سيد خامنئي سلامة عقلك

خزانة الخرافات المروية التي ورثها خامنئي عن أسلافه مليئة. المشكلة في خواء الخزانة الإيرانية الحقيقة القريب.

"إيران هزمت أميركا". هذا ما قاله علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران تعليقا على بدء تنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية.

علينا أن لا نصفه بالعته أو البلاهة أو الجنون أو الغباء أو الخداع. أما أنه يكذب فذلك ليس غريبا على رجل دين إيراني، كل ما في جعبته من مرويات دينية لا تجد لها سندا تاريخيا بل هي جزء من عالم الخرافة الذي اخترعه الإيرانيون عبر العصور ليحل محل أصول الدين.

من الطبيعي إذن أن يكذب خامنئي في شؤون الدين. وهو ما لا يُشكل ظاهرة استثنائية. ومن المطلوب أيضا أن يكذب في شؤون السياسة حفظا للإسرار التي يمكن أن يلحق افشاؤها ضررا بعمل الدولة. ولكنه في مقولته المذكورة سلفا يكذب في شأن مصيري.

ولكن مهلا. علينا أن لا نظلم الرجل.

صحيح أن إيران لا تملك أن تهزم الولايات المتحدة، فميزان القوى ليس في صالحها على جميع المستويات غير أن ما هو صحيح أيضا أنها لم تُهزم على المستويات التي يتمكن المرشد الأعلى من النظر إليها.

أولا: لا يزال الحرس الثوري يمارس بكفاءة سيطرته على الداخل الإيراني ولديه جاهزية عالية لمواجهة أي حدث خارجي طارئ.

ثانيا: حتى وإن كانت الطائرة كوثر تقليدا طبق الاصل لطائرات حربية عفى عليها الزمن فإن الإعلان عن البدء بإنتاجها واستعمالها يشير إلى استمرار إيران في سباق التسلح.

ثالثا: حدثت تطورات كثيرة في مسألة النفوذ الإيراني في المنطقة بحيث صارت إيران تحكم من خلال أذرعها دولا من غير أن ينافسها في ذلك أحد.

رابعا: في مواجهة العقوبات الأميركية هناك دول أوروبية تصر على استمرار علاقاتها الاقتصادية بإيران، وهو ما يشكل شرخا عظيما في الموقف الغربي الذي كانت الولايات المتحدة تعبر عنه في السابق.

كل تلك الوقائع سليمة ولا تشوبها نظرة شك. غير أنها وقائع لا تذهب بعيدا عن السطح. إنها نوع من الاشهار الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة.

وهنا علينا أن نلتفت إلى الواقع الاقتصادي، وهو مربط الفرس كما يُقال.

الاقتصاد الإيراني مضغوط بطريقة متهالكة. هناك الانفاق العسكري وهناك أيضا تمويل الميليشيات الخارجية التابعة للحرس الثوري الإيراني إضافة إلى أن مؤسسة الحرس نفسها قد استولت على الجزء الأكبر من ذلك الاقتصاد ولم تترك للبازار التقليدي إلا هامشا ضيقا للحركة.

من المؤكد أن خامنئي وقد أخذته الحماسة العقائدية بعيدا نسي أن الاقتصاد هو موضوعة العقوبات الأميركية. وإذا ما كانت إيران قد نجحت في تنويع اقتصادها فإن صادرات النفط لا يزال هي العمود الفقري لذلك الاقتصاد.

من غير تلك الصادرات تخسر إيران حربها ضد الخارج. تلك بداهة يدركها أي عاقل.

عمليا فإن على إيران أن تكون مستعدة لمواجهة أوقات عصيبة. في أحسن الأحوال فإنها ستبيع نصف ما كانت تبيعه من النفط. وهو أمر سيكون مؤقتاً.

يومها لن تكفي ايراداتها إلا للإنفاق على برنامجها العسكري وخطط الحرس الثوري في استمرار النفوذ الإيراني في المنطقة. ماذا عن حياة الإيرانيين الذين يقع نصف عددهم عند خط الفقر أو تحته؟

السؤال الأكثر حرجا هو "ما الذي يحدث لو أن الولايات المتحدة أصرت في مرحلة لاحقة على تصفير مبيعات النفط الإيراني، وهو أمر متوقع في ظل اتساع الهوة بين الطرفين الإيراني والأميركي؟"

ستكون الهزيمة الأميركية من وجهة نظر المرشد الأعلى واضحة للعيان.

في حقيقته فإن خامنئي رجل جاهل قُدر له أن يقود دولة دينية لا تصلح أن تحتل مكانا على الخارطة السياسية الدولية.

لقد ظُلمت إيران وتمت خيانتها بوجود نظام ظلامي ورث وجاهل مثل ذلك النظام الذي يقوده علي خامنئي والذي لا يملك في مواجهة حقائق الواقع سوى الجعجعة والكلام الفارغ من أي محتوى والتلويح بالشعارات.

فإيران التي تعاني أصلا من أزمة اقتصادية خانقة لن تنقذها من العقوبات الأميركية جملة يقولها رجل وضع الدين والدنيا في خزانة خرافة المرويات التي ورثها عن أسلافه.