سياسات قادة ايران تدفع بالصادرات النفطية الى حافة الهاوية

البلد النفطي يتمكن فقط من تصدير ما دون 300 ألف برميل يوميا مند بداية يونيو بعد تشديد واشنطن لعقوباتها، في وقت يطالب فيه ترامب دولا مثل الصين واليابان بأن تحمي ناقلاتها النفطية في الشرق الأوسط.
إيران تقلل من آثار العقوبات الأميركية الجديدة عليها قبل الاعلان عنها
ترامب يلمح الى ضرورة تعويض الدول لجهود بلاده في حماية ناقلات النفط في الخليج

لندن - تسببت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على إيران بأضرار كبيرة على صادراتها النفطية وسط انباء تفيد بسعي واشنطن فرض عقوبات جديدة من شانها ان تدفع الاقتصاد الإيراني إلى حافة الهاوية ما ينذر بارتدادات اجتماعية وسياسية.

وأفادت مصادر بقطاع النفط وبيانات تتبع الناقلات أن صادرات الخام الإيرانية هبطت إلى 300 ألف برميل يوميا أو أقل منذ بداية يونيو/حزيران، بعدما شددت الولايات المتحدة العقوبات على المصدر الرئيسي للدخل لطهران.

وقال مصدران في القطاع يرصدان التدفقات إن إيران صدرت نحو 300 الف برميل يوميا في أول ثلاثة أسابيع من يونيو/حزيران، بينما أظهرت بيانات من رفينيتيف ايكون أن شحنات الخام بلغت حوالي 240 ألف برميل يوميا.

وقال أحد المصدرين "إنه مستوى متدن جدا لصادرات الخام الفعلية".

إنه مستوى متدن جدا لصادرات الخام الفعلية

وكانت صادرات النفط الإيراني قد تراجعت من 2.5 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان في العام الماضي لتصل إلى نحو 400 ألف برميل يوميا في مايو/أيار، وهو انخفاض قياسي يبدو انه سيزيد من تعقيد الوضع الداخلي في ايران لكنه سيؤدي في المقابل الى تجفيف تمويل التنظيمات الارهابية والجماعات المتطرفة والمتمردة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا.

والتراجع الحاد في إيرادات النفط من شأنه أن يعطل المشاريع الحكومية ويحرك الجبهة الاجتماعية حيث باتت إيران تعاني من شح في النقد الأجنبي في السيولة في السوق المحلية والتي تعتمدها طهران في تنشيط قطاعاتها الاقتصادية.

وسيكون المواطن الايراني اكبر متضرر من العقوبات المتتالية ما سيؤدي في النهاية الى احتجاج فئات شعبية داخل ايران تنديدا بالتدهور الاقنصادي في اعادة لسيناريوات سابقة مرت بها طهران بسبب سياسات قادتها الصدامية في المنطقة.

ومنذ انسحابها من الاتفاق النووي المبرم في 2015، أعادت واشنطن فرض عقوبات على طهران وأضافت عقوبات جديدة لعزل الجمهورية الإسلامية في مسعى تصفه إيران بأنه "إرهاب اقتصادي".

وفي ظل تصاعد حدة التوتر مع الولايات المتحدة لا تزال طهران تهمل بعض جوانب الاتفاق على الأقل في سياسة تحدي للمجتمع الدولي.

وأكدت الولايات المتحدة أنها تسعى من تشديد العقوبات على ايران إلى "تصفير" صادرات النفط الإيراني لتجفيف المصدر الرئيسي لتمويل الدولة.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية أعلنت الجمعة 7 حزيران/يونيو فرض حزمة جديدة من العقوبات تستهدف أساسا قطاع البتروكيماويات الإيراني ضمن جهود أميركية لقصقصة الأذرع المالية للحرس الثوري وكبح أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وشملت العقوبات شركة الخليج الفارسي للصناعات البتروكيماوية لتوفيرها الدعم المالي للذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني وهو وحدة النخبة العسكرية في إيران والتي تشرف على برنامج الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي.

وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية أيضا شبكة المجموعة القابضة المؤلفة من 39 شركة فرعية للبتروكيماويات ووكلاء مبيعات أجانب.

وفي خضم الوساطات المتواترة من قبل عدد من الدول لحل الازمة، أفاد آخر إخطار نشر على موقع وزارة الخزانة الأميركية على الإنترنت الأربعاء بأن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة تتعلق بإيران على شركة مقرها العراق وفردين.

والعقوبات الجديدة هي الأحدث في سلسلة إجراءات عقابية تستهدف تضييق الخناق على أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

الرئيس الايراني حسن روحاني
ايران تقود حملة دعائية تروج فيها لقدرتها على الصمود في وجه العقوبات الأميركية

وتقود إيران حاليا حملة دعائية تروج فيها لقدرتها على الصمود في وجه العقوبات الأميركية بإعلانات وتصريحات تبدو مبالغ فيها ومغرقة في التفاؤل ضمن إعلانات للاستهلاك المحلي ولتخفيف التوترات في الشارع الإيراني وامتصاص موجة غضب تبدو حتى الآن صامتة لكنها تعتبر قنبلة موقوتة.

لكن الدعاية الايرانية أخفقت في اخفاء الانقسام السياسي في ايران على خلفية تشديد العقوبات حيث تحاول الحكومة الإيرانية مداراة عجزها عن مواجهة تأثيرات العقوبات الأميركية بالترويج للصمود والوحدة والدعوة للمقاومة في الوقت الذي ظهرت فيه شروخ وانقسامات لعل أبرزها تعالي بعض الأصوات المنادية بإقالة وزير النفط بيغن زنغنة الذي يراهن عليها النظام للخروج من ورطة انخفاض الإيرادات النفطية.

