سوريو إدلب يحلمون باللجوء إلى تركيا رغم قسوة 'الجندرما'

رصاص الحرس التركي الحدودي يقتل أحلام السوريين بلجوء إنساني إلى تركيا بحثا عن ملاذ آمن يقيهم خطر القصف الجوي المستمر بإدلب.
430 سوريا أعزل يقتلون برصاص الجندرما وبينهم 77 طفلا
أردوغان لا يرحب باللاجئين السوريين الفارين من بؤر الموت

 أطمة (سوريا) - يتجه اللاجئون السوريون إلى تركيا بأعداد كبيرة مقارنة بلجوئهم للدول المجاورة الأخرى، رغم قسوة المعاملة التي يتلقونها من حرس الحدود التركي (الجندرما) في وقت تسعى فيه الحكومة التركية إلى إعادة ملايين اللاجئين إلى سوريا.

ولجأ إلى سوريا نحو 3.6 مليون لاجئ، فيما تتهم منظمات حقوقية أنقرة بترحيل مئات السوريين إلى إدلب بزعم عدم حيازتهم مستندات إقامة في اسطنبول، وأغلقت أبوابها وتصر على أنها تدعم العودة الطوعية.

ويجازف اللاجئون السوريون بالرغم من وحشية 'الجندرما' في التعامل معهم بحياتهم من أجل الهرب مع معارك إدلب والمنطقة العازلة والفرار من سبح القصف الجوي الذي يتجدد بين الفينة والأخرى.

ويذكر تقرير نشر بأحوال تركية أن 'الجندرما' قتلت على مدى السنوات الماضية ما يزيد عن 430 مدني سوري أعزل وهم يبحثون عبرالحدود عن ملاذ آمن لهم، حيث قتل من بينهم 77 طفلا و40 مواطنة تجاوزن سن الـ18.

وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن 'الجندرما' تطلق النار عشوائيا على طالبي اللجوء الإنساني من السوريين. كما أظهرت عديد الفيديوهات اعتداء حرس الحدود التركي على مواطنين سوريين بعد اعتقالهم أثناء محاولتهم عبور الحدود التركية السورية، إذ يعمد عناصر'الجندرما' إلى ضربهم وشتمهم.

لكن حلم السوريين بدخول تركيا كمنفذ آمن، لم يتراجع رغم شدة ما يلقون من 'الجندرما' على الشريط الحدودي.

وارتدى جابر ثياباً نظيفة حلق ذقنه وصعد على دراجته النارية وخلفه زوجته وطفلاه، وانطلق خارجاً من مخيم للنازحين في شمال غرب سوريا للمرة الخامسة على التوالي في محاولة للعبور إلى تركيا سعيا لعلاج ابنته التي تحتاج إلى جراحة في عينيها.

واكتفى جابر وزوجته بحقيبتين صغيرتين حملاهما معهما بحثاً عن حياة جديدة بعيدا عن الوضع الأمني المتدهور والوضع المعيشي الصعب في إدلب في شمال غرب سوريا المحافظة الحدودية مع تركيا.

وفي المخيم العشوائي في منطقة أطمة بمحاذاة الحدود التركية، قال جابر كيروان (31 عاماً) قبل الانطلاق إن "الوضع هنا سيء جداً، انظروا من حولكم إلى المخيمات، هذه ليست حياة".

وفي إحدى المرات التي حاولت فيها العائلة العبور، كسر الوالد ساقه بينما كان يقفز من الجدار الإسمنتي الذي يفصل بين البلدين.

وقبل ثلاثة أشهر نزح جابر من مدينته خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي التي سيطرت عليها قوات النظام بعد هجوم بدأته في نهاية أبريل/نيسان في عدد من مناطق إدلب والمحيط الواقعة بمعظمها تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً). وهو يعيش في خيمة صغيرة مع عائلته وأقارب آخرين له.

