يمكن تحملها".

وأضاف الطرطوسي الذي طلب عدم الكشف عن وجهه لأسباب أمنية، أن المواطنين في مناطق سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد "يعانون الأمرين لكسب قوت يومهم".

وأوضح أن "النظام عاجز عن توفير الوقود للمواطنين، كما أنه غير قادر على دفع رواتب الموظفين"، لافتا إلى أن "غالبية السكان بمناطق سيطرة النظام يعيشون تحت خط الفقر".

وأضاف أن أصحاب السيارات يضطرون في مناطق سيطرة النظام للانتظار 48 ساعة أمام محطات الوقود لملء خزانات سياراتهم، فيما يحصل الأغنياء على الوقود من خلال دفع الرشى.

وأردف "لقد ضاع مستقبل الشباب في تلك المناطق، ومن يذهب للخدمة في الجيش لا يسرح منه، كما يوجد من قضى 10 أعوام في الخدمة".

وتابع "جئت إلى إدلب لأحمي مستقبلي من الضياع، وأجد عمل يعينني على إكمال دراستي".

الحرب المستمرة في سوريا تدفع السكان نحو معناة أسوأ
الحرب المستمرة في سوريا تدفع السكان نحو معناة أسوأ

الشاب حبيب يزن من مدنية طرطوس (غرب)، قال إن "روسيا وضعت يدها على ميناء المدينة وشواطئها، و بنت الكثير من نقاط المراقبة حولها وسيطرت على تجارة البلاد، ولم يبق لمؤسسات الدولة شيء".

وأكد يزن، أن "الأوضاع الاقتصادية تواصل تدهورها في مناطق سيطرة النظام، وروسيا تواصل استغلال الوضع لمصلحتها"، مشدداً أن "بيع البلاد أمر غير مقبول".

واستطرد "الكهرباء لا تأتي سوى ساعتين في النهار و المواطن لا يأخذ حصة تكفيه من الخبز، والأسعار مرتفعة جداً وتواصل الارتفاع"، مستدركا "لو بقيت هناك فمن غير الممكن أن أبني مستقبلي".

وتعاني مناطق سيطرة النظام تدهوراً كبيراً، حيث انخفض سعر الليرة السورية إلى أكثر من 3 آلاف مقابل الدولار الأميركي، إضافة إلى شح كبير في الوقود و الغذاء.

لكن فرارهم إلى شمال سوريا يعد هروبا من معاناة إلى أخرى، فتلك المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها، تعيش هي الأخرى أزمة اقتصادية خانقة وظروف معيشية متدهورة وصعوبة في الحياة، فضلا عن الاضطرابات الأمنية في مناطق تشهد باستمرار عمليات تفجير بسيارات مفخخة واعتداءات إرهابية دائما ما تسفر عن مقتل عشرات المدنيين.

كما يعاني سكان شمال سوريا واللاجئين إليه نفوذ القوات التركية وفصائلها السورية الذين يعمدون إلى تجنيدهم للقتال لصالح تركيا في معاركها داخل سوريا وخارجها وخاصة في ليبيا.

ودفعت الحرب السورية التي اندلعت في مارس/آذار 2011، على إثر احتجاجات شعبية طالبت بإنهاء أكثر من 49 عاما من حكم عائلة "الأسد" ودعت لتداول السلطة سلميا، إلى مقتل نوح 400 ألف شخص ونزوح نصف السكان، بعد رفض النظام التنحي عن السلطة ولجأ إلى الخيار العسكري ضد المحتجين، ما أدخل البلاد في دوامة من الحرب ووضع إنساني مترد.