وتشير هذه الدعوات إلى وجود خلافات تهز الحكومة الإيرانية، لكن زنغنه نفى قبل اسبوع تقريرا أفاد بنشوب خلاف بينه وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن مبيعات النفط في ظل العقوبات الأميركية، مضيفا أنه سيستمر في منصبه.

والتراجع الحاد في إيرادات النفط من شأنه أن يعطل المشاريع الحكومية ويحرك الجبهة الاجتماعية حيث باتت إيران تعاني من شح في النقد الأجنبي في السيولة في السوق المحلية والتي تعتمدها طهران في تنشيط قطاعاتها الاقتصادية.

وفي الفترة الماضية بدا تأثير العقوبات الأميركية واضحا في بازار طهران الذي يضم عشرات المتاجر التي يتزود معظمها بسلع مستوردة وبالتالي يحتاج التجار إلى إتمام معاملاتهم الخارجية بالعملة الصعبة.

وفرضت الحكومة الإيرانية قيودا صارمة على السلع المستوردة في مواجهة شح النقد الأجنبي، ما أثر على كثير من الأنشطة التجارية ودفع تجار بازار طهران للخروج في احتجاجات قمعتها أجهزة النظام.

وثمة تسريبات تشير إلى أن الحكومة الإيرانية تعمل جاهدة على ترميم الشروخ الداخلية الناجمة عن خلافات مردّها العقوبات الأميركية.

وكان مشرع إيراني قال الأسبوع الماضي إن مشادة نشبت بين زنغنه وروحاني حول هذا الأمر خلال اجتماع لمجلس الوزراء.

ويحاول النظام الايراني ابعاد الأنظار عن خلافاته الداخلية بتوجيه تصريحات حادة ونارية ضد الولايات المتحدة.

وتصاعد التوتر بين طهران وواشنطن منذ الخميس عندما دمر صاروخ إيراني طائرة استطلاع أميركية من طراز جلوبال هوك. وقالت طهران إن إسقاط الطائرة المسيرة تم داخل أراضيها في حين قالت واشنطن إنه وقع في المجال الجوي الدولي.

وقللت طهران الاثنين من الآثار المحتملة للعقوبات الأميركية الاقتصادية الجديدة .

وبعد يومين من إسقاط إيران طائرة مسيّرة أميركية في منطقة الخليج الحيوية، توعّد ترامب السبت بإجراءات جديدة للرد على طهران تشمل "عقوبات إضافية مشددة"، بعدما زعم أنّه ألغى في اللحظة الأخيرة ضربات ضد أهداف إيرانية.

وفي أول رد فعل إيراني على إعلان ترامب حيال العقوبات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي خلال مؤتمر صحافي في طهران "هل لا يزال هناك فعلاً عقوبات لم تفرضها الولايات المتحدة على بلادنا وأمّتنا مؤخراً أو خلال الأربعين سنة الأخيرة؟".

وأضاف "لا نعتبر أنه سيكون لها أي تأثير".

نأخذ بجدية أي عقوبة جديدة ونعتبرها بمثابة خطوة معادية

وتابع موسوي "لا نعرف فعلاً ما هي (هذه العقوبات الجديدة) ولا ماذا يريدون استهداف بعد"، مضيفا "نأخذ بجدية أي عقوبة (جديدة) ونعتبرها بمثابة خطوة معادية تتطابق مع الإرهاب الاقتصادي والحرب الاقتصادية التي تُشنّ ضد أمّتنا".

غير قانونية

وتنفي طهران على الدوام سعيها لحيازة السلاح النووي لكن ترامب، يؤكّد أنه يريد منعها من امتلاك هذا السلاح بشكل سري، ويتّهمها بأنها تريد "تقويض الاستقرار" في المنطقة.

وتعود العقوبات الأميركية الأولى ضد إيران إلى عام 1979 رداً على عملية احتجاز رهائن في سفارة الولايات المتحدة لدى طهران، بعد عشرة أشهر على انتصار الثورة الإسلامية.

ولدى إعلانه عزمه فرض عقوبات جديدة، كتب ترامب على تويتر "لا يمكن لإيران أن تملك أسلحة نووية". وعاد وكرر الاثنين القول بأن على إيران "الكف عن السعي لحيازة السلاح النووي" وعن "رعاية الإرهاب".

لكن موسكو، حليف إيران، اعتبرت أن العقوبات الجديدة التي تستعدّ واشنطن لفرضها "غير قانونية".

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين "نعتبر أن هذه العقوبات غير قانونية. هذا كلّ ما يمكننا قوله"، في وقت تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

وتأجّج التوتر بين طهران والولايات المتحدة مع هجمات لم يعرف مصدرها واستهدفت ناقلات النفط في الخليج في 12 من أيار/مايو و 13 من حزيران/يونيو. وألقت واشنطن باللوم على طهران التي نفت تورطها.

وفي خضم هذه التوترات طالب ترامب الدول الأخرى بأن تحمي ناقلاتها النفطية في الشرق الأوسط بما في ذلك الصين واليابان.

وأضاف على تويتر الاثنين "لماذا إذن نحمي طرق الشحن لصالح الدول الأخرى (لسنوات عديدة) دون أي تعويض.

وتابع "على كل هذه الدول حماية سفنها في رحلة لطالما كانت محفوفة بالمخاطر".

وهدد الحرس الثوري الايراني مرارا باستهداف ناقلات النفط في مضيق هرمز وذلك ردا على تشديد العقوبات.

واتهمت واشنطن وحلفاؤها في المنطقة إيران بأنها المسؤولة عن الاعتداء على ناقلتي النفط وعن تخريب أربعة قوارب في 12 أيار/مايو في الخليج.