ولم يكتب النجاح لمحاولة جابر بلوغ تركيا، فبعد ساعات طويلة أمضاها أفراد العائلة للعبور من سوريا إلى تركيا سيراً على الأقدام، ألقت قوات تركية القبض عليهم، ثم نقلتهم إلى معبر باب الهوى الحدودي، ومنه عادوا أدراجهم.

فور عودتهم استقبلهم أقاربهم، حيث دخلوا جميعاً إلى الخيمة الصغيرة وجلسوا أرضاً واحتسوا الشاي، فيما كان جابر يروي المحاولة الفاشلة وقصة ابنته ميرال التي تعاني من مرض في عينيها.

ويسجل جابر رسالة صوتية لأحدهم يطمأنه، وكان قد استخدم مبلغاً وضعه جانباً واضطر للاستدانة من أقاربه ليدفع للمهربين 1200 دولار.

ويقول جابر "أريد الدخول إلى تركيا لأتمكن من العمل وتأمين لقمة عيشي لأولادي ولعلاج ابنتي".

وبرغم محاولاته الخمس الفاشلة، يؤكد على أنه سيحاول "50 و60 ومئة مرة حتى أتمكن من الدخول".

ومنذ بدء قوات النظام بدعم روسي هجومها في جنوب إدلب ومناطق محيطة في شمال حماة وغرب اللاذقية، نزح أكثر من 400 ألف شخص إلى مناطق أكثر أمناً وخصوصاً بالقرب من الحدود التركية، وفق الأمم المتحدة.

مخيم أطمة بالحدود السورية التركية
مخيم أطمة الحدودي يأوي ألاف السوريين الطامحين لدخول تركيا

وأسفرت الضربات السورية والروسية التي مهدت ورافقت الهجوم عن مقتل ما يقارب ألف مدني، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. ويسري منذ نهاية أغسطس/آب وقف لإطلاق النار لا يخلو من الخروقات.

وتصر ولاء (25 عاماً) على غرار زوجها، على ضرورة الانتقال إلى تركيا.

وتقول الشابة إن "السبب الرئيسي لخروجي هو طموحي لعلاج ابنتي، عدا عن الخوف والرعب من القصف وأجواء الحرب".

وتضيف "نخاطر بحياتنا وأرواحنا مقابل أن نصل إلى تركيا ولا نتمكن من الدخول".

وبعد ساعات قليلة في المخيم، كانت انطلاقة العائلة مجدداً ترافقهم أصوات أقاربهم "إن شاء الله تصلون بالسلامة".

وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الحالي مجدداً عن رغبته بإعادة ثلاثة ملايين سوري إلى 'منطقة آمنة' يسعى الى إقامتها بالتعاون مع الأميركيين في مناطق في شمال وشمال شرق سوريا.

وقبل شهرين فرّ أبو سلوم النعسان (45 عاماً) مع زوجتيه وأولاده الثمانية من بلدة لطمين في شمال حماة إلى منطقة محاذية للحدود تبعد نحو 50 متراً فقط عن جدار إسمنتي بنته أنقرة على طول الحدود.

اشترى أبو سلوم أرضاً وبنى منزلاً صغيراً لعائلته، إلا أن حلم الذهاب إلى تركيا لم يغب عن باله.

وتعيش العائلة اليوم تحت نظر جنديين تركيين موجودين في غرفة المراقبة فوق السور الإسمنتي، ويقول أبو سلوم إنه "شاهدهما يطلقان نيرانهما أو يوجهان إهانات لكل من يقترب من الجدار.

واختار أبو سلوم هذه المنطقة كونها برأيه الأكثر أمناً لقربها من تركيا التي يأمل أن يعبر إليها، لكن تكاليف التهريب الباهظة تحول دون ذلك.

ويقول الرجل الذي رسمت التجاعيد ملامح وجهه الأسمر "أدخلونا إلى تركيا أو جدوا لنا حلاً، الحياة هنا لا تطاق".